الفصائل الفلسطينية ترحب بقرار عباس تجميد الاتصالات مع إسرائيل... و«حماس» تعترض

السلطة قالت إنها مستعدة لأي رد فعل إسرائيلي

TT

الفصائل الفلسطينية ترحب بقرار عباس تجميد الاتصالات مع إسرائيل... و«حماس» تعترض

لا يستثني إعلان الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) تجميد الاتصالات مع إسرائيل أي شكل من أشكال هذه الاتصالات، بما في ذلك الاتصالات الأمنية، ويعني هذا القرار تحديدا الاتصالات الأمنية المعروفة بالتنسيق الأمني لأنها هي الاتصالات الوحيدة التي تهتم بها إسرائيل، والتي لم تقطعها يوما وظلت ملتزمة بها من بين بنود أخرى وردت في اتفاق أوسلو عام 1993.
وكان عباس منطقيا وذكيا في هذه الخطوة، إذ ربط تجميد الاتصالات لحين «التزام إسرائيل بإلغاء الإجراءات التي تقوم بها ضد الشعب الفلسطيني عامة، ومدينة القدس والمسجد الأقصى خاصة، والحفاظ على الوضع التاريخي»، وذلك في محاولة لزيادة الضغط على إسرائيل لأن قطعها بشكل كامل سيبدو أمرا مختلفا، وله تبعات وتداعيات أخرى مختلفة. ويوجد بين السلطة وإسرائيل أكثر من شكل للاتصالات. لكن يمكن اختصارها تحت عنوانين: اتصالات أمنية وأخرى مدنية، وتتركز الأولى على قضايا أمنية وعسكرية، فيما تتركز الثانية على قضايا مدنية (وزارات وأموال وعلاج وتسهيلات وسفر ومشاريع إلخ). وفي حين تبدو الاتصالات المدنية مهمة وملحة جدا بالنسبة للفلسطينيين، الذين لا يجدون أي حرج منها، فإن الاتصالات الأمنية شكلت لسنين طويلة محل خلاف حاد، وسببا للاتهامات المتبادلة شديدة اللهجة. وقد تردى مستوى الاتصالات كثيرا بين الفلسطينيين والإسرائيليين منذ تأسيس السلطة، لكن بسبب الحاجة الملحة لها بالنسبة للطرفين لم تتوقف يوما ما.
وهذه أول مرة يقرر فيها عباس قطع كافة الاتصالات مع إسرائيل، بما في ذلك التنسيق الأمني، على الرغم من أن قرارات كثيرة وتوصيات متعددة صدرت بقطع هذا التنسيق، كان أهمها من المجلس المركزي لمنظمة التحرير، الذي أوصى في مارس (آذار) 2015 بوقف التنسيق، وهي التوصية التي يفترض أنها ملزمة.
وقال مصدر فلسطيني مطلع لـ«الشرق الأوسط» إن قطع الاتصالات، بما في ذلك التنسيق الأمني، هو رسالة لإسرائيل بأنه لا يمكن استمرار الوضع الحالي، ولا يمكن السكوت عن المس بالمسجد الأقصى، وتغيير الوضع القائم هناك، وهو رسالة أيضا بأن السلطة لن تقبل بالأمر الواقع الحالي.
وكان عباس أعلن في وقت متأخر أول من أمس بعد إعلانه تجميد الاتصالات، أنه يرفض «ما يسمى البوابات الإلكترونية كونها إجراءات سياسية مغلفة بغلاف أمني وهمي، تهدف إلى فرض السيطرة على المسجد الأقصى وتحويل الصراع من سياسي إلى ديني».
ووجه عباس بعد اجتماع طارئ مطول للشعب الفلسطيني وللقيادة الفلسطينية نداء للفصائل، وخاصة «حماس» للارتقاء فوق الخلافات والعمل على وحدة الشعب الفلسطيني، ووقف التراشق الإعلامي، وقال بهذا الخصوص «أطالب حركة حماس بالاستجابة إلى نداء القدس بحل اللجنة الإدارية، وتمكين حكومة الوفاق الوطني من أداء مهامها والذهاب إلى انتخابات».
ولم يعجب خطاب عباس الإسرائيليين الذين دعوه إلى إدانة عملية مستوطنة حلميش التي قتل فيها 3 مستوطنين. لكن عباس لم يفعل. وقال المصدر إن السلطة مستعدة لأي ردود فعل إسرائيلية. فيما يتوقع أن تتأثر قدرة السلطة على تقديم خدماتها للفلسطينيين إذا ما قررت إسرائيل الرد بالمثل على القرار الفلسطيني. وتربط إسرائيل استمرار التنسيق الأمني باستمرار العلاقة، بما يضمن قدرة السلطة على تقديم الخدمات التي يرتبط كثير منها بقرار إسرائيلي.
وتفاوتت ردود الفعل على قرار عباس تجميد الاتصالات. فقد عدت حركة حماس المعارضة أن قرار تجميد الاتصالات مع إسرائيل «بلا معنى من دون إطلاق يد المقاومة ووقف التنسيق الأمني»، وقال المتحدث باسم الحركة سامي أبو زهري في تغريدة على حسابه بموقع «تويتر»، إن «تصريحات عباس لن يكون لها معنى إلا برفع العقوبات عن غزة، ووقف التنسيق الأمني، وإطلاق يد المقاومة في وجه الاحتلال الإسرائيلي».
لكن حركة الجهاد الإسلامي المعارضة كذلك رحبت، حيث رحب زياد النخالة، نائب الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي، بإعلان عباس، ودعا للبناء على هذا الإعلان استعداداً للمواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي.
كما أشادت القوى الوطنية والإسلامية في قطاع غزة، بقرار عباس، وقالت إن قرار عباس تجميد الاتصالات مع الاحتلال خطوة بالاتجاه الصحيح، «داعية إلى تطويرها تطبيقا لقرارات المجلس المركزي ذات الصلة في مارس 2015. وضرورة العمل الجاد والمسؤول على تنفيذ المصالحة وإنهاء الانقسام عبر تنفيذ ما تم الاتفاق عليه بشكل جماعي، واتخاذ ما يلزم من إجراءات لتعزيز صمود الفلسطينيين لمواجهة مخططات الاحتلال».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».