تحذير من فتنة بين الجيش اللبناني واللاجئين السوريين

بعد حملات تحريضية ضد الطرفين على خلفية الدعوة للتظاهر

نهاد المشنوق وزير الداخلية اللبناني
نهاد المشنوق وزير الداخلية اللبناني
TT

تحذير من فتنة بين الجيش اللبناني واللاجئين السوريين

نهاد المشنوق وزير الداخلية اللبناني
نهاد المشنوق وزير الداخلية اللبناني

توالت المواقف الداعمة للجيش اللبناني والتحذيرات من الانجرار إلى فتنة داخلية على وقع دعوتين للتظاهر، الأولى داعمة للجيش والثانية لمناصرة اللاجئين السوريين، على خلفية إعلان وفاة 4 معتقلين سوريين من أصل نحو 350 ألقى الجيش القبض عليهم من مخيمات قرب بلدة عرسال اللبنانية.
وأعلن «الأمن العام» اللبناني بعد ظهر أمس القبض على صاحب صفحة «اتحاد الشعب السوري» التي كانت وراء استغلال الدعوة الداعمة للاجئين من قبل «المنتدى الاشتراكي» وإطلاق المواقف المحرضة ضد الجيش. وأتى ذلك بعدما كان وزير الداخلية نهاد المشنوق أعلن أنه وبعد التشاور مع القيادات الأمنية المعنية تم اتخاذ القرار بعدم الموافقة على أي طلب من أي جهة للتظاهر حفظاً للسلم والأمن الأهلي، كما ألغى بدوره «المنتدى» الدعوة إلى التظاهر التي كانت مقررة اليوم (الثلاثاء) في وسط بيروت.
ويوم أمس، أكد المشنوق أن «هناك تنسيقاً وتشاوراً دائمين بين الجيش اللبناني والسلطة السياسية، وأن الجيش ليس بحاجة إلى تظاهرات داعمة، فله كلّ الدعم من السلطة السياسية»، مشيراً إلى عدم الموافقة على طلب القيام بمظاهرات، لأنه لا مبرر لها، وشدّد على أن الأمور تحت السيطرة، وهناك تنسيق وتشاور دائمين بين الجيش اللبناني والسلطة السياسية.
وعلى وقع المواقف التحضيرية ضد «الجيش اللبناني» من جهة و«اللاجئين السوريين» من جهة أخرى، إثر الدعوة لمظاهرتين اليوم (الثلاثاء)، حذر رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط من التظاهر، وقال: «لا للمظاهرات حول موضوع النازحين، لا لتجربة عامي 1975 و1967 التي أساءت للبلاد وقسمتها، نعم للتمييز بين الإرهاب واللاجئ السوري»، مضيفاً: «هناك إرهاب داعش والتنظيمات المعروفة». وسأل: «من قال إن المخابرات السورية بريئة وقد تريد صدام الجيش مع اللاجئين عشوائياً؟»، موضحاً: «اتركوا الجيش اللبناني يقوم بواجباته بعيداً عن التحريض من هنا وهناك».
وفي هذا الإطار، رأت مصادر سياسية في «قوى 14 آذار» أن المظاهرة التي دعت صفحة «اتحاد الشعب السوري» على موقع «فيسبوك» إليها، اليوم (الثلاثاء) «احتجاجاً على كيفية تعاطي الجيش اللبناني مع النازحين السوريين»، ليست بريئة، وفق ما تقول مصادر سياسية في 14 آذار. وأضافت: «هذا التحرك المشبوه، الذي أعاد إلى الأذهان صورة مظاهرات لفلسطينيين ضد الجيش عشية حرب الـ75، لم ينبع من حرص لدى المجموعة المذكورة على سلامة النازحين، بل يحمل، في رأيها، بصمات جهات استخباراتية يبدو أنها اتخذت قراراً باستخدام ورقة النزوح لتوتير الاستقرار المحلي وتطيير رسائل عبرها إلى الدولة اللبنانية من جهة، وعواصم القرار من جهة ثانية، تحذّرها فيها من تخطي النظام وحلفائه في التسوية المرتقبة للنزاع السوري».
ويوم أمس، أشارت معلومات إلى أن قوة من شعبة المعلومات في الأمن العام في الجنوب، داهمت منزل المدعو ه. ز في التعمير الفوقاني قرب حاجز الجيش وصادرت منه عدداً من الوثائق، ليتبين أنه هو صاحب صفحة «اتحاد الشعب السوري في لبنان» على موقع «فيسبوك»، وقد أحيل إلى التحقيق.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.