منشقون عن الحزب الحاكم في تونس يؤسسون حزباً سياسياً جديداً

توقعات بأن يكون منافساً انتخابياً شرساً لكل من «حزب النداء» و«حركة النهضة»

TT

منشقون عن الحزب الحاكم في تونس يؤسسون حزباً سياسياً جديداً

اختارت القيادات السياسية المنشقة عن «حزب النداء» احتفالات الشعب التونسي بالذكرى الـ60 لعيد الجمهورية، للإعلان الرسمي عن حزب سياسي جديد يحمل اسم «حركة تونس أولاً»، وسيكون من أهم المنافسين لـ«حزب النداء»، وأيضا منافسا لـ«حركة النهضة» التي انتقد اندماجها السياسي مع «حزب النداء».
وفي هذا السياق، أكد رضا بلحاج، رئيس الهيئة التأسيسية للحزب الجديد، أن انحراف «حزب النداء»، الذي كان أيضا من مؤسسيه، عن المشروع الحداثي الذي وعد به التونسيين سنة 2012 هو الذي دفع إلى تشكيل حزب جديد، مبرزا أن الهدف الأساسي من وراء تشكيل حزب جديد، يضم عدة قيادات سابقة في «حزب النداء»، هو إعادة التوازن إلى المشهد السياسي والعودة إلى المرجعيات الأساسية للحزب.
وبخصوص أسباب مغادرة قيادات سياسية «حزب النداء» وتأسيسهم الحزب الجديد، قال بلحاج لـ«الشرق الأوسط» إن القيادات المؤسسة للحزب الجديد اقتنعت نهائيا بأن «حزب النداء» انتهى سياسيا بسبب قضية التوريث السياسي المطروحة بقوة، في إشارة إلى سيطرة حافظ قائد السبسي، نجل الرئيس التونسي الحالي على القرار السياسي داخل «حزب النداء»، واتهامه بالانفراد بالرأي.
وأضاف بلحاج أن «حزب النداء» تخلى عن المشروع الحداثي الوسطي مقابل اندماج جزء منه مع «حركة النهضة»، (حزب إسلامي)، وهو ما أدى إلى القطع نهائيا مع «حزب النداء»، والتحرك لتأسيس حزب سياسي جديد، استعدادا للانتخابات البلدية المقبلة المزمع إجراؤها يوم 17 ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
ويضم حزب «حركة تونس أولاً» عدداً مهماً من القياديين السابقين المستقيلين من «حركة نداء تونس»، أهم الأحزاب المشاركة في الائتلاف الحاكم الحالي. وفي هذا السياق، أكد بلحاج أن الأفكار والمبادئ التي انطلق منها «حزب النداء» ما زالت موجودة، موضحا أن «انتكاسة هذه الأفكار كانت بسبب التحالف الذي يكاد يصبح انصهارا بين حركتي (نداء تونس) و(النهضة)، وبعد محاولة فرض التوريث في (نداء تونس)».
وبهذا الخصوص، قال جمال العرفاوي، المحلل السياسي التونسي، إن مهمة الحزب الجديد ستكون عسيرة جدا، «لأنه سيكون في مواجهة آلتين انتخابيتين كبيرتين؛ أي (حزب النداء) و(حركة النهضة)، وتوقع أن يحصل هذا الحزب الجديد على تعاطف جزء من القاعدة الانتخابية لـ(حزب النداء)، خصوصا تلك التي رفضت التحالف السياسي الذي جمع (حزب النداء) مع (حركة النهضة)، إثر اجتماع باريس بين الشيخين الباجي والغنوشي».
وخلال مؤتمر صحافي عقد للغرض، توزعت المسؤوليات السياسية الأساسية على الأعضاء المؤسسين لـ(حركة تونس أولاً)، حيث تولى رضا بلحاج مهمة رئيس الهيئة التأسيسية لهذا الحزب الجديد، في حين أسندت إلى بوجمعة الرميلي منصب رئيس المجلس الوطني، فيما تولى عبد العزيز القطي مهمة أمين مال الحركة، في حين تولى خميس قسيلة منصب أمين عام مكلف الاتصال. ويضم الحزب الجديد 12 عضوا بالهيئة التأسيسية، و70 عضوا بالهيئة السياسية.
وأوضح بلحاج أن هذا الحزب الجديد «ولد حزبا برلمانيا، وهو يضم ثلاثة نواب هم: خميس كسيلة، والناصر شويخ، وعبد العزيز القطي»، مبرزا أن الحزب الجديد «سيعمل على استكمال ما عجز (حزب نداء تونس) عن تحقيقه بسبب مشروع التوريث الذي نسف كامل الحزب»، على حد قوله.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».