ضحايا مدنيون في غارات استهدفت مدينة الميادين

معارك الرقة تتركز في محيط حي هشام بن عبد الملك

نازحون من مدينة الرقة أمس (أ. ف. ب)
نازحون من مدينة الرقة أمس (أ. ف. ب)
TT

ضحايا مدنيون في غارات استهدفت مدينة الميادين

نازحون من مدينة الرقة أمس (أ. ف. ب)
نازحون من مدينة الرقة أمس (أ. ف. ب)

جددت طائرات يرجح أنها تابعة للتحالف الدولي ضرباتها مستهدفة مناطق في مدينة الميادين بمحافظة دير الزور، ما تسبب في مقتل 9 مدنيين، في وقت يواصل فيه النظام توغله في عمق البادية ضد تنظيم داعش، ويتواصل القتال في داخل مدينة الرقة، حيث تتقدم «قوات سوريا الديمقراطية» محاولة السيطرة على كامل المدينة وطرد التنظيم من معقله في الشمال السوري. وأعلن مرصد «الفرات بوست» الحقوقي في محافظة دير الزور مقتل تسعة أشخاص وسقوط عشرات الجرحى بعضهم بحالة حرجة إثر غارات جوية للطيران الحربي قرب مدرستي النسوي وخولة بنت الأزور في الميادين. بدوره، قال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن القصف يأتي ضمن تصعيد الضربات الجوية على الريف الشرقي لدير الزور، موضحا أن طائرات يعتقد أنها تابعة للتحالف أغارت فجر أمس (السبت) على منازل تعود لمواطنين قرب المدرسة النسوية بمدينة الميادين، متسببة في مقتل 8 مدنيين هم 6 أطفال ومواطنتان، فيما لا يزال عدد الضحايا قابلا للازدياد لوجود جرحى بحالات خطرة، ووجود مفقودين تحت الأنقاض.
وفي الرقة، تواصلت الاشتباكات بين «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة بالقوات الخاصة الأميركية من جهة، وعناصر تنظيم داعش من جهة أخرى، على محاور في أطراف حي هشام بن عبد الملك في جنوب مدينة الرقة وفي المدينة القديمة وفي حي الرميلة بالقسم الشمالي الشرقي من مدينة الرقة.
وتزامنت المعارك مع خطة النظام للتوسع في عمق البادية، انطلاقا من الريف الجنوبي للرقة، وصولا إلى دير الزور. وواصلت الطائرات الحربية تنفيذ ضرباتها، مستهدفة مناطق يسيطر عليها «داعش» في الريف الشرقي لحماة، حيث تسعى الطائرات الروسية والتابعة للنظام، من خلال تصعيد ضرباتها على الريفين الشرقي والشمالي الشرقي لمدينة سلمية، للتقدم على حساب التنظيم وتقليص مناطق سيطرته، بالتوازي مع قصف جوي مكثف يرافق العملية العسكرية التي تنفذها قوات النظام بقيادة مجموعات النمر القادمة من ريف الرقة الجنوبي، والتي دخلت الجمعة الحدود الإدارية الشمالية لمحافظة حمص مع الرقة، متجهة نحو السخنة، في إطار عملية تطويق كبيرة تستهدف «داعش» في مساحة تفوق مساحة لبنان.
وفي حال تمكنت قوات النظام المدعمة بالمسلحين الموالين لها، من التقدم بشكل سهمي لمسافة 70 كلم من الشمال إلى الجنوب، بدءا من الحدود الإدارية لمحافظة حمص مع الرقة وصولا إلى منطقة حقل الهيل، فإنها تكون قد فرضت حصارا كاملا على أكثر من 11 ألف كلم مربع يسيطر عليها التنظيم في محافظات حمص وحماة والرقة، ليقع التنظيم أمام خيار المواجهة حتى النهاية أو الاستسلام.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.