«حجب الثقة» عن هدية عباس أول رئيسة للبرلمان السوري

TT

«حجب الثقة» عن هدية عباس أول رئيسة للبرلمان السوري

في سابقة لمجلس الشعب (البرلمان) في دمشق، جرت مناقشات عاصفة انتهت بإقالة رئيسة مجلس الشعب هدية عباس، بعد اتهامها من قبل الأعضاء بـ«مخالفة قوانين المجلس وتجاهل قواعد الديمقراطية» و«تجاوزها رأي الغالبية بالرغبة في مواصلة نقاش» كما منعت قبول اعتراضات الأعضاء.
وهدية عباس أول امرأة تصل إلى رئاسة مجلس الشعب في تاريخ سوريا، كانت قد حصلت على هذا المنصب في يونيو (حزيران) 2016 بالتزكية، في الدورة العادية الأولى للدور التشريعي الثاني، كونها المرشحة المرأة الوحيدة، والتي لم يتم الاعتراض على ترشيحها كما لم يتم التصويت لها.
وأوضح بيان صادر عن المجلس أسباب إقالة هدية عباس، بأنها قامت: «بمنع الأعضاء من تقديم مداخلاتهم وتجاوزت رأي غالبية الأعضاء بالرغبة في النقاش، في الجلسة التي عقدها المجلس صباح الخميس الماضي لمناقشة النظام الداخلي لمجلس الشعب، حيث أعلنت عباس فجأة الانتهاء من نقاش مواد النظام الداخلي قبل الانتهاء منه فعلياً».
ولفت البيان إلى أن عباس دأبت منذ أشهر على التصرف على هذا النحو وبأكثر من نقاش، مما أدى إلى «تراكم خلل كبير نتيجة التصرفات غير الديمقراطية» وأضاف البيان أنه عندما قام بعض الأعضاء بالاعتراض على التصويت والإصرار على أن النقاش قائم، وأن رفع الجلسة وإعلان الانتهاء من النظام الداخلي للمجلس هو تصرف «غير مسؤول ولا قانوني»، منعت رئيسة المجلس «قبول الاعتراضات على التصويت متجاهلة كافة قواعد الديمقراطية ومخالفة للقانون» بحسب تعبير البيان، الذي أفاد أيضا بقيام عدد كبير من أعضاء المجلس بالاعتصام داخل الجلسة لرفض ما حصل، وتقدم 164 عضواً من أعضاء المجلس بطلب إعفاء رئيسة المجلس هدية عباس من منصبها.
وبناءً عليه، انعقد المجلس مساء الخميس، برئاسة نائب رئيس المجلس المخرج التلفزيوني نجدت إسماعيل أنزور، وأصدر قراراً يقضي بإعفاء عباس من منصبها كرئيس للمجلس، وذلك «بإجماع الحضور». ليتولى أنزور كافة صلاحيات رئيس المجلس إلى حين انتخاب رئيس مجلس شعب جديد، وذلك وفقاً للنظام الداخلي للمجلس. ومن المتوقع أن تعقد الأحد المقبل جلسة للترشح لرئاسة مجلس الشعب.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.