فيديو لثلاثة أسرى... ورقة ضغط تفاوضية لـ«النصرة» بوجه «حزب الله»

تصعيد عسكري في عرسال بعد فشل المفاوضات

مقاتلو «حزب الله» مع أسلحتهم في جرود عرسال قرب الحدود السورية أمس (رويترز)
مقاتلو «حزب الله» مع أسلحتهم في جرود عرسال قرب الحدود السورية أمس (رويترز)
TT

فيديو لثلاثة أسرى... ورقة ضغط تفاوضية لـ«النصرة» بوجه «حزب الله»

مقاتلو «حزب الله» مع أسلحتهم في جرود عرسال قرب الحدود السورية أمس (رويترز)
مقاتلو «حزب الله» مع أسلحتهم في جرود عرسال قرب الحدود السورية أمس (رويترز)

رفعت «جبهة النصرة»، أمس، ورقة ضغط تفاوضية في وجه «حزب الله» اللبناني، إثر نشر فيديو يظهر 3 مقاتلين من الحزب أسروا في عامي 2015 و2016 في ريف حلب، يطالبون فيه الحزب بوقف العمليات العسكرية في جرود عرسال.
وأخرجت «النصرة» هذا الملف بالتزامن مع مفاوضات غير مباشرة، يتوسط فيها الشيخ مصطفى الحجيري لنقل مطالب التنظيم المتشدد في جرود عرسال إلى «حزب الله» والحكومة اللبنانية، وهي المفاوضات التي علقت المعارك العسكرية في الجرود بعدما سيطر الحزب على أكثر من 80 في المائة من مناطق نفوذ «النصرة»، وطوقها في بقعة جغرافية، بانتظار أن تثمر المفاوضات نقل زعيم التنظيم في جرود عرسال أبو مالك التلي ومقاتليه إلى شمال سوريا.
لكن تعليق العمليات العسكرية لم يصمد أكثر من 24 ساعة؛ إذ تجددت المعارك في الساعة الرابعة من عصر أمس بشكل قوي، بعد 24 ساعة من الهدوء، وبدأ على أنه مهلة انقضت أمس.
وقالت مصادر ميدانية في عرسال لـ«الشرق الأوسط» إن المعارك تجددت في الساعة الرابعة عصر أمس، واستخدمت فيها مختلف الأسلحة، ما يؤشر إلى فشل المفاوضات. وإذ أشارت المصادر إلى أن الوسيط الشيخ مصطفى الحجيري لم يعد من الجرود حتى عصر أمس، أشارت المصادر نفسها بمعلومات تحدثت عن «توحّد مقاتلي (النصرة) و(داعش) في المعركة»، وهي التوقعات التي خرجت قبل يومين باحتمال انضمامهما في حال فشل المفاوضات. وغداة إعلان «حزب الله» أن «المعركة باتت على نهايتها»، داعياً مقاتلي «النصرة» للاستسلام «مع ضمان سلامتهم»، تحدثت وسائل إعلام لبنانية عن أن الحزب اشترط أن تعلن «النصرة» استعدادها للانسحاب قبل البحث في آلية نقل المقاتلين من المكان. وأكدت أن الحزب «لم يتلق جواب (النصرة) حول شروطه، وهذا ما دفعه للتصعيد».
وكانت مصادر لبنانية مطلعة على المفاوضات قالت لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إن التلي «يطالب بخروجه مع أسلحته الثقيلة والمتوسطة من المنطقة، وهو ما يرفضه «حزب الله» بعد أن حاصره وسيطر على مقراته»، لافتة إلى أن الحزب «يشترط خروج التلي ومقاتليه من الجرود بأسلحتهم الفردية فقط، بعد إعلان (النصرة) الاستسلام، على أن يضمن الحزب إيجاد ممر آمن لهم إلى الشمال السوري». ودخلت القيادة المركزية لـ«النصرة» على خط التفاوض، أمس، عبر رفع ورقة ضغط على «حزب الله»، مما يؤشر إلى أن التفاوض لم يعد محصوراً بزعيم «النصرة» في الجرود فقط. فقد نشر التنظيم شريط فيديو يظهر 3 مقاتلين من الحزب أسرى لدى التنظيم في الشمال السوري، هم: حسن نزيه طه ومحمد مهدي هاني شعيب اللذان أسرا في بلدة العيس بريف حلب الجنوبي في نوفمبر (تشرين الثاني) 2015، ومحمد جواد علي ياسين، الذي أسر في العيس أيضا في أبريل (نيسان) 2016، يطالبون فيه «حزب الله» بوقف هجومه على القلمون. وبعد التعريف عن أنفسهم، تحدث شعيب في الفيديو، فناشد «الحزب بإيقاف الهجوم على القلمون، وإلا سنكون ضحية هذا الموقف خلال ساعات إذا لم يُلب هذا المطلب». كما طالب الأهالي «بأن يتحركوا ويضغطوا على الحزب لإيقاف هذا الهجوم» الذي يطال «النصرة» في جرود عرسال. وكان شعيب وطه، قد أسرا إلى جانب مقاتل ثالث من «حزب الله» في تلة العيس في نوفمبر 2015، لكن الثالث لم يظهر في الشريط الأخير، بينما ظهر ياسين الذي أسر بعد 5 أشهر على أسر المقاتلين الآخرين.
ميدانياً، تحدثت وسائل إعلام «حزب الله» عن اشتداد المعارك بعد ظهر أمس مع «ما تبقى» من عناصر «النصرة» في جرود عرسال. وذكرت قناة «المنار» أن الهجوم «بدأ باتجاهين للسيطرة على آخر مناطق سيطرة (جبهة النصرة) في جرود عرسال».
وتحدثت مصادر ميدانية بدورها، عن أن الحزب شن هجوماً واسعاً على كل المحاور على مواقع «النصرة» في أطراف وادي حميد ووادي الرهوة.
جاء ذلك بعد ساعات من إعلان «الإعلام الحربي» أن مقاتلي الحزب «أحرزوا مزيدا من التقدم بجرود عرسال وسيطروا على وادي كميل، ووادي حمودي، ومكعبة الفرن، والبيدر، وشعبات النحلة ووادي ضليل البراك». وقالت المصادر الميدانية إن الحزب «نفذ قصفاً متقطعاً خلال فترة الهدوء الحذر، وأقام تحصينات لمواقعه الخلفية والأمامية، وثبت مواقع جديدة في المنطقة التي تقدم إليها في اليومين الأخيرين».
إلى ذلك، أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام»، بأن الصليب الأحمر اللبناني نقل بمواكبة الجيش 9 نازحين من أطفال ونساء من مخيمات عرسال إلى داخل البلدة، بالإضافة إلى نقل امرأة بحالة ولادة من مخيمات وادي حميد إلى أحد مستشفيات المنطقة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».