يرى قادة الميليشيات المسلحة في مناطق جنوب شرقي أوكرانيا، أن «الدولة الأوكرانية» بشكلها الحالي انتهت، وعوضا عن ذلك سيصبح اسمها «مالوروسيا»، أي (روسيا الصغرى). هذا ما أعلن عنه ألكسندر زاخارتشينكو، رئيس ما يسمى «جمهورية دونيتسك المعلنة من جانب واحد»، إضافة إلى ممثلي 19 مقاطعة أوكرانية. وأصدر هؤلاء نص وثيقة دستورية للدولة الجديدة، أعلن عنها ألكسندر تيموفييف، نائب رئيس الحكومة، وجاء فيها: «نحن، ممثلي أقاليم أوكرانيا السابقة، نعلن تأسيس دولة جديدة، تكون وريثة قانونية لأوكرانيا. واتفقنا على أن تحمل الدولة الجديدة اسم مالوروسيا؛ لأن تسمية أوكرانيا فقدت مصداقيتها». وتم تحديد مدينة دونيتسك عاصمة للدولة الجديدة، بينما تصبح كييف مركزها الثقافي - التاريخي. وبعد «الإعلان الدستوري» عبر زاخارتشينكو عن قناعته بأن قيام مالوروسيا يمثل مخرجا سلميا من الأزمة الأوكرانية الحالية، وأن سلطات كييف فاقدة للشرعية وعاجزة عن وقف الحرب.
ويأتي هذا التطور في وقت تستمر فيه الجهود الدولية لتسوية النزاع المسلح في جنوب شرقي أوكرانيا، على الرغم من فشل كل المحاولات السابقة لفرض آلية لتنفيذ اتفاق مينسك الخاص بتسوية النزاع في تلك المنطقة. ويبدو أن القوى السياسية هناك لم تعد تعلق الآمال على اتفاقيات مينسك، لذلك قررت اتخاذ خطوة جديدة. وقال زاخارتشينكو إن «الوضع وصل إلى طريق مسدود»، ووصف الإعلان عن مالوروسيا بـ«خطة لإعادة اندماج البلاد»، و«مخرج من الحرب عبر إعادة تأسيس الدولة»، وأضاف أن «هذا مخرج سلمي لكنه يتطلب عدة شروط، أولها أن يحظى بدعم الأوكرانيين أنفسهم»، وأكد أن «مشاورات جرت بهذا الشأن مع النخب السياسية ورجال الأعمال في الأقاليم» قبل اتخاذ قرار إعلان الدولة الجديدة، وعبر عن أمله في الحصول على تأييد المجتمع الدولي.
وتنوي سلطات «الدولة الجديدة» إعلان حالة طوارئ في «مالوروسيا» لمدة ثلاث سنوات، وحظر نشاط أي أحزاب سياسية، وذلك تفاديا للفوضى، حسب قول زاخارتشينكو، الذي أكد أن «تحقيقا دوليا سيبدأ خلال فترة الثلاث سنوات، للكشف عن ملابسات الجرائم في أوديسا، وفي ساحة الميدان في كييف، وفي دونباس (أي مناطق جنوب شرقي أوكرانيا)». كما أعلن الكاتب الروسي الشهير زاخر بريليبين في صفحته على «فيسبوك» عن تأسيس مالوروسيا. ومعروف أن بريليبين قرر الانضمام إلى الميليشيات التي تقاتل في جنوب شرقي أوكرانيا بدعم من روسيا. ويشير بريليبين على صفحته إلى جزء من دستور الدولة الجديدة، الذي ينص على أن «مالوروسيا دولة خارج الأحلاف، وتعترف بشرعية الاستفتاء على ضم القرم إلى قوام الاتحاد الروسي». وتنوي الدولة الجديدة العمل على استئناف نشاطها ضمن رابطة الدول المستقلة، والعمل على الانضمام إلى الدولة الاتحادية الروسية - البيلاروسية.
وفي أولى ردود الفعل، أعلنت موسكو أن المبادرة بإقامة دولة مالوروسيا لا تتوافق مع عملية مينسك الخاصة بتسوية النزاع في شرق أوكرانيا، ورأت أن «الإعلان عن الدولة الجديدة جزء من الحرب الإعلامية حول هذه القضية». وقال بوريس غريزلوف، ممثل روسيا لدى مجموعة الاتصال الدولية لتسوية الوضع في أوكرانيا، في تصريحات أمس، إن هذه المبادرة لا تتوافق مع عملية مينسك، واعتبر هذا الأمر مجرد دعوة للمناقشة؛ لأن هذا الإعلان لا تبعات قانونية له. وعبر عن قناعته بأنها مبادرة مرتبطة، على الأرجح، بالحرب الإعلامية وليست جزءا من السياسة الواقعية. وأشار المسؤول الروسي، في الوقت ذاته، إلى أن الإعلان عن إقامة دولة مالوروسيا ربما يكون «ردا على التصريحات الاستفزازية، التي يدلي بها المسؤولون السياسيون رفيعو المستوى في كييف، وتعتبر غالبا غير مقبولة على الإطلاق». وقال مصدر مقرب من الكرملين في حديث لصحيفة «آر بي كا» الروسية، إن فكرة ألكسندر زاخارتشينكو حول تأسيس دولة جديدة اسمها مالوروسيا، كانت غير متوقعة وشكلت مفاجأة للكرملين. وأكد المصدر أن تلك الفكرة لم تكن فكرة فلاديسلاف سوركوف، المسؤول في الكرملين عن الملف الأوكراني، وإنما «فكرة زاخارتشينكو والمقربين منه». من جانبه قال الخبير الروسي أليكسي تشيسناكوف، المقرب من سوركوف، إن «الإعلان عن الدولة الجديدة يبدو فكرة أدبية أكثر من كونها فكرة سياسية، ولا تمت مبادرة تأسيس مالوروسيا للواقع السياسي بصلة». وعبر عن قناعته بأن «الإعلان أثار كثيراً من الضجيج، لكن بعد شهر سينسى الجميع مالوروسيا، بما في ذلك أصحاب الفكرة أنفسهم». كما انتقد أندريه بورغين، رئيس البرلمان في دونيتسك سابقاً الإعلان عن الدولة الجديدة، وقال: «هذا إعلان سياسي لا أساس له»، موضحاً أن «مالوروسيا لا علاقة لها بمنطقة دونيتسك، وكانت منطقة حكم ذاتي بولندية. أما جنوب شرقي أوكرانيا فكان تابعا لروسيا».
من جانبه، وردا على الإعلان عن الدولة الجديدة، تعهد الرئيس الأوكراني بيوتر بوروشينكو، بفرض السيادة واستعادة السيطرة على جميع أراضي دونباس، وقال إن مصير مالوروسيا سيكون نفسه مصير «نوفوروسيا» في إشارة إلى «الدولة» التي أعلنت القوى في جنوب شرقي أوكرانيا عن تأسيسها بداية الأزمة، وبقيت حبراً على ورق.
الإعلان عن تأسيس {روسيا الصغرى} في دونيتسك ولوغانسك
الكرملين نأى بنفسه عنها والخبراء يصفونها بمشروع أدبي لا سياسي
الإعلان عن تأسيس {روسيا الصغرى} في دونيتسك ولوغانسك
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة