رئيس مجلس النواب الليبي يهاجم مبادرة السراج ويشكك في مشروعية حكومته

قال إنها مخالفة لاتفاق الصخيرات وهدفها البقاء في السلطة أطول فترة ممكنة

قوات خاصة للجيش الليبي تهاجم جماعة من الإرهابيين خلال اشتباكات لتمشيط مدينة بنغازي أمس (رويترز)
قوات خاصة للجيش الليبي تهاجم جماعة من الإرهابيين خلال اشتباكات لتمشيط مدينة بنغازي أمس (رويترز)
TT

رئيس مجلس النواب الليبي يهاجم مبادرة السراج ويشكك في مشروعية حكومته

قوات خاصة للجيش الليبي تهاجم جماعة من الإرهابيين خلال اشتباكات لتمشيط مدينة بنغازي أمس (رويترز)
قوات خاصة للجيش الليبي تهاجم جماعة من الإرهابيين خلال اشتباكات لتمشيط مدينة بنغازي أمس (رويترز)

هاجم المستشار عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبي، أمس، خريطة الطريق التي اقترحها فائز السراج رئيس حكومة الوفاق الوطني المدعومة من بعثة الأمم المتحدة، والتي تتضمن إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في شهر مارس (آذار) 2018 لوضع حد لانعدام الأمن والتنافس السياسي الذي تشهده البلاد منذ سقوط نظام العقيد الراحل معمر القذافي في 2011.
وأعلن عقيلة في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه أمس، رفضه خريطة الطريق التي قدمها السراج، ووصف المجلس الرئاسي لحكومة السراج بأنه جسم غير شرعي وفقاً للإعلان الدستوري وأنه لم ينل ثقة مجلس النواب الليبي، وأنه يعمل بالمخالفة للدستور المؤقت للبلاد، وأنه ليس ذي صفة قانونية ليوجه دعوة للانتخابات من قبل رئيسه أو أن يطرح مبادرة بذلك. وعدّ أن مبادرة السراج، مخالفة للإعلان الدستوري وحتى للاتفاق السياسي الذي تم التوصل إليه برعاية الأمم المتحدة نهاية عام 2015 في منتجع الصخيرات بالمغرب، مشيراً إلى أن مجلس النواب الليبي هو السلطة التشريعية الوحيدة في البلاد وهو صاحب الاختصاص في الدعوة للانتخابات.
ولفت رئيس البرلمان الليبي المعترف به دوليا ويتخذ من مدينة طبرق بأقصى الشرق الليبي مقرا له، إلى وقوع المجلس الرئاسي لحكومة السراج تحت سلطة الميليشيات المسلحة، موضحا أن «ما قدمه من خريطة مجرد محاولة لنيل الشرعية التي لم ينلها بالطرق القانونية عبر نيل الثقة من مجلس النواب، وتعديل الإعلان الدستوري، ومحاولة لبقاء المجلس الرئاسي غير الشرعي أكبر فترة ممكنة». وأضاف: «وهذه المبادرة لا تحمل أي سُبل لحل الأزمة ولا إمكانية لتنفيذها، ولا تتعدى كونها خلطا للأوراق وغير واقعية، واستمرارا للمجلس الرئاسي ورئيسه للضرب عرض الحائط بالإعلان الدستوري».
وانتقد عقيلة تأخر هيئة صياغة الدستور في إنجاز مشروع الدستور، وهو الاستحقاق الأهم لليبيين، مشيرا إلى أنه دعا ومنذ مدة مجلس النواب لاتخاذ قرار في ذلك عبر تعديل الإعلان الدستوري لاختيار لجنة قانونية ومتخصصة من الشخصيات المشهود لها من ذوي الاختصاص في العمل الدستوري، لإنجاز الاستحقاق الأهم لعودة الاستقرار في البلاد لتحديد النظام الحاكم وشكل الدولة والسلطات المختلفة والفصل بينها عبر إنجاز مسودة الدستور.
لكن محمد صوان، رئيس حزب العدالة والبناء، الذارع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين في ليبيا، بالإضافة إلى وزير الخارجية القطري، أيدا في المقابل مبادرة السراج وعدّاها خطوة للأمام. وزعم وزير خارجية قطر المتهمة بالتورط في تمويل أنشطة جماعات إرهابية ومتطرفة داخل ليبيا، أن الإعلان عن خريطة السراج خطوة مهمة نحو إنهاء الانقسام والحفاظ على وحدة ليبيا واستقرارها، معربا في تغريدة له على «تويتر» عن سروره من هذا الإعلان.
وكان السراج قد دعا في خطاب تلفزيوني إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية مباشرة من الشعب مطلع الربيع المقبل تستمر ولايتهما 3 سنوات أو حتى انتهاء إعداد الدستور والاستفتاء عليه. وأضاف: «يستمر العمل بالاتفاق السياسي وحكومة الوفاق الوطني حتى تسمية رئيس الحكومة من قبل رئيس الدولة المنتخب واعتماد حكومته من قبل البرلمان». وعرض السراج خريطة طريق من 9 نقاط لإخراج البلاد من الأزمة وتحريك الاتفاق السياسي الموقع في المغرب بين مجموعات ليبية متنافسة في نهاية 2015 برعاية الأمم المتحدة، والذي أدى إلى تكوين حكومة الوفاق الوطني. واقترح أن «تقوم المفوضية العليا للانتخابات وبالتنسيق مع الأمم المتحدة بالإعداد والإشراف ومراقبة الانتخابات الرئاسية والبرلمانية». وقال السراج إن «الملف الأمني من أكبر الملفات الشائكة (...) ولم يرَ من سبقونا خطورة في انتشار السلاح ولم يعملوا على جمعه منذ الأيام الأولى، وها نحن نجني ثمار ذلك»، وأضاف محذرا: «لقد نفد صبر الليبيين».
وبالإضافة إلى المشكلات الأمنية، يعاني الليبيون من انقطاع التيار الكهربائي وقلة السيولة وارتفاع الأسعار. وقال مسؤول بقطاع النفط إن إنتاج ليبيا من الخام يبلغ 1.032 مليون برميل يوميا دون تغيير يذكر في مستواه منذ نهاية الشهر الماضي.
وتجاوز الإنتاج الليبي المليون برميل يوميا في نهاية يونيو (حزيران) الماضي، ويتذبذب منذ ذلك الحين ليصل مستواه إلى 1.05 مليون برميل يوميا. وارتفع إنتاج «شركة الواحة للنفط»، التي تشغل عددا من حقول النفط في ليبيا وشهدت تقلبا في الإنتاج بسبب مشكلات في الكهرباء وتسريبات في خطوط الأنابيب، إلى مائة ألف برميل يوميا من نحو 85 ألف برميل يوميا الأسبوع الماضي بعد استئناف تشغيل محطة كهرباء.
ومع انعدام الأمن، والأوضاع الاقتصادية السيئة، والخصومات السياسية، لا تزال ليبيا تواجه أزمة سياسية بعد 6 سنوات على الإطاحة بالقذافي في 2011. وتعترف الأسرة الدولية بحكومة السراج التي اتخذت من طرابلس مقرا لها في نهاية شهر مارس (آذار) من العام الماضي، لكنها لا تسيطر على كل أراضي البلاد، كما تواجه سلطات منافسة في شرق البلاد الذي تسيطر قوات المشير خليفة حفتر على قسم كبير منه.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.