تعزيزات للجيش شرق لبنان مع قرب سيطرة «حزب الله» على مواقع «النصرة»

المفاوضات مع «سرايا أهل الشام» لنقل المقاتلين إلى الرحيبة بالقلمون الشرقي

مقاتل من «حزب الله» اللبناني فوق مرتفعات عرسال أول من أمس يحمل العلم الوطني وعلم الحزب (أ.ف.ب)
مقاتل من «حزب الله» اللبناني فوق مرتفعات عرسال أول من أمس يحمل العلم الوطني وعلم الحزب (أ.ف.ب)
TT

تعزيزات للجيش شرق لبنان مع قرب سيطرة «حزب الله» على مواقع «النصرة»

مقاتل من «حزب الله» اللبناني فوق مرتفعات عرسال أول من أمس يحمل العلم الوطني وعلم الحزب (أ.ف.ب)
مقاتل من «حزب الله» اللبناني فوق مرتفعات عرسال أول من أمس يحمل العلم الوطني وعلم الحزب (أ.ف.ب)

تحدثت مصادر ميدانية لبنانية عن تعزيزات للجيش في مناطق انتشاره في النقاط المقابلة لوجود المسلحين المتشددين في شرق لبنان ترافق مع خفوت زخم المعارك الذي انطلق به «حزب الله» اللبناني في جرود عرسال، المرتبط بتراجع عناصر «جبهة النصرة» إلى بقعة جغرافية ضيقة تقارب مساحتها الـ10 في المائة من مجمل المساحة التي كان يسيطر عليها التنظيم، في وقت تسير فيه المفاوضات على خط «سرايا أهل الشام» الذين يعمل الوسطاء على تأمين خط مرور لهم إلى منطقة الرحيبة في القلمون الشرقي، بينما تحدثت معلومات عن رفض الحكومة اللبنانية أي تفاوض مع «داعش» قبل الكشف عن مصير العسكريين المخطوفين لديه.
وبرز تطور مهم على صعيد المعركة، إذ أفادت إذاعة «صوت لبنان ضبيه» بأن «حزب الله» سيطر على معظم مناطق انتشار «النصرة» باستثناء مرتفعين «يعمل (حزب الله) على استكمال السيطرة عليهما اليوم (مساء أمس)، ويقعان بين مرتفعات وادي حميد وجرود عرسال لعزل مخيمات اللاجئين عن المسلحين»، مشيرة إلى أن «مقاتلين تابعين لـ(النصرة)، انسحبوا باتجاه منطقة معبر الزمراني» في شمال شرقي عرسال، حيث باتوا على مقربة من مناطق نفوذ تنظيم داعش.
وقال مراسل الإذاعة في شرق لبنان عبر رسالة مباشرة، إن «(حزب الله) يثبت انتشاره العسكري في تلك التلال تمهيدا لتسليمها إلى الجيش اللبناني في مرحلة لاحقة». وقال إن الجيش «سيتسلم أمن مخيمات اللاجئين أيضا في وقت لاحق، كما سيؤمن الطرقات إلى المزارع والأراضي الزراعية التابعة لأهالي عرسال في الجرود وحركتهم باتجاه الكسارات».
في هذا الوقت، تحدثت مصادر ميدانية عن تعزيزات للجيش في مناطق انتشاره في النقاط المقابلة لوجود المسلحين المتشددين في شرق لبنان. وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية اللبنانية بأن فوج المجوقل في الجيش اللبناني «عزز مواقعه العسكرية والميدانية مستقدما مزيدا من التعزيزات إلى بلدتي رأس بعلبك والقاع ومحيطهما وسير دوريات مؤللة وراجلة وثبت نقاطا عسكرية جديدة، تحسبا لأي محاولة تسلل أو فرار للمسلحين باتجاه البلدتين».
وبالموازاة، اجتمع وزير الدفاع الوطني يعقوب رياض الصراف في مكتبه في الوزارة بقائد الجيش العماد جوزيف عون. وركز اللقاء على المهمات التي ينفذها الجيش على الحدود الشرقية والإجراءات التي يتخذها لمنع تسلل الإرهابيين، إضافة إلى حفظ أمن أهالي عرسال والنازحين. وهنأ الصراف العماد عون بعيد الجيش، وأثنى على «الجهود التي يبذلها الجيش على الحدود وفي الداخل، والتي أثمرت هدوءا واستقرارا أمنيا». وجدد التشديد على دعم الجيش في كل ما يقوم به.
وفي الوقت الذي يقاتل فيه «حزب الله» المتشددين في هجومه الأخير، أخذ الجيش اللبناني موقفا دفاعيا بحراسة بلدة عرسال القريبة، ولم يشارك بتاتا في المعارك.
وكانت جبهة عرسال شهدت صباحا قصفا مدفعيا وصاروخيا استهدف مواقع النصرة في تلال وادي حميد في جرود عرسال. وذكرت غرفة العمليات العسكرية في «حزب الله» أن المسؤول عن عمليات جبهة النصرة العسكرية عمار وردي قد قتل. هذا، وشن الطيران السوري غارات عنيفة على معبر الزمراني. وأفادت «الوكالة الوطنية» بأن «حزب الله» عمل على تحييد المدنيين بفصل المخيمات عن ساحات القتال منذ ساعات الفجر الأولى وعلى تطويق بعض المناطق والتلال والمرتفعات في وادي حميد تحسبا لمعركة جديدة. كما عمد «حزب الله» للسيطرة على التلال المحيطة بوادي حميد، للسيطرة ناريا على ممرات يشتبه بأنها ستتيح لعناصر «النصرة» التقدم باتجاه المخيمات.
وبينما تواصلت المعارك ضد «النصرة» إثر فشل المفاوضات، كشفت مصادر لبنانية وسورية معارضة لـ«الشرق الأوسط»، عن مباحثات بين «سرايا أهل الشام»، ووسطاء، لتأمين عبور نحو 220 مقاتلا من «السرايا» إلى بلدة الرحيبة الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية في القلمون الشرقي، وذلك بعد إعلانهم الوقوف على الحياد في المعركة الدائرة بين «النصرة» و«حزب الله» في جرود عرسال منذ اليوم الأول للمعارك، ولجوئهم إلى مخيمات اللاجئين السوريين في خراج البلدة. ولم يتحدث المصدر السوري عن تفاصيل، مكتفيا بتأكيد المعلومة عن أن المفاوضات تبحث في نقلهم إلى الرحيبة.
ومقاتلو «سرايا أهل الشام»، تابعون للجيش السوري الحر في القلمون الغربي، ولجأوا إلى مخيمات اللاجئين في خراج بلدة عرسال، وقالوا إنهم موكلون بحماية تلك المخيمات.
مع تلك التطورات، نقلت «رويترز» عن «حزب الله» قوله، إن جبهة النصرة اختفت تقريبا منذ بدء العملية وإن الهدف التالي هو جيب من الأرض يسيطر عليه عناصر تنظيم داعش.
وتحدثت معلومات في لبنان عن أن تنظيم داعش عرض التفاوض مع الدولة اللبنانية، مطالبا بفتح ممر آمن لعناصره للانتقال إلى دير الزور، في وقت رفضت فيه الحكومة أي تفاوض أو مطالب، قبل الكشف عن مصير العسكريين اللبنانيين المحتجزين لدى التنظيم المتطرف.
لكن المتحدث باسم أهالي العسكريين المختطفين لدى «داعش» حسين يوسف، قال لـ«الشرق الأوسط»: لا معلومات حول هذه المبادرة، مشيرا إلى أن «الدولة اللبنانية تشترط منذ البداية تسلم شيء ملموس عن العسكريين قبل الدخول في أي مفاوضات، وهو شرطنا أيضا كأهالي العسكريين المخطوفين».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».