رغم إعلان الحكومة العراقية تحرير مدينة الموصل بالكامل من مسلحي «داعش» منذ تسعة أيام (في 10 يوليو/تموز الجاري)، فإن المعارك لا تزال مستمرة بين ما تبقى من جيوب للتنظيم في آخر منطقتين من الموصل القديمة وقوات الأمن العراقية. وفيما كشفت مصادر أمنية أن عدد المسلحين المتبقين لـ«داعش» في المدينة القديمة يبلغ نحو 250 غالبيتهم من الأجانب وعوائلهم الذين ينفذون عمليات انتحارية ضد القطعات العسكرية، انشغلت ألمانيا بأنباء عن العثور على 5 «داعشيات» ألمانيات بين المعتقلات في الموصل.
وقال هاوكار الجاف، المسؤول في مركز تنظيمات الاتحاد الوطني الكردستاني في الموصل، لـ«الشرق الأوسط»: «قبضت قوات مكافحة الإرهاب على نساء وأطفال لمسلحي (داعش) الأجانب الذين جاءوا إلى العراق من أوروبا ودول أخرى، بما في ذلك أجانب من أصول عربية، بعد سيطرة التنظيم على الموصل وفرض سلطته على مساحات واسعة من أراضي العراق وسوريا في يونيو (حزيران) 2014».
وأشار إلى أن قوات مكافحة الإرهاب والقوات العراقية الأخرى كثّفت عملياتها في منطقتي القليعات والشهواني المحاذيتين لنهر دجلة، حيث ما زال هناك وجود لمسلحي التنظيم وعوائلهم. وأفادت معلومات لـ«الشرق الأوسط» بأن المعارك مستمرة بين مسلحي «داعش» والقوات العراقية التي تتقدم بحذر بسبب كثافة العبوات الناسفة التي زرعها المسلحون في آخر أزقة المدينة، وبسبب وجود أعداد من المدنيين المحاصرين من مسلحي التنظيم الذين يختبئون في أقبية المنازل القديمة ويتحصنون بالمدنيين للحؤول دون إلقاء القبض عليهم أو قتلهم. ورغم ذلك، توجّه مروحيات الجيش العراقي بين الحين والآخر ضربات صاروخية لتجمعات «داعش» الذين يخوضون قتالا حتى الموت ضد القوات المتقدمة في اتجاههم.
وفي هذا الإطار، تحدث الجاف عن استسلام عدد من زوجات مسلحي التنظيم الأجانب بعد مقتل أزواجهن، حيث سلّمن أنفسهن طوعا مع أطفالهن، في حين ألقت قوات الأمن القبض على بعضهن، كما لجأت أخريات إلى تفجير أنفسهن وأطفالهن بالقوات المتقدمة، لافتا إلى أن لدى الحكومة العراقية برنامجا مخصصا للتعامل مع مسلحات التنظيم الأجانب، إذ يتم تقسيمهن إلى قسمين: يتم تسليم بعضهن إلى دولهن، أو تتم محاكمتهن في العراق. وسيتحدد هذا الأمر في إطار تنسيق بين الحكومة العراقية وحكومات أجنبية.
وتنقسم جنسيات مسلحات «داعش» الأجانب بين الروسيات والشيشانيات (وهن الغالبية) والألمانيات والكنديات والأستراليات والفرنسيات والبريطانيات والأفغانيات ومن جنسيات أفريقية وعربية مختلفة، إضافة بالطبع إلى العراقيات. وأشرفت نساء التنظيم على قيادة الحسبة النسوية (الشرطة النسوية) التي كانت تجوب الأسواق والأزقة بحثا عن النساء المخالفات لقوانين التنظيم، ويتردد أنهن استخدمن كل أنواع التعذيب خصوصا التعذيب بـ«العضاضة» (آلة حديدية شبيهة بمصائد الحيوانات) ضد النساء المعتقلات. وقال الجاف: «خلال الأيام الماضية قبضت القوات العراقية على نحو 27 امرأة أجنبية من مسلحات (داعش)، ونُقلن جميعهن إلى بغداد للتحقيق معهن. معظمهن كن قناصات، لا سيما الروسيات منهن». وتابع أن هناك نحو 250 مسلحا من التنظيم ما زالوا في المدينة القديمة، ويختبئون في أقبية منازلها.
كما أكد الضابط في الجيش العراقي في الموصل، حيدر علي، لـ«الشرق الأوسط»، أن الجنود العراقيين أوقفوا عشرات «الداعشيات» من مختلف الجنسيات كن مختبئات في أقبية عدد من المنازل وبعضهن «انغماسيات (يفجرن أنفسهن خلال المعارك المباشرة) وأخريات كن قناصات»، زاعما أن بعضهن ألمانيات.
إلى ذلك، قال متحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية إن برلين لا تمتلك معلومات مؤكدة حول 5 ألمانيات من بين نحو 20 «داعشية» اعتقلن في الموصل. وأضاف أن السلطات الألمانية على اتصال مباشر مع نظيرتها العراقية، وتبذل أقصى جهودها للحصول على معلومات تفصيلية سريعة عن النساء المعتقلات، وستقدم عونا قنصليا لهن لو كن فعلا من حملة الجنسية الألمانية. ورجحت صحيفة «دي فيلت»، بناء على معلومات أمنية، أن يكون بين النسوة المحتجزات في الموصل تلميذة ألمانية عمرها 16 عاما تتحدر من ولاية سكسونيا. أما موقع «دويتشه فيله» فنقل عن مصادر برلمانية عراقية أن رجال الأمن أوقفوا فتاة ألمانية عملت قناصة في صفوف «داعش» خلال معارك الموصل. وتردد أن الفتاة تتحدر من مدينة برلين، وتعرف القليل من الكلمات العربية، ولا تتقن أي لغة غير الألمانية، وأنها سافرت إلى الموصل للانضمام إلى «داعش» بعدما أنهت دراستها. وأكدت صحيفة «دي فيلت»، من جهتها، أن السلطات المعنية تحاول التأكد مما إذا كان بين النساء المعتقلات في الموصل فتاة تدعى «ليندا.ف» (16 سنة) أشهرت إسلامها ويُعتقد أنها التحقت بـ«داعش» عام 2016. وتنطبق أوصاف ليندا مع أوصاف فتاة صغيرة مضطربة يغطيها التراب صوّرها الجنود العراقيون بهواتفهم الجوالة في الموصل.
على صعيد مكافحة الإرهاب في ألمانيا، قضت المحكمة الإدارية الاتحادية بالسماح بترحيل شاب يشتبه في أنه «إسلامي متشدد» إلى روسيا، وهو الإجراء الذي تعتزم ولاية بريمن الألمانية القيام به. كما قضت محكمة ولاية بادن فوترمبيرغ العليا في مدينة شتوتغارت بسجن شاب سوري (25 سنة) لمدة ثلاث سنوات بتهمة المشاركة في معارك إرهابية في سوريا. ورأت المحكمة أمس أنه ثبت أن الشاب السوري قاتل لصالح «جبهة النصرة»، المنتمية إلى تنظيم القاعدة، في عامي 2013 و2014.
استمرار عمليات القضاء على جيوب «داعش» في المدينة القديمة
القبض على عشرات من مسلحات التنظيم الأجنبيات في الموصل
استمرار عمليات القضاء على جيوب «داعش» في المدينة القديمة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة