دخلت أزمة المسجد الأقصى مرحلة «كسر عظم»، بعدما رفض الفلسطينيون الدخول إلى المسجد حتى بعد إزالة إسرائيل البوابات الإلكترونية من على مداخله، رافضين باقي الإجراءات الإسرائيلية في المكان، بما في ذلك إجراء التفتيش الشخصي للمصلين الذي أمر به رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وقال واصل أبو يوسف، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية: «موقفنا واضح جدا، كل التغييرات الإسرائيلية في المسجد الأقصى ومحيطه بعد 14 يوليو (تموز) (إغلاق المسجد) مرفوضة تماما؛ لأنها تهدف إلى فرض سيطرة احتلالية على المسجد».
وأضاف أبو يوسف لـ«الشرق الأوسط»: «البوابات الإلكترونية وبدائلها مرفوضة». وتابع: «الكاميرات الذكية والمجسات والجسور والمسارات لن نقبل بها، صحيح أن إسرائيل أزالت البوابات، لكنها تعمل على بدائل أمنية، وهي تبقي 7 أبواب من أصل 9 مغلقة».
وأردف: «يجب أن يكون مفهوما أن المرجعيات الدينية والرسمية والفصائلية والأهلية رفضت البدائل، ولن تجد إسرائيل فلسطينيا يقبل بالمس بالمسجد».
وجاء حديث أبو يوسف بعد دعوة القيادة الفلسطينية لتصعيد شعبي رفضا لاستمرار إسرائيل في إجراءاتها بحق المسجد الأقصى.
وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس، قال في مستهل اجتماع عقدته القيادة الفلسطينية، الثلاثاء: إن على إسرائيل أن تلغي جميع الإجراءات التي اتخذتها بعد إغلاق المسجد الأقصى في 14 يوليو الحالي، قبل أن يكون هناك أي تغييرات في الموقف الفلسطيني الرسمي والشعبي.
ودعم عباس توجهات أهل القدس قائلا: «إننا معكم في كل ما تفعلون، وأنتم مفخرة لنا». وأكد عباس استمرار قرار وقف التنسيق الأمني.
وقال أبو يوسف موضحا موقف القيادة: «موقفنا أنه لن يكون هناك حلول وسط»
وأضاف: «لن نقبل بذلك، ولن نقبل بالمس بالمسجد الأقصى، وهذه معركة مستمرة وطويلة. المسجد الأقصى هو مسجد إسلامي لا يحق لأحد المشاركة فيه. نحن قررنا تصعيد المقاومة الشعبية، وسنطلب من الفلسطينيين التوجه للصلاة على بوابات المسجد الأقصى يوم الجمعة، ومن لم يستطع ففي ساحات القدس، ومن لم يستطع فأمام الحواجز الإسرائيلية في القدس والضفة وغزة».
وتابع: «لن نقبل بأي تراجع».
ومع تصاعد الموقف الفلسطيني وإصرار إسرائيل على الإجراءات الأمنية، يتوقع أن يشهد يوم الجمعة تصعيدا كبيرا؛ الأمر الذي تحاول جهات دولية وإقليمية تجنبه قدر الإمكان.
ولم يستمع نتنياهو لتحذيرات أمنية إسرائيلية حول سيناريوهات مرعبة متوقعة إذا استمرت أزمة الأقصى.
وأمر نتنياهو وزير الأمن الداخلي، غلعاد أردان، بإصدار توصياته للشرطة بتفتيش جميع المصلين في المسجد الأقصى، بشكل يدوي أو عبر أجهزة تفتيش معدنية محمولة باليد.
وأجرى نتنياهو جلسة مشاورات أمنية عاجلة أمس، مع رئيس الشاباك ومفتش عام الشرطة ووزير الأمن الداخلي لبحث سيناريوهات محتملة قبل وأثناء يوم الجمعة.
ورفض الفلسطينيون أمس، لليوم الـ12، الدخول إلى الأقصى والصلاة فيه، وصلوا في ساحة باب الأسباط أمام المسجد، محولين الساحة إلى ميدان للصلاة والاحتجاج والاعتصام والمواجهات.
ويتدفق المقدسيون إلى ساحة الأسباط كل ليلة، على الرغم من الإجراءات المشددة التي تتخذها إسرائيل في محيط البلدة القديمة، التي تغلقها إسرائيل بحواجز وسواتر وجنود للحد من وصول مصلين ومعتصمين إلى ساحة الأسباط.
وتفجرت مواجهات عنيفة فجر أمس، وهي متكررة ليلياً بين مصلين وقوات الشرطة. وقد هاجمت قوات الشرطة الإسرائيلية المصلين بقوة مخلفة إصابات بينها خطيرة.
ويتوقع أن تمتد المواجهات يوم الجمعة، إلى مناطق أخرى في القدس ومدن الضفة الغربية، مع دعوة صريحة من حركة فتح إلى تصعيد المقاومة الشعبية. فقد قال المتحدث باسم حركة فتح، أسامه القواسمي، إنه من غير المسموح بالنسبة للحركة خسارة هذه المعركة.
وأضاف قواسمي في بيان: «إن الصراع على المسجد الأقصى والقدس هو جوهر الصراع، وهو صراع على السيادة في هذه البقعة التي تعبر عن الهوية الوطنية الفلسطينية بكل مكوناتها الدينية والثقافية والحضارية، ومن غير المسموح شعبيا ولا رسميا، خسارة هذه المعركة بأي شكل كان. وهذا يتطلب من الجميع وحدة وطنية حقيقية بين كل فصائل العمل الوطني والإسلامي، وأن يكون الجميع واعيا لحجم التحديات والخطر المحدق بالكل الوطني الفلسطيني وبقضيتنا برمتها. ويتطلب ذلك أيضا التحاما واضحا مع القيادة الوطنية الشرعية الفلسطينية، المتمثلة بالرئيس محمود عباس، رئيس دولة فلسطين ومنظمة التحرير الفلسطينية، الذي يعبر عن إرادة الشعب الفلسطيني برمته، وهنا نود إعادة التأكيد على مطلبنا لحماس، بأن تأتي للوحدة الوطنية من دون تردد أو مماطلة تلبية لنداء الأقصى والقدس».
وأعاد القواسمي التأكيد على موقف حركة فتح الثابت في حتمية إزالة كل المعيقات التي وضعتها سلطات الاحتلال الإسرائيلية أمام المصلين، وإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل الرابع عشر من الشهر الحالي، وأن هذه الموقف ليس للمساومة أو المفاوضات، و«لن نقبل بالحلول الجزئية أو المرحلية، وأننا سنواصل دفاعنا عن قدسنا ومسجدنا مع أهلنا وشعبنا في القدس الصامد الصابر البطل».
وعقدت فصائل العمل الوطني والإسلامي أمس، لقاء في مكتب نائب رئيس حركة فتح، محمود العالول، وحضور عضوي مركزية فتح، جمال المحيسن وتوفيق الطيراوي. ودعت الفلسطينيين إلى إقامة صلاة الجمعة المقبلة، في الميادين العامة، وإلى نفير عام ومظاهرات تصعيدية ضد الاحتلال في كل فلسطين، نصرة للمسجد الأقصى المبارك.
من جهتها، أنهت اللجنة الفنية التي شكلتها دائرة الأوقاف الإسلامية لفحص التغييرات بداخل المسجد الأقصى المبارك وفي محيطه، تقريرها، أمس، وسلمته إلى مدير الدائرة. وخلصت اللجنة إلى وجود تجاوزات وخروقات تمثلت بوجود جسور وقواعد للكاميرات، ومسارب حديدية في منطقة باب الأسباط، وعلى أبواب المسجد الأخرى، وتقرر أن تستكمل اللجنة عملها داخل أسوار المسجد حينما يتقرر دخوله.
سيناريوهات الشاباك الأربعة «المرعبة»
* وضع الشاباك الإسرائيلي (جهاز الأمن العام) بحسب وسائل إعلام إسرائيلية: «سيناريوهات مرعبة» أمام المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون الأمنية والسياسية «الكابنيت»، إذا لم يجر حل أزمة الأقصى. ودعمت قيادة الجيش موقف الشاباك.
والسيناريوهات هي:
السيناريو الأول: احتمال اندلاع انتفاضة جديدة واسعة.
السيناريو الثاني: أن يشارك تنظيم فتح في مواجهات مباشرة، ويستخدم مقاتلوه الأسلحة، وبخاصة في الخليل.
السيناريو الثالث: في حال بقاء الكاميرات فقد يتجه الوضع نحو حرب مع «حزب الله» في الشمال، ما سيكلف الجيش الإسرائيلي الكثير من الأعباء، في الوقت الحالي.
السيناريو الرابع: احتمال تشكل اتحاد، غير عادي، من العالم الإسلامي، يشمل إيران وتركيا ودول كبيرة.