إصابة 72 من عناصر الأمن و11 من المحتجين في مظاهرات الحسيمة

وزارة الداخلية تنفي وفاة متظاهر نتيجة إصابته خلال المواجهات

جانب من المواجهات التي عرفتها مدينة الحسيمة مساء أول من أمس بين المحتجين وقوات الأمن (أ.ف.ب)
جانب من المواجهات التي عرفتها مدينة الحسيمة مساء أول من أمس بين المحتجين وقوات الأمن (أ.ف.ب)
TT

إصابة 72 من عناصر الأمن و11 من المحتجين في مظاهرات الحسيمة

جانب من المواجهات التي عرفتها مدينة الحسيمة مساء أول من أمس بين المحتجين وقوات الأمن (أ.ف.ب)
جانب من المواجهات التي عرفتها مدينة الحسيمة مساء أول من أمس بين المحتجين وقوات الأمن (أ.ف.ب)

في حصيلة أولية للمواجهات التي شهدتها مدينة الحسيمة المغربية أول من أمس، أفاد بيان صادر عن عمالة (محافظة) الحسيمة بأن 72 رجل أمن و11 متظاهرا أصيبوا بجراح خلال هذه المواجهات، موضحا أن مجموعة من الأشخاص، تراوح عددهم بين 300 و400 شخص، حاولوا مساء الخميس تنظيم مسيرة احتجاجية بمدينة الحسيمة رغم القرار الصادر عن السلطات المحلية بعدم السماح بتنظيم المسيرة الاحتجاجية.
وأضاف البيان أن عناصر ملثمة ضمن هذه المجموعة «عمدت إلى استفزاز القوات العمومية ومهاجمتها بالحجارة، مما أدى إلى إصابة 72 عنصرا من هذه القوات بجروح متفاوتة الخطورة، و11 شخصا من المتظاهرين نتيجة استعمال الغازات المسيلة للدموع، تم نقلهم إلى المستشفى لتلقي الإسعافات اللازمة».
وكان نشطاء قد دعوا إلى تنظيم مظاهرة ضخمة أول من أمس بالحسيمة للمطالبة بإطلاق سراح معتقلي الاحتجاجات، التي استمرت على مدى الثمانية أشهر الماضية، منذ وفاة بائع أسماك في شاحنة لتدوير القمامة. غير أن وزارة الداخلية أصدرت بيانا أعلنت فيه منع هذه المظاهرة.
وتمكن الكثير من النشطاء القادمين من مدن أخرى من الدخول إلى مدينة الحسيمة أول من أمس، رغم الحواجز الأمنية التي نصبت في كل مداخل المدينة. وانطلقت مظاهرات متفرقة في مناطق مختلفة من المدينة نحو الساعة الخامسة مساء بالتوقيت المحلي، واجهتها قوات مكافحة الشغب بحزم، مستعملة القنابل المسيلة للدموع لتفريق المتظاهرين، ومنعهم من التوجه إلى ساحة محمد السادس في وسط المدينة.
ونفت وزارة الداخلية مقتل أحد المتظاهرين في أحداث العنف التي عاشتها المدينة، على إثر منع السلطات لتنظيم المظاهرة والتدخل القوي لقوات حفظ الأمن لمنع انطلاق المظاهرات.
وتناقلت شبكات التواصل الاجتماعي صورا لشاب يبلغ من العمر نحو 16 سنة، قيل إن اسمه عماد العتابي، أصيب بقنبلة مسيلة للدموع على مستوى الرأس. وأشارت التقارير إلى أن الشاب أدخل إلى مستشفى محمد الخامس بالحسيمة في حالة غيبوبة.
وأفادت السلطات المحلية لإقليم الحسيمة بأن الشخص المصاب نقل بواسطة طائرة طبية في حالة خطرة إلى المستشفى العسكري بالرباط، رفقة عنصرين من قوات الأمن أصيبا بدورهما بجروح خطيرة خلال الأحداث التي عرفتها المدينة مساء الخميس. وأضاف بيان للسلطات المحلية أن المصابين الثلاثة «يوجدون، عكس ما تم الترويج له، في حالة صحية مستقرة، ويخضعون للعلاجات الطبية الضرورية».
كما شهدت البلدات المجاورة لمدينة الحسيمة أول من أمس صدامات بين متظاهرين وقوات الأمن التي استخدمت الغاز المسيل للدموع، ولجأت إلى القوة لمنع المسيرة التي كانت مقررة منذ فترة طويلة. وقالت مديرية الحسيمة إن «كل الجرحى غادروا المستشفى الذي نقلوا إليه باستثناء اثنين من رجال الأمن تعتبر حالتهما خطيرة».
وأشارت إلى أن «آليتين لقوات الأمن تضررتا وأحرقتا من قبل متظاهرين في أجدير» بالقرب من الحسيمة.
ونقلت وكالة أنباء المغرب عن سلطات الحسيمة أن متظاهرا أصيب بجروح في الرأس «بسبب رشق حجارة»، موضحة أنها فتحت تحقيقا «لمعرفة ملابسات هذا الحادث». وكان مؤيدو الحراك، وهو الاسم الذي يطلق على الحركة الاحتجاجية في منطقة الريف، أبقوا على دعوتهم إلى المسيرة على الرغم من حظر السلطات لها، من أجل المطالبة بالإفراج عن رفاقهم. وقد بدأوا التجمع بعد ظهر الخميس في عدد من نقاط المدينة. لكن قوات الأمن تدخلت بشكل منهجي لتفريق كل تجمع، ما أدى إلى صدامات بين الجانبين.
وهتف المتظاهرون: «يحيا الريف.. يحيا الزفزافي»، في إشارة إلى زعيم الحراك ناصر الزفزافي، الذي أوقف في نهاية مايو (أيار) الماضي، وتمكن عدد من المحتجين من التظاهر بشكل متقطع في حي سيدي عابد وبالقرب من الساحة المركزية في المدينة، لكن قوات الأمن أوقفتهم بسرعة.
وأدان علاش مصطفى، رئيس فرع الرابطة المغربية لحقوق الإنسان في الحسيمة، «العراقيل الكبيرة أمام الحريات»، وقال إنه «منذ بداية الاحتجاج لم تشهد المدينة حالة حصار كهذه»، مشيرا إلى «اعتقال عدد كبير من المتظاهرين».
وبعيد ظهر الخميس بدأت الشرطة في الانتشار في الساحات الكبرى للمدينة، التي أغلقت كل المحلات التجارية فيها تقريبا.
وتحدث صحافيون في المكان أنهم شهدوا اعتقال نحو عشرة أشخاص، بينهم الحميد المهداوي رئيس موقع إلكتروني إخباري محلي، اتهم بأنه «دعا» أشخاصا إلى «المشاركة في مظاهرة محظورة وبالمساهمة في تنظيمها».
وقال عدد من الشهود العيان إن قوات الأمن كانت تقوم منذ يوم الأربعاء بالتدقيق في هويات القادمين إلى الحسيمة واستجوابهم في محاولة لمراقبة الأمن داخل المدينة.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».