المعارضة الإسرائيلية تطرح مشروع قانون يسلم الفلسطينيين الأحياء التي ضمت إلى القدس سنة 1967

خشية استمرار تزايد سكانها العرب وبحثا عن «عاصمة يهودية ديمقراطية»

TT

المعارضة الإسرائيلية تطرح مشروع قانون يسلم الفلسطينيين الأحياء التي ضمت إلى القدس سنة 1967

بادر النائب يوئيل حسون، من «المعسكر الصهيوني» المعارض، إلى طرح مشروع قانون في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، يدعو إلى إخراج كل البلدات العربية التي جرى ضمها إلى القدس بعد حرب الأيام الستة سنة 1967 من منطقة نفوذ بلدية القدس ونقلها إلى مسؤولية السلطة الفلسطينية.
ويقترح مشروع القانون الذي يحمل اسم قانون «إنقاذ القدس كمدينة عاصمة يهودية وديمقراطية»، نقل بلدات شعفاط والعيسوية وجبل المكبر وبيت حنينا وصور باهر وغيرها، التي يعيش فيها أكثر من 300 ألف فلسطيني. وفي تفسير مشروع القانون، جاء بأن نسبة الجمهور الفلسطيني في القدس تتزايد بشكل متواصل. ففي سنة 1967، شكل الفلسطينيون نسبة 26 في المائة من سكان المدينة، واليوم يشكلون نحو 40 في المائة. وحسب أقواله، فإن ضم هذه البلدات إلى القدس يسبب تعقيدات أمنية نابعة من القدرة على خلق فاصل بين الجمهور المعادي في منطقة عمرانية مكتظة. وحسب مشروع القانون، سيطلب من الحكومة عرض مخطط عملي لإنقاذ طابع القدس كمدينة يهودية وديمقراطية خلال نصف سنة. وبعد ذلك سيكون على الحكومة عرض المخطط للمصادقة عليه في الكنيست كمشروع قانون حكومي.
وقال حسون إن هذه الخطوة ستسمح لإسرائيل بضمان السيطرة الأمنية الكاملة على هذه المناطق، والتحرر من المسؤولية المدنية عن حياة 300 ألف فلسطيني، وإلغاء مكانة الإقامة الدائمة لهؤلاء الفلسطينيين، ومنعهم من التصويت في الانتخابات البلدية. كما سيسمح المخطط بإعادة تعريف الحدود البلدية للقدس بشكل يضمن غالبية يهودية راسخة وسيادة إسرائيلية كاملة.
وقد جاء هذا القانون، ردا على تعديلات قانون «القدس الموحدة»، الذي يطرحه نواب الائتلاف الحكومي، والذي يراد منه تكريس احتلال القدس، عن طريق التخلص من أكبر عدد من الفلسطينيين، والحصول على أكبر قدر من أراضيهم. فالحكومة تبحث في مشاريع قوانين عدة هدفها ضم المستوطنات المجاورة للقدس والواقعة في الضفة الغربية، مثل معاليه ادوميم وبيتار عيليت وغبعات زئيف وأفرات ومستوطنات غوش عتصيون، وإخراج أحياء فلسطينية مثل شعفاط وكفر عقب (نحو 140 ألف نسمة) من مسطح القدس، مع إبقائها خاضعة للاحتلال الإسرائيلي. وتهدف هذه الخطوة إلى زيادة الغالبية اليهودية في المدينة وتقليص عدد الفلسطينيين، حتى لا يتمكن الفلسطينيون من التصويت، مستقبلا، للبلدية والحصول على أكثرية في الرئاسة أو في عضوية المجلس البلدي.
ويبرز في هذا المجال، مشروع قانون يطرحه النائب يوآف كيش من الليكود، والذي يؤيده رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو. وحسب تفسيره للقانون، يقول كيش: «هذا القانون سيعيد للقدس مكانتها كرمز لعاصمة الدولة اليهودية». ومع أنه قال إن هذا المشروع لا يطبق السيادة الإسرائيلية على المستوطنات، ويبقيها خاضعة للجيش أمنيا، إلا أنه وأمثاله من قوى اليمين، يعتبرونه خطوة نحو الضم.
المعروف أن إسرائيل، حال احتلالها القدس، زادت مساحتها البلدية من 6 آلاف دونم إلى 70 ألفا. وضمت إليها مجموعة من القرى الفلسطينية في الضفة الغربية. ثم ضمتها إلى السيادة الإسرائيلية في قانون سن في تلك الفترة، وجرى تعديله مرات عدة، لتثبيت الاحتلال لها. ولكن هذه الخطوة ارتدت إلى نحر أصحاب الفكرة، وصار عدد الفلسطينيين يزيد عن 40 في المائة. ولو أن الفلسطينيين خاضوا الانتخابات البلدية، لكان في مقدورهم الفوز بكتلة بلدية قوية جدا وبسبب وجود متنافسين يهود كثيرين، ربما يفوزون برئاسة البلدية. وقد نشأ وضع كهذا في الانتخابات الأخيرة، وتنادت بعض الشخصيات الفلسطينية لخوض هذه الانتخابات، إلا أن السلطة الفلسطينية اعترضت ومنعت هذه الخطوة، باعتبارها تشكل اعترافا ببلدية الاحتلال. ومع ذلك، فإن أوساطا إسرائيلية قررت تفادي هذا الخطر، فلجأت إلى تقليص عدد سكان القدس العربية، على أمل ضرب عصافير عدة بحجر واحد. فمن جهة تحافظ على أكثرية يهودية ثابتة، ومن جهة ثانية تتقدم خطوة أخرى في ضم المستوطنات إلى إسرائيل.
وسيجري بحث هذه المشاريع في مطلع الدورة البرلمانية الشتوية، في شهر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
يشار إلى أن الكنيست أقر في القراءة الأولى، أول من أمس، قانونا يمنع الانسحاب من أي بقعة في القدس، إلا بتأييد 80 من مجموع 120 عضوا في الكنيست. وقالت النائب شولي معلم، التي قدمت مشروع القانون، إن «القانون يسمح بإجراء تغييرات بلدية في أنحاء المدينة شريطة أن تخضع السلطة المحلية للسيادة الإسرائيلية الكاملة. وبعبارة أخرى، فإن هذا القانون يمنع إمكانية تقديم تنازلات في القدس في إطار اتفاقيات سياسية». كما صادق الكنيست، في القراءة الأولى، على قانون أساس: القدس، الذي يسمح بفصل شعفاط وكفر عقب عن المدينة، بدعوى أنهما منفصلتان فعليا عن القدس.
الجدير ذكره أن الحكومة الإسرائيلية تخطط لبناء 6 آلاف وحدة سكن جديدة في الأحياء الاستيطانية اليهودية في القدس. وقررت لجنة إسرائيلية أمس، المصادقة على مشروع لبناء 2400 وحدة سكن جديدة في المستوطنات القائمة في الضفة الغربية.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.