دبلوماسيون أكدوا جنسية ثلاث ألمانيات معتقلات ببغداد

برلين تسعى لاستعادة الداعشيات المعتقلات في العراق

الداعشية الألمانية المعتقلة في العراق ليندا فينتزل التي شاعت صورها على صفحات التواصل الاجتماعي («الشرق الأوسط»)
الداعشية الألمانية المعتقلة في العراق ليندا فينتزل التي شاعت صورها على صفحات التواصل الاجتماعي («الشرق الأوسط»)
TT

دبلوماسيون أكدوا جنسية ثلاث ألمانيات معتقلات ببغداد

الداعشية الألمانية المعتقلة في العراق ليندا فينتزل التي شاعت صورها على صفحات التواصل الاجتماعي («الشرق الأوسط»)
الداعشية الألمانية المعتقلة في العراق ليندا فينتزل التي شاعت صورها على صفحات التواصل الاجتماعي («الشرق الأوسط»)

فيما تحدثت النيابة العامة في مدينة دريسدن الألمانية عن تقديم «الرعاية الدبلوماسية» للداعشيات الألمانيات المعتقلات في العراق، ذكرت صحيفة «بيلد» الأوسع انتشاراً، أن المخابرات الألمانية «بي إن دي» تبذل جهوداً مشتركة مع وزارة الخارجية الألمانية لإقناع السلطات العراقية بتسليمهن إلى ألمانيا. أكدت ذلك أيضاً صحيفة «دي فيلت» المعروفة في عددها ليوم أمس، وقالت إن دبلوماسيين ألمانا من السفارة الألمانية التقوا سلفاً بالفتاة ليندا فينتزل وتحدثوا معها.
وقالت متحدثة باسم وزارة العدل الألمانية يوم أمس إن السلطات الألمانية تتحاور مع السلطات العراقية حول «تعاون مشترك» بين الطرفين بخصوص الألمانيات بين صفوف الداعشيات المعتقلات في العراق. وأشارت المتحدثة إلى عدم وجود اتفاق مشترك بين الطرفين حول تبادل المطلوبين.
إلى ذلك أكدت وزارة الخارجة الألمانية أن دبلوماسيين ألمانا أكدوا جنسية فتاتين ألمانيتين أخريين بين المعتقلات لـ«داعشيات» في العراق. وقالت ماريا أدبهار، المتحدثة الرسمية باسم الوزارة، أمس إن دبلوماسيي السفارة الألمانية في بغداد التقوا (أمس) بالفتاتين، بعد أن كانوا قد التقوا بالفتاة الأولى ليندا فينتزل يوم 20 يوليو (تموز) الماضي. وأضافت أدبهار، في المؤتمر الصحافي الأسبوعي الاعتيادي للحكومة الألمانية، أنها لا تستطيع الكشف عن مزيد من التفاصيل قبل أن يلتقي الدبلوماسيون الألمان بالفتاتين. وكان لورينز هازه، النائب العام في مدينة دريسدن، أكد أن الداعشية المعتقلة في العراق، والتي شاعت صورها على صفحات التواصل الاجتماعي، تم تحديد مكانها ومعرفة هويتها في العراق على أنها ليندا فينتزل (16 سنة)، لكنه رفض الحديث عن وضعها بشكل تفصيلي. وأضاف أن ليندا ف. تتلقى رعاية دبلوماسية من السفارة الألمانية. وفتحت النيابة العامة في دريسدن، ولاية سكسونيا، التحقيق ضد ليندا ف. قبل سنة بتهمة العلاقة بتنظيم إرهابي والتحضير لعمل خطير يهدد أمن الدولة. وأوقفت النيابة العامة التحقيق بسبب اختفاء الفتاة، لكن هازه أكد الحديث عن احتمال استئناف التحقيق معها بهذه التهم في حالة تسليمها إلى الجانب الألماني. وعبرت باربرا لوكه، عمدة مدينة بولزنيتس، عن ارتياحها لخبر العثور على التلميذة المختفية ليندا ف. إلا أنها وصفت احتمال عودتها إلى مدينتها في الوقت الحالي بغير المرجح. وأضافت لوكه «سنرى لاحقاً ما يمكن أن يحدث، لا يمكن أن تمر الأمور وكأن شيئا لم يحدث».
ورفضت وزارة الخارجية التعليق على أخبار صحافية تحدثت عن اعتقال ليندا فينتزل في العراق برفقة طفل رضيع، وعن أنها كانت تحمل بندقية لحظة اعتقالها. وكانت هذه التقارير تحدثت عن طفل سيئ التغذية ومنهك برفقة الفتاة عند اعتقالها، لكنها لم تؤكد ما إذا كان ابنها أم لا.
وتحدث راينر فينتزل، عامل البناء من بولزنيتس، والد الداعشية ليندا ف. أنه سمع خبر العثور على ابنته في العراق بينما كان يعمل في بناء الطريق السريع قرب هيرسدورف. وقال لصحيفة «بيلد» إنه أغمي عليه وانخرط في البكاء عندما عرف بأن ابنته ما تزال حية.
عرف الأب باختفاء ابنته من زوجته التي عثرت على إيصال حجز طائرة إلى إسطنبول في غرفة البنت بعد اختفائها، وأضاف أنه يتمنى فقط أن تعود سليمة إلى البيت. ومعروف أن البنت القاصر زورت وثيقة من والديها تتيح لها السفر بمفردها إلى خارج ألمانيا.
من ناحيتها، أكدت ميريام فينتزل، أخت ليندا، أن أختها المختفية اتصلت بها مطلع العام الجاري، وأكدت أنها بخير. وأضافت أنها تعرفت على أختها في الحال من خلال صورها التي نشرت على الإنترنت قبل أيام. وبينما رجحت وسائل الإعلام الألمانية احتمال الحكم على الفتاة بالموت في العراق، قال الخبير في الإرهاب غيدو شتاينبريغ، من معهد العلوم والسياسة الألماني، إن مثول نساء «داعش» أمام المحاكم الألمانية مستبعد، إلا أذا ثبتت مشاركتهن بشكل فعال في التبرع أو القتال. وأضاف أنه من الصعب مثولهن أمام المحاكم إذا كن «ربات بيوت» فقط في بيوت «داعش». وكانت قناتا تلفزيون الشمال «ن د ر» وقناة تلفزيون الغرب «ف د ر»، وصحيفة «زود دويتشه تسايتونغ»، قالت إنها تمكنت من إجراء مقابلة مع الفتاة الموجودة في سجن بمجمع عسكري في بغداد، وتحدثت المراهقة عن رغبتها في المغادرة والابتعاد عن «داعش».
ونقلت وسائل الإعلام عنها قولها: «الشيء الوحيد الذي أريده هو الخروج من هنا. أريد أن أبتعد عن الحرب وعن تلك الأسلحة الكثيرة وعن الضوضاء، أريد فقط العودة إلى منزلي، إلى أسرتي». وتابعت وسائل الإعلام أن المراهقة قالت لهم إنها نادمة على انضمامها للتنظيم الإرهابي، وتريد تسليمها لألمانيا، وإنها ستتعاون مع السلطات.
وكشف الصحافي الذي قابل الفتاة، وهو عراقي يعمل لصالح قناة الشمال، أنها أصيبت بطلق ناري في فخذها الأيسر، ولديها إصابة أخرى في ركبتها اليمنى. وذكرت المراهقة أنها أصيبت خلال هجوم بطائرة هليكوبتر، وقالت، «أنا في حالة جيدة». وقالت إنها لم تخضع للتحقيق بعد، لكنها تريد التعاون مع السلطات. وأضافت أن الجنود العراقيين حسبوها في البداية إيزيدية مستعبدة من قبل «داعش»، لكنها أخبرتهم بأنها ألمانية. وجرت المقابلة بعد أن وافق قاض عراقي على تقديم الرعاية الصحية لأربع نساء ألمانيات تم اعتقالهن في شبكة أقبية تحت مدينة الموصل القديمة بعد تحريرها من قبل الجيش العراقي. وتمت المقابلة بوجود موظف صحي من الجيش الأميركي، وبحضور مجندة من الجيش العراقي وممثل عن النيابة العامة في العراق.
ومن المرجح أن تكون ثلاث ألمانيات أخريات معروفات للسلطات الألمانية بين الداعشيات اللاتي تم اعتقالهن في مدينة الموصل القديمة. وهن سارة و. (16 سنة) من ولاية بادن فورتبيرغن، وليونورا م. (15 سنة) من ولاية سكسونيا أنهالت، وميريف س. (17 سنة) من ولاية هامبورغ. جدير بالذكر أن تقارير دائرة حماية الدستور الألمانية (مديرية الأمن العامة) تشير إلى 930 ألمانياً التحقوا بصفوف «داعش» في سوريا والعراق خلال السنوات الأربع الماضية. تشكل النساء 20 في المائة من الملتحقين، إلا أن نسبة القاصرات بينهن ترتفع إلى النصف. ولقي 145 ألمانياً «داعشياً» حتفه في القتال إلى جانب ميليشيات «داعش».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».