السراج يقترح خريطة طريق لليبيا تشمل انتخابات بحلول الربيع

رئيس «مجلس طبرق» رافضاً المبادرة: الأولوية لصدور الدستور

موظف في مطار بنينا (بنغازي) يختم وثائق مسافرين عبر المطار بعد إعادة فتحه أول من أمس (رويترز)
موظف في مطار بنينا (بنغازي) يختم وثائق مسافرين عبر المطار بعد إعادة فتحه أول من أمس (رويترز)
TT

السراج يقترح خريطة طريق لليبيا تشمل انتخابات بحلول الربيع

موظف في مطار بنينا (بنغازي) يختم وثائق مسافرين عبر المطار بعد إعادة فتحه أول من أمس (رويترز)
موظف في مطار بنينا (بنغازي) يختم وثائق مسافرين عبر المطار بعد إعادة فتحه أول من أمس (رويترز)

اقترح فائز السراج رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية المدعومة من بعثة الأمم المتحدة، خريطة طريق جديدة للخروج من الأزمة الراهنة تشمل إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية الربيع المقبل، والإعلان عن وقف جميع أعمال القتال، إلا ما يخص مكافحة الإرهاب.
ودعا السراج خلال كلمة متلفزة وجهها مساء أول من أمس من مقره في القاعدة البحرية الرئيسية بالعاصمة طرابلس، إلى إجراء الانتخابات في مارس (آذار) وتشكيل لجان مشتركة من مجلس النواب ومجلس الدولة للبدء في دمج مؤسسات الدولة المنقسمة وضمان توفير الخدمات للمواطنين، وفصل الصراع السياسي عن توفير هذه الخدمات. ولفت إلى ضرورة أن يلتزم مصرف ليبيا المركزي بتنفيذ السياسات النقدية التي تم الاتفاق عليها بشكلٍ عاجل لعلاج مشكلة السيولة وتعديل سعر صرف الدينار. وتتبنى المقترحات إنشاء المجلس الأعلى للمصالحة الوطنية ودراسة آليات تطبيق العدالة الانتقالية وجبر الضرر والعفو العام، وإنشاء لجان للمصالحة بين المدن.
وبعدما اعتبر أن البلاد تمر بمرحلة حرجة ومفصلية، قال السراج إن المجلس الرئاسي لحكومته ليس طرفا في الصراع، بل كل ما يريده هو أن يسهم في الحل دون استثناء أو إقصاء أو تهميش. واعتبر أن إنتاج النفط قفز خلال عام من مائة وخمسين ألف برميل في اليوم، إلى قرابة المليون برميل في الوقت الحالي، لكنه أضاف: «رغم ذلك وصلنا إلى مرحلة استفحل فيها الفساد وتجار الاعتمادات ودواعش المال العام... مع عجز تام لأعضاء مجلس النواب ومجلس الدولة في الوفاء باستحقاقهما بخصوص المناصب السيادية من أجل تصحيح هذا الأمر ومحاسبة المسؤولين».
وحذر السراج من أنه قد يضطر لاتخاذ إجراءات استثنائية لعلاج هذا الأمر، لكنه لم يفصح عنها، مكتفيا بالقول إن «صبر الليبيين قد نفذ وجاء الوقت لنعمل معاً». وحول الملف الأمني، اعترف أن وجود المجموعات المسلحة بصور ومسميات متعددة كان واضحاً وجلياً في معظم المدن. وتابع: «لم يرَ من سبقونا خطورة انتشار السلاح، ولم يعملوا على جمعه منذ الأيام الأولى».
وفى ملف السياسة الخارجية، قال: «تعاملنا بشكل متوازن مع دول العالم، فنحن لسنا ألعوبة بيد أحد، وقلنا للمتدخلين سلبا في شؤوننا، وما زلنا نقول: ارفعوا أيديكم عن ليبيا». وأضاف: «لقد أوضحنا أن طلب المساعدة للنهوض بالوطن ومكافحة الإرهاب ليس طلباً للتدخل، وليس انتهاكاً للسيادة، فعندما نتحد ونحترم أبناء شعبنا ونرفع من شأنهم وننهض ببلادنا، فبذلك فقط، يحترمنا العالم وتتحقق السيادة».
ودعا السراج إلى وقف لإطلاق النار ودمج تدريجي للكيانات البرلمانية المنافسة المتمركزة في طرابلس وفي شرق ليبيا. وقال إنه يتقدم بخريطة طريق بدافع إصراره على الخروج من الأزمة الحالية وتوحيد الليبيين، وتابع: «أنا على ثقة بأن الروح الوطنية ستتغلب على المصالح الشخصية الضيقة وأدعو الجميع إلى تقديم التنازلات وإن كانت مؤلمة».
وقال مسؤولون في البرلمان الليبي والجيش الوطني الذي يقوده المشير خليفة حفتر من شرق ليبيا، إنه من غير المتوقع أن يوافق مجلس النواب المعترف به دوليا أو حكومته على مبادرة السراج. ودلل مسؤول في البرلمان اشترط عدم تعريفه على هذا الاتجاه بقوله: «قبل ساعات من إعلان السراج عن مبادرته، خرج قياديون من جماعة الإخوان المسلمين يطالبون بالمقترحات بنفسها التي تضمنتها المبادرة». وأضاف: «من الواضح أن هناك تنسيقا بين الإخوان والسراج، هذه مبادرة عقيمة ومحاولة التفاف على موعد نهاية فترة ولاية السراج في شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل، والحصول على حجة للبقاء في السلطة».
ونقلت قناة «النبأ» التلفزيونية المحلية الموالية لجماعة الإخوان عن المستشار عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الموجود في مدينة طبرق شرقا إنه «يرفض مقترحات السراج» مشدداً على أن الأولوية لصدور «دستور ينظم شكل الدولة»، على حد تعبيره. وكان حفتر، الذي حقق في الأسابيع القليلة الماضية إنجازات عسكرية مهمة في شرق وجنوب البلاد، لوح مؤخرا إلى أن قواته قد تتدخل في المشهد السياسي الراهن قبل حلول هذا الموعد.
وكان مكتب السراج قد أعلن مسبقاً أن كلمته ستبث على الهواء مباشرة في ساعة متأخرة من مساء أمس، لكن تم عرضها مسجلة. وقال ناشطون محليون إن إحدى الميليشيات المسلحة اقتحمت القناة المحلية التي كان يلقى فيها السراج كلمته، ما أدى إلى تعطيلها لبعض الوقت، لكن لم تؤكد مصادر في حكومة السراج مدى صحة هذه المعلومات.
ويمثل الاتفاق على خطة انتخابية وإجراء انتخابات في أنحاء البلاد، تحديا كبيرا بسبب الانقسامات السياسية وانعدام الأمن والاشتباكات وتدهور البنية الأساسية. وغرقت ليبيا في صراع بعد الانتفاضة التي أطاحت بالعقيد الراحل معمر القذافي قبل ست سنوات، حيث أدت الانتخابات السابقة التي أجريت في البلاد في 2014 إلى تشكيل حكومتين وبرلمانين متنافسين في طرابلس وفي الشرق وكلاهما تدعمه تحالفات فضفاضة من جماعات مسلحة. وحكومة السراج هي نتاج لاتفاق توسطت فيه الأمم المتحدة لإرساء الاستقرار وتوحيد ليبيا تم التوقيع عليه بنهاية 2015 في منتجع الصخيرات بالمغرب، بدعم جزئي من فصائل سياسية ومسلحة. وتتمتع بسلطة محدودة وتعارضها فصائل متمركزة في الشرق متحالفة مع القائد العسكري خليفة حفتر. ومنذ وصوله إلى طرابلس نهاية شهر مارس (آذار) من العام الماضي يكافح السراج لتشكيل حكومة فاعلة أو لكبح فصائل مسلحة قوية، لكن الأحوال المعيشية وصلت لأسوأ أوضاعها جراء أزمة حادة في السيولة وانقطاع متكرر للكهرباء والمياه وتدهور الخدمات العامة.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».