الأمن المغربي يطوق الحسيمة لمنع مظاهرة... والمحتجون يتحدون

نشطاء يلتفون على حواجز الأمن باستعمال قوارب مطاطية لدخول المدينة

جانب من الوقفات الاحتجاجية التي عرفتها الحسيمة خلال الأسابيع الماضية (أ.ف.ب)
جانب من الوقفات الاحتجاجية التي عرفتها الحسيمة خلال الأسابيع الماضية (أ.ف.ب)
TT

الأمن المغربي يطوق الحسيمة لمنع مظاهرة... والمحتجون يتحدون

جانب من الوقفات الاحتجاجية التي عرفتها الحسيمة خلال الأسابيع الماضية (أ.ف.ب)
جانب من الوقفات الاحتجاجية التي عرفتها الحسيمة خلال الأسابيع الماضية (أ.ف.ب)

منعت قوات الأمن المغربي، مساء أمس، انطلاق مظاهرة بمدينة الحسيمة جرت الدعوة إليها على صفحات وسائل التواصل الاجتماعي. وأفادت مصادر محلية بأن قوات الأمن التي اكتسحت المدينة بشكل غير مسبوق، تدخلت بقوة لمنع أي تجمهر في شوارع وساحات المدينة والحيلولة دون انطلاق المظاهرة.
وعادت القوات الأمنية بكثافة إلى الحسيمة بعد أن غادرتها قبل أسبوعين، تحسبا للمظاهرة التي كانت مرتقبة مساء أمس، والتي أعلنت وزارة الداخلية قرار إلغائها. وقامت قوات الأمن منذ أول من أمس بتطويق المدينة بحواجز أمنية لمنع وصول النشطاء من المدن والقرى المحيطة بها، ومن باقي المدن المغربية بهدف المشاركة في المظاهرة، والتي تبنتها الفصائل اليسارية الراديكالية بالمغرب. ومنعت الحواجز الأمنية السيارات التي تقل أكثر من راكب واحد من ولوج المدينة. غير أن كثيرا من النشطاء حاولوا الالتفاف على الحواجز، إما سيرا على الأقدام عبر الجبال المحيطة بالمدينة، وإما عبر استعمال القوارب المطاطية ومراكب الصيد التقليدي للولوج إلى المدينة عبر البحر.
وفي تسجيل صوتي منسوب إلى ناصر الزفزافي، أبرز نشطاء الاحتجاجات التي عرفتها الحسيمة خلال الشهور الثمانية الماضية، والمعتقل على ذمة التحقيق في الدار البيضاء، دعا الزفزافي إلى الالتزام بـ«السلمية»، مشيرا إلى أن الأمر الذي أصدره العاهل المغربي الملك محمد السادس بالتحقيق في أسباب تعثر المشاريع التنموية بمنطقة الحسيمة يشكل دليلا على براءة كل المعتقلين على خلفية هذه الاحتجاجات.
ودعا الزفزافي المشاركين في مظاهرة أمس بـ«الحرص كل الحرص على السلمية»، وأضاف قائلا: «أتمنى كل التمني ألا تخرجوا عن نهج السلمية، حفاظا على منطقتكم وحفاظا على البلاد من كيد الكائدين ومن كل من يحقد عليكم»، مؤكدا «الطابع الاقتصادي والاجتماعي والثقافي» للاحتجاجات.
ودافع مصطفى الرميد، وزير حقوق الإنسان، عن قرار منع المظاهرة الذي أصدرته وزارة الداخلية، خلال مشاركته في ندوة بالرباط أول من أمس، وقال إن المظاهرة غير «مصرح بها»، في إشارة إلى أن الدعوة إلى التظاهر تمت عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ولم تقم أي هيئة سياسية أو نقابية بوضع تصريح رسمي لدى السلطات بتنظيم المظاهرة. وأشار الرميد إلى أن ذلك مخالف للقانون، وأنه لو كان الأمر غير ذلك، وكان هناك من صرح بشكل قانوني بتنظيم المظاهرة لكان له موقف مختلف إزاء قرار المنع، الذي أصدرته وزارة الداخلية.
كما أوضح الرميد أنه لا يرى جدوى من المظاهرة المزمع تنظيمها، مشيرا إلى أن انخراط الحكومة في تنفيذ المشاريع التنموية التي تستجيب للمطالب الاجتماعية والاقتصادية للسكان يجعل من الدعوة لها غير ذي موضوع. كما أشار الرميد إلى أن الاحتجاجات السابقة لفتت أنظار الحكومة إلى تعثر البرامج التنموية في المدينة. وأصدر العاهل المغربي أوامره بإحداث لجنة تحقيق حول تأخر هذه المشاريع، إضافة إلى توجيهه للحكومة من أجل تسريع تنفيذها، وقراره إلغاء عطل الوزراء المعنيين بها، وهي كلها قرارات شكلت مؤشرات على الاستجابة والتفاعل مع المطالب الاجتماعية والاقتصادية لسكان الحسيمة.
وأضاف الرميد: «لو كانت لديهم مطالب سياسية لكان الاستمرار في الاحتجاجات مفهوما».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.