مسؤول فلسطيني لـ «الشرق الأوسط»: لا حلول وسطاً بشأن المسجد الأقصى

طالب بإزالة جميع الكاميرات والمسارات وفتح البوابات... والأزمة إلى «معركة كسر عظم»

صبي فلسطيني يوزع الطعام دعماً للمتظاهرين الذين يواصلون المرابطة خارج الأقصى منذ أسبوع  (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يوزع الطعام دعماً للمتظاهرين الذين يواصلون المرابطة خارج الأقصى منذ أسبوع (أ.ف.ب)
TT

مسؤول فلسطيني لـ «الشرق الأوسط»: لا حلول وسطاً بشأن المسجد الأقصى

صبي فلسطيني يوزع الطعام دعماً للمتظاهرين الذين يواصلون المرابطة خارج الأقصى منذ أسبوع  (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يوزع الطعام دعماً للمتظاهرين الذين يواصلون المرابطة خارج الأقصى منذ أسبوع (أ.ف.ب)

دخلت أزمة المسجد الأقصى مرحلة «كسر عظم»، بعدما رفض الفلسطينيون الدخول إلى المسجد حتى بعد إزالة إسرائيل البوابات الإلكترونية من على مداخله، رافضين باقي الإجراءات الإسرائيلية في المكان، بما في ذلك إجراء التفتيش الشخصي للمصلين الذي أمر به رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وقال واصل أبو يوسف، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية: «موقفنا واضح جدا، كل التغييرات الإسرائيلية في المسجد الأقصى ومحيطه بعد 14 يوليو (تموز) (إغلاق المسجد) مرفوضة تماما؛ لأنها تهدف إلى فرض سيطرة احتلالية على المسجد».
وأضاف أبو يوسف لـ«الشرق الأوسط»: «البوابات الإلكترونية وبدائلها مرفوضة». وتابع: «الكاميرات الذكية والمجسات والجسور والمسارات لن نقبل بها، صحيح أن إسرائيل أزالت البوابات، لكنها تعمل على بدائل أمنية، وهي تبقي 7 أبواب من أصل 9 مغلقة».
وأردف: «يجب أن يكون مفهوما أن المرجعيات الدينية والرسمية والفصائلية والأهلية رفضت البدائل، ولن تجد إسرائيل فلسطينيا يقبل بالمس بالمسجد».
وجاء حديث أبو يوسف بعد دعوة القيادة الفلسطينية لتصعيد شعبي رفضا لاستمرار إسرائيل في إجراءاتها بحق المسجد الأقصى.
وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس، قال في مستهل اجتماع عقدته القيادة الفلسطينية، الثلاثاء: إن على إسرائيل أن تلغي جميع الإجراءات التي اتخذتها بعد إغلاق المسجد الأقصى في 14 يوليو الحالي، قبل أن يكون هناك أي تغييرات في الموقف الفلسطيني الرسمي والشعبي.
ودعم عباس توجهات أهل القدس قائلا: «إننا معكم في كل ما تفعلون، وأنتم مفخرة لنا». وأكد عباس استمرار قرار وقف التنسيق الأمني.
وقال أبو يوسف موضحا موقف القيادة: «موقفنا أنه لن يكون هناك حلول وسط»
وأضاف: «لن نقبل بذلك، ولن نقبل بالمس بالمسجد الأقصى، وهذه معركة مستمرة وطويلة. المسجد الأقصى هو مسجد إسلامي لا يحق لأحد المشاركة فيه. نحن قررنا تصعيد المقاومة الشعبية، وسنطلب من الفلسطينيين التوجه للصلاة على بوابات المسجد الأقصى يوم الجمعة، ومن لم يستطع ففي ساحات القدس، ومن لم يستطع فأمام الحواجز الإسرائيلية في القدس والضفة وغزة».
وتابع: «لن نقبل بأي تراجع».
ومع تصاعد الموقف الفلسطيني وإصرار إسرائيل على الإجراءات الأمنية، يتوقع أن يشهد يوم الجمعة تصعيدا كبيرا؛ الأمر الذي تحاول جهات دولية وإقليمية تجنبه قدر الإمكان.
ولم يستمع نتنياهو لتحذيرات أمنية إسرائيلية حول سيناريوهات مرعبة متوقعة إذا استمرت أزمة الأقصى.
وأمر نتنياهو وزير الأمن الداخلي، غلعاد أردان، بإصدار توصياته للشرطة بتفتيش جميع المصلين في المسجد الأقصى، بشكل يدوي أو عبر أجهزة تفتيش معدنية محمولة باليد.
وأجرى نتنياهو جلسة مشاورات أمنية عاجلة أمس، مع رئيس الشاباك ومفتش عام الشرطة ووزير الأمن الداخلي لبحث سيناريوهات محتملة قبل وأثناء يوم الجمعة.
ورفض الفلسطينيون أمس، لليوم الـ12، الدخول إلى الأقصى والصلاة فيه، وصلوا في ساحة باب الأسباط أمام المسجد، محولين الساحة إلى ميدان للصلاة والاحتجاج والاعتصام والمواجهات.
ويتدفق المقدسيون إلى ساحة الأسباط كل ليلة، على الرغم من الإجراءات المشددة التي تتخذها إسرائيل في محيط البلدة القديمة، التي تغلقها إسرائيل بحواجز وسواتر وجنود للحد من وصول مصلين ومعتصمين إلى ساحة الأسباط.
وتفجرت مواجهات عنيفة فجر أمس، وهي متكررة ليلياً بين مصلين وقوات الشرطة. وقد هاجمت قوات الشرطة الإسرائيلية المصلين بقوة مخلفة إصابات بينها خطيرة.
ويتوقع أن تمتد المواجهات يوم الجمعة، إلى مناطق أخرى في القدس ومدن الضفة الغربية، مع دعوة صريحة من حركة فتح إلى تصعيد المقاومة الشعبية. فقد قال المتحدث باسم حركة فتح، أسامه القواسمي، إنه من غير المسموح بالنسبة للحركة خسارة هذه المعركة.
وأضاف قواسمي في بيان: «إن الصراع على المسجد الأقصى والقدس هو جوهر الصراع، وهو صراع على السيادة في هذه البقعة التي تعبر عن الهوية الوطنية الفلسطينية بكل مكوناتها الدينية والثقافية والحضارية، ومن غير المسموح شعبيا ولا رسميا، خسارة هذه المعركة بأي شكل كان. وهذا يتطلب من الجميع وحدة وطنية حقيقية بين كل فصائل العمل الوطني والإسلامي، وأن يكون الجميع واعيا لحجم التحديات والخطر المحدق بالكل الوطني الفلسطيني وبقضيتنا برمتها. ويتطلب ذلك أيضا التحاما واضحا مع القيادة الوطنية الشرعية الفلسطينية، المتمثلة بالرئيس محمود عباس، رئيس دولة فلسطين ومنظمة التحرير الفلسطينية، الذي يعبر عن إرادة الشعب الفلسطيني برمته، وهنا نود إعادة التأكيد على مطلبنا لحماس، بأن تأتي للوحدة الوطنية من دون تردد أو مماطلة تلبية لنداء الأقصى والقدس».
وأعاد القواسمي التأكيد على موقف حركة فتح الثابت في حتمية إزالة كل المعيقات التي وضعتها سلطات الاحتلال الإسرائيلية أمام المصلين، وإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل الرابع عشر من الشهر الحالي، وأن هذه الموقف ليس للمساومة أو المفاوضات، و«لن نقبل بالحلول الجزئية أو المرحلية، وأننا سنواصل دفاعنا عن قدسنا ومسجدنا مع أهلنا وشعبنا في القدس الصامد الصابر البطل».
وعقدت فصائل العمل الوطني والإسلامي أمس، لقاء في مكتب نائب رئيس حركة فتح، محمود العالول، وحضور عضوي مركزية فتح، جمال المحيسن وتوفيق الطيراوي. ودعت الفلسطينيين إلى إقامة صلاة الجمعة المقبلة، في الميادين العامة، وإلى نفير عام ومظاهرات تصعيدية ضد الاحتلال في كل فلسطين، نصرة للمسجد الأقصى المبارك.
من جهتها، أنهت اللجنة الفنية التي شكلتها دائرة الأوقاف الإسلامية لفحص التغييرات بداخل المسجد الأقصى المبارك وفي محيطه، تقريرها، أمس، وسلمته إلى مدير الدائرة. وخلصت اللجنة إلى وجود تجاوزات وخروقات تمثلت بوجود جسور وقواعد للكاميرات، ومسارب حديدية في منطقة باب الأسباط، وعلى أبواب المسجد الأخرى، وتقرر أن تستكمل اللجنة عملها داخل أسوار المسجد حينما يتقرر دخوله.

سيناريوهات الشاباك الأربعة «المرعبة»
* وضع الشاباك الإسرائيلي (جهاز الأمن العام) بحسب وسائل إعلام إسرائيلية: «سيناريوهات مرعبة» أمام المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون الأمنية والسياسية «الكابنيت»، إذا لم يجر حل أزمة الأقصى. ودعمت قيادة الجيش موقف الشاباك.
والسيناريوهات هي:
السيناريو الأول: احتمال اندلاع انتفاضة جديدة واسعة.
السيناريو الثاني: أن يشارك تنظيم فتح في مواجهات مباشرة، ويستخدم مقاتلوه الأسلحة، وبخاصة في الخليل.
السيناريو الثالث: في حال بقاء الكاميرات فقد يتجه الوضع نحو حرب مع «حزب الله» في الشمال، ما سيكلف الجيش الإسرائيلي الكثير من الأعباء، في الوقت الحالي.
السيناريو الرابع: احتمال تشكل اتحاد، غير عادي، من العالم الإسلامي، يشمل إيران وتركيا ودول كبيرة.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.