دار كثير من الحديث حول المهاجمين هذا الصيف، لكن بخلاف الفرنسي كيليان مبابي، لا يبدو أن الكثير من الأسماء المثيرة الناشئة تغمر السوق.
وتبعاً لجميع المدربين تقريباً الذين أجريت معهم مقابلات بهذا الخصوص، ناهيك عن الاعتقاد العام الشائع الذي تكون على امتداد أكثر من مائة عام من الحكمة المتراكمة، تبدو المهمة الأصعب داخل ملعب كرة القدم تصويب الكرة داخل شباك الخصم. ومع أن الأمر غالباً ما يبدو سهلاً على نحو خادع، ولا يتجاوز مجرد نقر الكرة لتجاوز خط المرمى هناك أو توجيه كرة عالية بالرأس هنا، فإن الحقيقة تبقى أنه عند المشاركة في أعلى مستويات كرة القدم الاحترافية يجد المهاجم نفسه في مواجهة دفاعات منظمة وحراس مرمى على درجة عالية من التدريب.
وفي ظل الظروف العادية، لا تتاح خلال المباراة فرص تسجيل الأهداف كثيراً، وفي معظم الوقت يشارك الجزء الأكبر من الفريق بصورة أو بأخرى في محاولة خلق مساحة تمهد لشن هجوم. وعليه، فإنه عندما يصل المهاجم أخيراً إلى وجهته المنشودة - أي يقف أمام مرمى الخصم، حسب التعبير الذي يروق للمدرب جوسيب غوارديولا استخدامه كثيراً - يجد ضغطاً هائلاً فوق عاتقه.
ومع هذا، فإن بعض اللاعبين يجدون هذه المهمة يسيرة ويضعون اللمسة الأخيرة على الكرة بصورة تكاد تكون غريزية، مثلما الحال مع جيمي فاردي خلال الموسم الذي اقتنص فيه ليستر سيتي بطولة الدوري الممتاز الإنجليزي. بعد ذلك، كلما أصبحت مسألة تسجيل الأهداف أمراً متوقعاً ومنتظراً من اللاعب، تزداد صعوبة المهمة. ويمكن النظر إلى فاردي نفسه مجدداً الموسم الماضي كمثال على ذلك، أو إلى الإسباني دييغو كوستا وحالة القحط التي أصابته داخل تشيلسي. الملاحظ أن بعض اللاعبين يخرجون من طور المراهقة إلى طور الشباب وهم يبدون وكأنهم ولدوا ليكونوا هدافين، وكمثال على ذلك يمكن النظر إلى روبي فاولر أو مايكل أوين أو واين روني، لكن سرعان ما يكتشفون تنامي صعوبة إبداء الشجاعة والجرأة والحسم الضروريين لتسجيل الأهداف بمجرد أن يصلوا منتصف العشرينيات من العمر كهدافين.
في المقابل، نجد أن اللاعبين الذين يشاركون في الهجوم وتسجيل الأهداف من وقت لآخر يتحسن أداؤهم مع تقدمهم في العمر واكتسابهم المزيد من الخبرة، مثلما الحال مع زلاتان إبراهيموفيتش وجيرمين ديفو خلال الموسم الماضي. المؤكد أن وجود هداف في أي سن جدير بالاعتماد عليه يعد واحداً من الأصول التي لا تقدر بثمن بالنسبة لأي ناد، ولذلك تحديداً دفع مانشستر يونايتد عن طيب خاطر 75 مليون جنيه إسترليني إلى إيفرتون لضمان جني ثمار أفضل سنوات روميلو لوكاكاو داخل الملاعب.
ورغم اعتقاد الكثيرين أن ثمة مبالغة في تقييم سعر اللاعب البلجيكي، خاصة أن قيمة الصفقة سترتفع إلى 90 مليون جنيه إسترليني لدى احتساب النفقات الإضافية والمكافآت، تظل الحقيقة أن ناديا بحجم إيفرتون لم يكن ليتخلى عن الهداف الأول في صفوفه مقابل ثمن بخس. وبينما من المتوقع أن يبقى مانشستر يونايتد مالكاً للمال الكافي للمنافسة في السوق باستمرار على كبار الهدافين، فإنه لن يكون من السهل أمام إيفرتون إيجاد بديل للوكاكو. في الواقع، منذ انضمامه للنادي شكل لوكاكو الصفقة الأهم في تاريخ إيفرتون، وكذلك أصبح الصفقة الأعلى ربحاً لدى رحيله، وما بين اللحظتين اعتمد إيفرتون على مهارته في تسجيل الأهداف على نحو أصبح يشكل حرجاً للفريق ككل. وبينما سجل لوكاكو 25 هدفاً بالدوري الممتاز الموسم الماضي، سجل ثاني أكبر هدافي إيفرتون، روس باركلي، خمسة أهداف فقط. وبعد ذلك، جاء كيفين ميرالاس بأربعة أهداف. من جانبه، علق المدرب رونالد كويمان على ذلك بقوله إن هذا الأداء ليس جيداً بما يكفي، مشيراً إلى أنه يفضل وجود أربعة أو خمسة لاعبين يسهم كل منهم بـ10 أهداف أو يقترب من هذا المعدل، عن وجود لاعب واحد يضطلع بكل مجهود إحراز الأهداف بمفرده. في الواقع، لا تبدو هذه النظرية منطقية فحسب، وإنما أيضاً على وشك طرحها للاختبار هذا الموسم، نظراً لأن كويمان ليس أمامه خيار يذكر على هذا الصعيد، فقد رحل لوكاكو وثمة نقص حاد في البدائل المكافئة له في مهارته.
في الواقع، دار حديث كثير حول المهاجمين هذا الصيف، وإن كانت لم تحدث حركة تذكر في هذا الاتجاه حتى الآن. بوجه عام، يعتبر لوكاكو واحداً من الهدافين القلائل الجديرين بالاعتماد عليهم والقادرين على تغيير مسار ناد بأكمله. في المقابل وحتى هذه اللحظة، لم يفلح ألكسيس سانشيز في تحقيق ذلك، رغم أن تعاقده لم يبق به سوى عام واحد. أما الأرجنتيني سيرغيو أغويرو فسوف يظل داخل مانشستر سيتي، رغم أنه عندما فقد مكانه في الفريق الأول الموسم الماضي، ساد اعتقاد بأنه سيرحل عن النادي سريعاً خلال الصيف. ومن المعتقد أن مانشستر سيتي سيسعى لضم نجم كبير قبل نهاية موسم الانتقالات، رغم أنه عندما يكون أغويرو في صفوف لاعبيك فإنه لن تتوافر أمامك الكثير من الأهداف الواقعية التي يمكنك النظر إليها كإضافة قادرة على تحسين أداء الفريق، وحتى سانشيز نفسه ربما لا يسجل ذات القدر من الأهداف.
أما الكولومبي خاميس رودريغيز لاعب ريال مدريد، فقد اشتراه بايرن ميونيخ، ولكنه لا يملك ذات المهارة في تسجيل عدد كبير من الأهداف مثل أغويرو. أما الغابوني بيير إميريك أوباميانغ، فاحتمالات انتقاله إلى تشيلسي تفوق احتمالات انتقاله إلى مانشستر سيتي، رغم أنه قد أخبر بأنه من المتعذر رحيله عن بوروسيا دورتموند هذا الصيف. ومن المحتمل أن تواجه عزيمة النادي الألماني وتشبثه بموقفه اختبار صعب في مواجهة مائة مليون جنيه إسترليني تقريباً، خاصة أن هذا مبلغ ضخم بالتأكيد مقابل لاعب يبلغ 28 عاماً.
وينطبق القول ذاته على روبرت ليفاندوفسكي نجم بايرن ميونيخ الذي ثارت أقاويل حول احتمالات انضمامه إلى الدوري الممتاز منذ أن تلاشت فرص انضمامه إلى بلاكبيرن تحت قيادة المدرب سام ألارديس عندما كان لا يزال لاعباً في صفوف بوزنان البولندي، وإن كان الواضح الآن أن اللاعب قضى أفضل سنوات مسيرته الكروية بالفعل داخل ألمانيا.
باختصار الملاحظ أن أغلب الهدافين الموجودين في سوق الانتقالات هم اللاعبون الذين ترددت أسماؤهم بالفعل على امتداد السنوات القليلة الماضية. وبخلاف كيليان مبابي، الذي ربما يعد واحداً من المهاجمين القلائل للغاية الذين ربما يستحقون بالفعل مائة مليون جنيه إسترليني، فإن المهارات الشابة الصاعدة والمثيرة بمجال إحراز الأهداف غير متوافرة بكثير في سوق الانتقالات في الوقت الراهن.
المعروف أن آرسنال حطم الرقم القياسي لصفقات شراء اللاعبين لديه من أجل ألكسندر لاكازيت، رغم أن المهاجم الفرنسي البالغ 26 عاماً، لا يمثل اكتشافاً جديداً. ومن غير المحتمل أن يقدم آرسين فينغر على السير على هذا النهج بدفع ضعف هذا المبلغ للتفوق على ريال مدريد في المنافسة الدائرة بينهما للاستحواذ على مبابي. وإذا ما أقدم بالفعل على ذلك، فإن هذا سيمثل تحولاً لافتاً عن النهج المعتاد لمدرب آرسنال الذي لطالما اعتمد على اتصالاته لكشف النقاب عن مواهب فرنسية ناشئة ومغمورة قبل أن تحقق سمعة كبرى أو ترسخ لنفسها قيمة سوقية ضخمة.
وربما حقيقة الوضع ببساطة أن ثمة نقصا حادا في المهارات الشابة بمجال تسجيل الأهداف، سواء داخل فرنسا أو غيرها. من ناحيته، يبدو أن مانشستر سيتي يعول كثيراً على إمكانات البرازيلي غابرييل خيسوس، أو على الأقل هذا ما فعله النادي الموسم الماضي، وإن كانوا يبقون على أغويرو في الجوار تحسباً لأي طارئ.
أما مانشستر يونايتد فلديه بالفعل ماركوس راشفورد، ومع ذلك كان من الضروري له أن يضم لوكاكو ليحل محل إبراهيموفيتش. من ناحيته، أثنى جوزيه مورينيو على مستوى أداء راشفورد في كثير من المناسبات الموسم الماضي، لكنه لم يبد رضا كبيرا إزاء معدل تسجيله الأهداف.
وفي إطار الوضع الراهن للدوري الممتاز، فإنه مع انتقال ديفو إلى بورنموث وعودة روني إلى إيفرتون وإجبار الإصابة وحدها إبراهيموفيتش على الابتعاد، تبدو مهمة تسجيل الأهداف هذا الموسم من نصيب اللاعبين الذين تجاوزت أعمارهم حاجز الـ30. وليس المدافع الشابة الناشئة. ومع هذا، جرت العادة على أن يتمخض كل موسم عن موهبة شابة بمجال إحراز الأهداف. ورغم أننا لا نعرف اسم هذا اللاعب اليوم، فإنه نادراً ما يمر موسم دون ظهور لاعب من هذا الطراز. وهذا الموسم تحديداً، يبدو المجال فسيحاً تماماً أمام ظهور هذه الموهبة المنتظرة.
أصحاب الخبرة يتفوقون على الشباب في خريطة تسجيل الأهداف
بخلاف الفرنسي مبابي لا يبدو سوق الانتقالات يملك الكثير من الأسماء الهجومية المثيرة
أصحاب الخبرة يتفوقون على الشباب في خريطة تسجيل الأهداف
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة