بدأ السيناتور الجمهوري جون ماكين، الملقب بـ«المقاتل»، معركة من نوع آخر، فالمعركة ليست سياسية؛ بل أصابت جسده، وخصمه هو ورم سرطاني في الدماغ.
عبر كثيرون أمس عن تخوفهم من أن تكون هذه المعركة الأخيرة، ليرفع بعدها ماكين الراية البيضاء وينهي بذلك قتاله المستمر طيلة 60 عاماً، آملين في أن ينتصر في معركته مع السرطان، ويعود مقاتلاً في ساحات أخرى كما عهده الشعب الأميركي، ويصبح السرطان أحد مخلفات حربه القديمة.
وقال مستشفى «مايو كلينيك» في بيان نشره مكتب ماكين إن السيناتور الجمهوري (80 عاما) خضع الأسبوع الماضي لعملية جراحية لإزالة خثرة دموية فوق عينه اليسرى، وقد أظهرت الفحوصات أن «الخثرة الدموية مرتبطة بورم دماغي أولي يعرف باسم (الورم الأرومي الدبقي)»، وهو أحد أنواع سرطان الدماغ. وأضاف البيان أن «السيناتور وعائلته يراجعان الخيارات العلاجية» المتاحة، مشيرا إلى أن الخيار العلاجي الأنجع قد يكون مزيجا من العلاج الكيميائي والعلاج بالأشعة.
وماكين الذي عانى في العقدين الماضيين من سرطان الخلايا الصبغية (الميلانوما) يخلد للراحة في منزله في أريزونا منذ مغادرته المستشفى. وأكد بيان المستشفى أن «أطباء السيناتور يقولون إنه يتعافى من العملية (بطريقة مذهلة) وإن حالته الصحية العامة ممتازة».
ولم يكن خبر إعلان إصابة السيناتور ماكين بالمرض سهلاً في الأوساط السياسية الأميركية؛ إذ هبّ عدد من وسائل الإعلام والسياسيين لدعمه وتكريمه ردا للجميل - كما يعده البعض - على سنوات خدمته الطوال الممتدة 60 عاماً، التي بدأها بالعمل العسكري في عام 1958 بالبحرية الأميركية حتى عام 1981.
وعبر سياسيون أميركيون بارزون عن دعمهم لماكين؛ إذ قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب في بيان: «السيناتور جون ماكين كان دائما مقاتلا... ميلانيا وأنا نصلي من أجل السيناتور ماكين، وسيندي وأسرتها بالكامل، متمنين له الشفاء العاجل».
من جهته، قال أوباما عبر «تويتر» إن «جون ماكين بطل أميركي، وواحد من أشجع المقاتلين الذين عرفتهم. السرطان لا يعرف من الذي يواجهه. اجعل حياته جحيما يا جون».
وانتقل السيناتور البالغ من العمر 80 عاماً من البحرية الأميركية إلى ساحات السياسة ودهاليزها، مقاتلاً وفق طريقة أخرى بصفته نائبا في مجلس النواب بالكونغرس ممثلاً عن ولايته الأم أريزونا (جنوب غربي أميركا)، ثم بعد ذلك سيناتوراً في مجلس الشيوخ في عام 1983 حتى اليوم.
وخلال 35 عاماً قضاها السيناتور جون ماكين في مجلس الشيوخ، ظلّ ينافح ويدافع عن المؤسسات العسكرية التي كان في يوم من الأيام أحد أبنائها، مطالباً بزيادة الإنفاق على تصنيع الأسلحة الأميركية، وزيادة الميزانية المخصصة لوزارة الدفاع وكل القطاعات العسكرية الأخرى؛ إذ عُرف برئاسته للجنة الخدمات العسكرية طيلة فترة خدمته في مجلس الشيوخ، ومشاركاته عضوا في اللجان الأخرى، وهذا ما مكّنه من اكتساب سمعة واسعة بين الفريقين الجمهوري والديمقراطي.
ربما لم يحالف الحظ السيناتور ماكين ليصبح رئيساً للولايات المتحدة الأميركية في الانتخابات الرئاسية عام 2008 أمام منافسه الديمقراطي الرئيس السابق باراك أوباما، إلا أنه لم يعلن استسلامه وخروجه من الساحة السياسية؛ بل ظل مساهماً وفعّالاً في دهاليزها حتى اليوم الأخير قبل إجراء عمليته في مستشفى أريزونا. ومما يحسب له أنه قضى عيد الاستقلال الوطني لأميركا كاملاً بين صفوف الجيش الأميركي في أفغانستان بداية الشهر الحالي، مصطحباً معه عدداً من السياسيين الأميركيين في مجلس الشيوخ الأميركي.
ورغم نصح الأطباء للسيناتور جون ماكين بالاهتمام أكثر بصحته ورعايتها، فإن ماكين غرّد أمس عبر حسابه في «تويتر» بالشكر لمن سأل عنه، وتوّعد المرض بالقضاء عليه والعودة للعمل قريباً.
وعُرف عن السيناتور الجمهوري قربه ومعرفته بالساحة السياسة في منطقة الشرق الأوسط وعلاقته مع قادة ورؤساء العرب؛ إذ كان قبل شهر زائراً لأبوظبي والتقى ضمن وفد من مجلس الشيوخ الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي، وقبل ذلك التقى بالملك سلمان بن عبد العزيز في زيارة له إلى السعودية.
وعُرف عنه أيضاً انتقاداته المستمرة لسياسات الرئيس السابق باراك أوباما في التعامل مع الحرب ضد الإرهاب والجماعات الإرهابية في العراق وسوريا وأفغانستان، كما أعلن الشهر الماضي عن اعتراضه على سياسات قطر في دعمها للإرهاب، مشدداً على ضرورة تغيير الدوحة سياساتها في المنطقة، وقال آنذاك: «لقد حاولوا أن يلعبوا وسيطاً بين كل الأطراف والمنظمات الإرهابية، وأميركا على علم بدعمها للإرهاب».
السيناتور جون ماكين مصاب بسرطان في الدماغ
ترمب وأوباما يصفانه بـ«المقاتل» ويتمنيان له الشفاء العاجل
السيناتور جون ماكين مصاب بسرطان في الدماغ
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة