وافق البرلمان التركي على مذكرة تقدمت بها الحكومة، أمس، لتمديد حالة الطوارئ المفروضة في البلاد منذ 21 يوليو (تموز) 2016 في أعقاب محاولة الانقلاب الفاشلة قبل عام، لمدة 3 أشهر أخرى تبدأ من غد (الأربعاء).
وقدمت الحكومة التركية مذكرة إلى رئاسة البرلمان أمس بعد اجتماعها برئاسة الرئيس رجب طيب إردوغان، الذي ترأس قبل ذلك اجتماعاً لمجلس الأمن القومي الذي طلب من الحكومة تمديد حالة الطوارئ. وأثار التمديد انتقادات من جانب المعارضة التركية، وكذلك من جانب الاتحاد الأوروبي، وحلفاء تركيا في الغرب.
ووافق البرلمان الذي يشكل حزب العدالة والتنمية الحاكم خلال جلسة عقدت أمس على مذكرة الحكومة، بعد ساعات قليلة من تقديمها، لتدخل حالة الطوارئ عامها الثاني على التوالي.
وشهدت تركيا يوم السبت الماضي احتفالات ومسيرات ضخمة بمناسبة الذكرى الأولى لفشل محاولة الانقلاب. وأعلن الرئيس رجب طيب إردوغان خلال فعاليات الاحتفال أن حالة الطوارئ ستمدد إلى حين القضاء على خطر الإرهاب في البلاد، محذراً أن محاولة الانقلاب قد تتكرر وأن حالة الطوارئ لا تتنافى مع الحقوق والحريات في البلاد، «وتهدف فقط لتطهير المؤسسات من أتباع منظمة فتح الله غولن»، على حد قوله.
ومنذ إعلان حالة الطوارئ العام الماضي، تم توقيف أكثر من 50 ألفاً، وإقالة أو وقف أكثر من 150 ألفاً آخرين عن العمل من مختلف أجهزة الدولة ومؤسساتها العامة والخاصة بزعم علاقتهم بغولن، مما أثار قلقاً واسعاً لدى المعارضة التركية والاتحاد الأوروبي من استغلال إردوغان للمحاولة الانقلابية في التخلص من جميع معارضيه.
ولا تزال الحملة التي تسميها الحكومة بـ«التطهير» مستمرة، وتصاعدت وتيرتها في الأيام الأخيرة، تزامناً مع ذكرى مرور عام على محاولة الانقلاب ودخول حالة الطوارئ عامها الثاني.
وأمرت السلطات التركية بإلقاء القبض على 127 شخصاً للاشتباه بصلتهم بمحاولة الانقلاب، كما أطلقت قوات الأمن حملة موسعة في محافظة تكيرداغ بشمال غربي البلاد منذ فجر أمس اعتقلت خلالها 115 من المطلوبين، بينهم رجال أعمال وصحافيون ونساء.
وصدرت الأوامر باعتقال هؤلاء بسبب استخدامهم تطبيق الرسائل المشفرة (بايلوك)، الذي تقول الحكومة إن أتباع غولن كانوا يستخدمونه قبل المحاولة الانقلابية.
في سياق موازٍ، بدأت لجنة شكلتها الحكومة التركية للتحقيق مراجعة مواقف من تم فصلهم من القطاع العام منذ المحاولة الانقلابية الفاشلة، حيث تم وفقاً لبيانات الحكومة تسريح أكثر من 142 ألف شخص من وظائفهم في القطاع العام والجيش في ظل حالة الطوارئ.
وبدأت اللجنة أمس (الاثنين) تلقي الاعتراضات من المفصولين، لتحديد من منهم يمكن إعادته إلى عمله أو تعويضه، وسيستمر عمل اللجنة لمدة شهرين.
وكان آلاف من المفصولين من أعمالهم تظلموا بالفعل أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، وأعلنت وزارة العدل التركية أن المحكمة رفضت نصف الطلبات المقدمة من نحو 25 ألف موظف، لكن لم يصدر تعليق عن المحكمة الأوروبية.
في السياق ذاته، أعلن رئيس حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة التركية، كمال كليتشدار أوغلو، الذي يرفض حزبه استمرار حالة الطوارئ، استعداد حزبه للقيام بمزيد من الاحتجاجات في الشوارع في أعقاب مسيرة العدالة التي استمرت 25 يوماً من العاصمة أنقرة واختتمت الأحد قبل الماضي بتجمع في إسطنبول، شارك فيها نحو مليوني شخص للمطالبة باستقلال القضاء وحرية الصحافة والتعبير.
ورفض كليتشدار أوغلو وصف الرئيس رجب طيب إردوغان المسيرة بأنها «إرهابية». وقال أوغلو في لقاء مع صحيفة «التايمز»: «لست خائفاً. هناك نقص خطير في الديمقراطية في هذا البلد ويحتاج شخصاً ما لاتخاذ موقف ضده. هدفنا الرئيسي الآن هو سحب إردوغان من قصره. ونحن مصممون على القيام بذلك».
وكثيراً ما اتهم إردوغان زعيم حزب الشعب الجمهوري بتنظيم مسيرة العدالة دعماً لأتباع غولن. وقال كليتشدار أوغلو: «نحن ضد محاولة الانقلاب، ونسمي مسيرتنا بكفاح الشعب من أجل الديمقراطية. وهناك انقلاب نفذه القصر (رئاسة الجمهورية) بالاستفادة من محاولة الانقلاب. وبعد 5 أيام من هذه المحاولة أعلن إردوغان حالة الطوارئ. ونحن نسمي هذا (انقلاب القصر)».
في السياق ذاته، جدد وزير خارجية النمسا سيباستيان كورتس رفض بلاده الشديد لأي مفاوضات مع تركيا بشأن عملية انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي، بسبب ما أسماه «قمع» السلطات التركية للمعارضين.
وأشار كورتس في تصريح لمجلة «نيوز» النمساوية الأسبوعية على هامش اجتماع وزراء خارجية أوروبا في بروكسل إلى أنه لا مكان لتركيا في الاتحاد الأوروبي، وأن تصريحات إردوغان الأخيرة ليست مرفوضة وحسب، بل سياساته التي ينتهجها في ضرب المعارضة وزج الآلاف في السجون وضرب الحريات هي الخطر الحقيقي، داعياً نظراءه الأوروبيين إلى «دعم موقفه ووقف المفاوضات بشكل كامل مع أنقرة».
وكان إردوغان تعهد السبت أمام تجمع كبير في ذكرى محاولة الانقلاب بـ«قطع رؤوس» الانقلابيين الذين وصفهم بالخونة، قائلاً إنهم لن يروا النور مرة أخرى، وإنه سيجري تقديمهم إلى المحاكم بزي موحد على غرار سجناء معتقل غوانتانامو الأميركي.
البرلمان التركي يمدد حالة الطوارئ 3 أشهر إضافية
المعارضة وعدت بتعزيز الاحتجاجات وبمسيرة جديدة
البرلمان التركي يمدد حالة الطوارئ 3 أشهر إضافية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة