ملفا الاعتقالات وحرية التعبير يطغيان على الحوار التركي ـ الأوروبي

إردوغان يصعد التوتر مع برلين... والناتو يسعى لنزع فتيل الأزمة

ممثلة الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني ووزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو خلال مؤتمر صحافي ببروكسل أمس (إ.ب.أ)
ممثلة الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني ووزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو خلال مؤتمر صحافي ببروكسل أمس (إ.ب.أ)
TT

ملفا الاعتقالات وحرية التعبير يطغيان على الحوار التركي ـ الأوروبي

ممثلة الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني ووزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو خلال مؤتمر صحافي ببروكسل أمس (إ.ب.أ)
ممثلة الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني ووزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو خلال مؤتمر صحافي ببروكسل أمس (إ.ب.أ)

فرضت قضايا حقوق الإنسان وحرية التعبير واعتقالات الصحافيين والناشطين الحقوقيين في تركيا نفسها بقوة على الاجتماع رفيع المستوى بين أنقرة والاتحاد الأوروبي، الذي عقد في بروكسل أمس بمشاركة كل من الممثل الأعلى لشؤون السياسة الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني، ومفوض سياسة الجوار وشؤون التوسع يوهانس هان، ووزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، ووزير الشؤون الأوروبية كبير المفاوضين مع الاتحاد بالحكومة التركية عمر تشيليك.
وبينما سعى المسؤولان التركيان إلى التركيز على مسألة إلغاء تأشيرة دخول دول الاتحاد الأوروبي (شينغن) للمواطنين الأتراك، بحسب تعهد للاتحاد في إطار اتفاقية اللاجئين الموقعة بين الطرفين في 18 مارس (آذار) 2016، واستئناف مفاوضات الاتحاد الجمركي، ركز مسؤولا الاتحاد الأوروبي على تدهور سيادة القانون في تركيا.
وجاء الاجتماع بعد جولة سابقة عقدت في يونيو (حزيران) الماضي على مستوى كبار المسؤولين من الجانبين، تمهيدا للاجتماع رفيع المستوى الذي يأتي في إطار اتفاق على جدول زمني لتقييم العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي يستمر 12 شهرا. وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ومسؤولين بالاتحاد في بروكسل قد أقروا هذا الاتفاق خلال لقاء في 25 مايو (أيار) الماضي على هامش قمة الناتو، في مسعى لكسر جمود المفاوضات المتوقفة بالفعل بين تركيا والاتحاد الأوروبي.
وتركزت المناقشات خلال الاجتماع على مخاوف الاتحاد الأوروبي بشأن الوضع في تركيا بعد محاولة الانقلاب الفاشلة والاستفتاء على تعديل الدستور، الذي قاد إلى الموافقة على تطبيق النظام الرئاسي وإعطاء صلاحيات واسعة لرئيس الجمهورية، ما أثار ذلك القلق من التوجه إلى نظام سلطوي يقوده إردوغان. ذلك، إلى جانب مناقشة التعاون في مجال الطاقة والهجرة ومكافحة الإرهاب، فيما طرح الجانب التركي مسألة تحرير تأشيرة «شنغن» وإمكانية توسيع إطار اتفاقية الاتحاد الجمركي.
وفي مؤتمر صحافي مشترك عقب الاجتماع، لفت جاويش أوغلو إلى أن الاجتماع بحث مسائل مفاوضات الانضمام للاتحاد الأوروبي، والحوار التركي الأوروبي، والاتحاد الجمركي، والتأشيرات، ومكافحة الإرهاب، لافتا إلى أن أنقرة تعاملت مع قضية الهجرة غير الشرعية في إطار الاتفاقية الموقعة مع الاتحاد الأوروبي. واعتبر أوغلو أن الاتفاقية حققت نجاحا كبيرا، «إلى الحد الذي انخفض معه عدد المهاجرين غير الشرعيين المتجهين إلى اليونان عبر تركيا بنسبة 99 في المائة»، لافتا إلى أن تركيا أوفت بالتزاماتها بشأن الاتفاق، لكنها تواجه بعض الصعوبات جراء عدم وفاء الاتحاد بالتزاماته المالية أو فيما يتعلق بالإعفاء من التأشيرة.
وفيما يتعلق بانتقادات الاتحاد الأوروبي لملف الحريات وحقوق الإنسان في تركيا، قال جاويش أوغلو إن الاتحاد يحصل على معلومات مغلوطة في هذا الشأن لأن الصحافيين الموقوفين في تركيا لم يتم توقيفهم بسبب أداء عملهم الصحافي وإنما بسبب تورطهم في جرائم تتعلق بالإرهاب. وتابع: «نحن مستعدون لتبادل المعلومات، وسوف نحقق نتائج جيدة في المستقبل، كما فعلنا حتى الآن». وأضاف: «كذلك، بالنسبة للاعتقالات التي تتم في إطار حالة الطوارئ فإننا نجري تقييمات حول أوضاع الموقوفين وهم يخضعون لمحاكمات عادلة على الرغم من تورطهم في محاولة انقلاب عسكري على النظام الديمقراطي في البلاد».
من جانبه، وصف يوهانس هان، المناقشات التي جرت خلال اجتماع الأمس بالبناءة، لكنه جدد التأكيد على قلق الاتحاد الأوروبي بشأن الاعتقالات وحرية التعبير في تركيا. وبالنسبة لموضوع اللاجئين، قال هان إن تركيا تبذل جهودا جيدة في هذا الاتجاه وإن الاتحاد الأوروبي ملتزم بشأن تقديم الدعم البالغ 3 مليارات يورو حتى نهاية العام الجاري. أما بالنسبة لإلغاء تأشيرة الدخول للأتراك، فإن الأمر يتعلق بتنفيذ تركيا للشروط والمعايير المطلوبة في هذا الشأن، وهي 77 معيارا لم تحقق منها تركيا سوى 5.
ورفضت أنقرة مطلب الاتحاد الأوروبي بشأن إجراء تعديل على قوانين مكافحة الإرهاب التي يعتقد الاتحاد الأوروبي أنها تستخدم كأداة للضغط على المعارضة، من أجل الموافقة على رفع قيود تأشيرة شنغن للأتراك.
وطالب وزير الشؤون الأوروبية كبير المفاوضين الأتراك بفتح فصلي المفاوضات 23 و24، من الفصول البالغ عددها 35 فصلا، اللذين يتعلقان بـ«القضاء والحقوق الأساسية» و«العدالة والحرية والأمن».كما طالب بالبدء في مفاوضات توسيع الاتحاد الجمركي، والتي لا تزال قبرص تعارضها، لافتا إلى أن توسيع الاتحاد سيكون لصالح الجميع، ومشيرا إلى الموقف الذي وصفه بالبناء لأنقرة تجاه مفاوضات حل المشكلة القبرصية.
وانتقد تشيليك في الوقت نفسه موقف المؤسسات الأوروبية وفي مقدمتها المجلس الأوروبي من حزب العمال الكردستاني وحركة الخدمة التي يتزعمها فتح الله غولن، الذي تتهمه أنقرة بتدبير محاولة الانقلاب الفاشلة، واللتين قال إنهما لا تقلان خطرا عن تنظيم داعش الإرهابي.
بدورها، قالت موغيريني خلال المؤتمر الصحافي إن المناقشات خلال الاجتماع كانت إيجابية للغاية، ونقلنا قلقنا فيما يتعلق بوجه خاص بالاعتقالات وحرية التعبير، مؤكدة أنه يجب على جميع المرشحين لعضوية الاتحاد الأوروبي التمسك بمبادئه وفي مقدمتها الديمقراطية وحقوق الإنسان.
وبينما كان الجانبان التركي والأوروبي يناقشان قضايا المفاوضات والعلاقات بينهما، نظمت منظمة العفو الدولية مظاهرة ضد الرئيس التركي، أمام مقر الاتحاد الأوروبي في بروكسل حيث عقد الاجتماع.
وندد المتظاهرون بانتهاكات حقوق الإنسان في تركيا، مطالبين بالإفراج الفوري عن معتقلي الرأي والتوقف عن تقييد الحريات العامة. وطالبت المنظمة، في بيان لها، الحكومة التركية بالإفراج الفوري عن المعتقلين، الذين التزمت أنقرة بالصمت حيال سبب اعتقالهم، ومكان احتجازهم.
ووجهت منظمة العفو الدولية، خلال الأسبوعين الماضيين، انتقادات للحكومة التركية على خلفية اعتقال مديرة مكتبها، مع عدد من الناشطين في جزيرة تابعة لإسطنبول في 5 يوليو (تموز) الجاري.
وجاء اعتقال مديرة مكتب المنظمة، إيديل إيسر، و9 ناشطين آخرين بينهم ألماني، في جزيرة «بويوكادا» غرب البلاد، أثناء تنظيمهم ورشة عمل تدريبية على الأمن الإلكتروني وإدارة البيانات وأمر القضاء التركي الأسبوع الماضي بحبسهم بتهمة دعم الإرهاب واتهمهم إردوغان بالتخطيط لمحاولة انقلاب جديدة.
كما عقد اجتماع «الحوار السياسي رفيع المستوى» التركي الأوروبي في وقت تصاعد فيه التوتر بين أنقره وبرلين التي أعلنت الخميس الماضي عن «إعادة توجيه» لسياستها إزاء تركيا، بعد توقيف 10 ناشطين حقوقيين في إسطنبول بينهم ألماني.
وسجنت تركيا، بمقتضى حالة الطوارئ التي تفرضها، أكثر من 50 ألف شخص في انتظار محاكمتهم، بينهم مواطن ألماني يعمل مع جماعة لحقوق الإنسان كما تقرر فصل أو قف أكثر من 150 ألفا عن العمل.
وفي دفع مستمر باتجاه تأجيج الأزمة مع ألمانيا، قال إردوغان في كلمة أمام الكتلة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية الحاكم أمس بالبرلمان التركي: «الغربيون يريدون أن يجول عملاؤهم بكل حرية في أراضينا ويضرون شعبنا»، وأضاف: «من يقولون إنه عمل القضاء عندما يتعلق الأمر بإرهابيين يقومون بإيوائهم في بلادهم، يحولون الأمر إلى أزمات دبلوماسية عندما يتم اعتقال عملائهم متلبسين (في إشارة إلى ألمانيا)».
في السياق ذاته، عرض الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) ينس ستولتنبرغ التوسط لترتيب زيارة لنواب ألمان إلى قوات في قاعدة جوية في كونيا (وسط تركيا) في إطار الحلف تدعم التحالف الدولي للحرب على «داعش».



اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.