الحريري يعلن عن «عملية مدروسة» للجيش في جرود عرسال

عقاب صقر ينفي وجود تنسيق مع دمشق

TT

الحريري يعلن عن «عملية مدروسة» للجيش في جرود عرسال

منح رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري، أمس، الجيش اللبناني، تفويضاً سياسياً لتنفيذ «عملية مدروسة» في جرود عرسال، بموازاة استعدادات «حزب الله» لتنفيذ عملية عسكرية في الجانب السوري من الحدود، تسعى لإبعاد عناصر تنظيمي «جبهة النصرة» و«داعش» من المنطقة الحدودية بين لبنان وسوريا.
وأكد الحريري، من مجلس النواب، أن «الجيش اللبناني سيقوم بعملية مدروسة في جرود عرسال، والحكومة تعطيه الحرية»، مشدداً في الوقت نفسه على أنه «لا تنسيق بين الجيشين اللبناني والسوري»، بحسب ما نقلت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية اللبنانية.
ومنعاً لأي تأويل لكلام الحريري، أوضح عضو كتلة «المستقبل» النيابية النائب عقاب صقر، أن تصريح الحريري جاء رداً على قول أحد النواب إن هناك تعاوناً بين الجيشين اللبناني والسوري في غرفة عمليات مشتركة. وشدد صقر في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، على أن الحريري «نفى وجود أي تنسيق مشابه أو أي تعاون»، مؤكداً أن الحكومة اللبنانية تعطي غطاء للجيش حصراً «لحماية الأراضي اللبنانية والمواطنين اللبنانيين والنازحين السوريين ضمن حدود السيادة»، وهو تفويض «للدفاع عن الأرض والمواطنين والنازحين»، وأن «الجيش يختار عسكرياً ما يجده مناسباً».
وأكد صقر أن الحريري «يؤكد أن لا غطاء لـ«حزب الله» في معركته من قبل الحكومة اللبنانية، وأن حماية الأرض والمواطنين واللاجئين السوريين هي مهمة ملقاة على عاتق الجيش اللبناني حصراً». وأضاف صقر: «أشار الحريري إلى إمكانية ألا نصل إلى معركة، بالنظر إلى مفاوضات وتسويات تجري مع بعض الجماعات في الجرود الحدودية، لا علاقة للحكومة اللبنانية بها، قد تفضي إلى رحيل المجموعات المتطرفة بلا معركة».
وإذ أشار إلى محاولات «لاستغلال كلام الحريري وتطويعه وأخذه على غير محمله بهدف خلق بلبلة، والإيحاء بأن الحريري يغطي العمل العسكري لـ(حزب الله)» في المنطقة الحدودية بين لبنان وسوريا، جدد صقر تأكيده أن الحريري «ينزع أي شرعية عن أي عمل عسكري يقوم به أي أحد غير الجيش، ولا يوفر أي غطاء لـ(حزب الله)».
وأكد عضو كتلة «المستقبل» النائب محمد قباني بدوره، أن الحريري لا يعطي غطاء لـ«حزب الله» في معاركه، مشدداً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على أن الحريري «أعطى الجيش اللبناني تفويضاً للتصرف بما يراه مناسباً»، لافتاً إلى أن هذا التفويض «ليس جديداً، ويكرر الحريري تأكيده عليه بأن لا غطاء إلا للجيش اللبناني».
وتنتشر عناصر تنظيمي «داعش» و«جبهة النصرة» ضمن التلال والجرود الحدودية بين لبنان وسوريا في شرق لبنان، ويستعد «حزب الله» اللبناني وقوات النظام السوري لخوض معركة ضدهم من الجهة السورية للحدود المحاذية لجرود فليطة السورية، الممتدة إلى المنطقة الحدودية اللبنانية، التابعة إدارياً لجرود عرسال.
وأوضح مصدر أمني لبناني أن تكليف الجيش من قبل رئيس الحكومة «يقتصر على مواجهة التنظيمات الإرهابية ضمن الأراضي اللبنانية»، مشيراً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الخطة العامة للجيش تقضي بأن يردع الجيش أي محاولات لتسلل العناصر الإرهابية باتجاه العمق اللبناني، أو التسرب عبرها»، مشدداً على أنه «ممنوع أن يدخلوا إلى لبنان، سواء كانوا مجموعات أو أفراداً، والجيش على جهوزية كاملة لمواجهتهم».
ورغم أن مصادر متعددة تلتقي على أن المعركة التي يستعد لها «حزب الله» ستكون، في معظمها، داخل الأراضي السورية، فإن المصدر الأمني قد قال إن الجيش يتعاطى مع ارتدادات المعركة بكل جدية، لافتاً إلى أنه من ضمن الاحتمالات الواردة «هروب المقاتلين المتطرفين ومحاولتهم اللجوء إلى مخيمات اللاجئين السوريين في عرسال وعلى أطرافها»، إضافة إلى احتمال آخر يتمثل في «ضرب مخيمات اللاجئين أو قصفها، والقيام بحملة مضادة للجيش اللبناني للضغط عليه»، مشدداً على أن هؤلاء المقاتلين المتطرفين «مجموعة من المجرمين، لا شيء يردعهم عن قتل المدنيين لحماية أنفسهم، وهي احتمالات موضوعة بالحسبان».
في هذه الأثناء، أكدت مصادر ميدانية في شرق لبنان لـ«الشرق الأوسط»، أن طائرات استطلاع من دون طيار، تابعة للجيش اللبناني، كثفت تحليقها خلال الأيام الثلاثة الماضية لمراقبة الحدود، ومنع تسلل العناصر المتشددة إلى الداخل، ورصد تحركات المقاتلين في الجرود، لكن المصدر الأمني أكد أن طائرات الجيش «تحلق ليلاً نهاراً، ولا شيء استثنائي على تلك المهام الاستطلاعية، حيث كثفت التحليق فوق المنطقة منذ وقت طويل، وتستمر بالمهام وستواصله».
في هذا الوقت، تتواصل استعدادات «حزب الله» لتنفيذ العملية العسكرية في جرود القلمون الحدودية مع لبنان، انطلاقاً من الأراضي السورية، بعد فشل المفاوضات التي كان يقودها أبو طه السوري لإخراج المدنيين السوريين من المنطقة وإعادتهم إلى قراهم في القلمون.v



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.