تصاعدت الأزمة بين تركيا وقبرص بسبب أعمال التنقيب عن الغاز الطبيعي التي بدأتها قبرص في شرق البحر المتوسط والتي تثير اعتراضات أنقرة التي أعلنت أنها ستدافع عن حقوقها وحقوق القبارصة الأتراك في الثروات الطبيعية للمنطقة.
وفي تطور سريع للأزمة بعد تصريحات لمسؤولين الأتراك عن رفض التحركات التي وصفوها بالأحادية من جانب قبرص، أرسل الجيش التركي فرقاطة حربية تابعة له بدأت أمس أعمال مراقبة سفينة الحفر «ويست كابيلا» في شرق البحر المتوسط قبالة ساحل قبرص، بعدما وجهت أنقرة تحذيرا لنيقوسيا من التنقيب عن الغاز أو النفط.
وتحركت سفينة الحفر «ويست كابيلا» التي تعاقدت معها شركتا «توتال» الفرنسية و«إيني» الإيطالية، لبدء التنقيب عن الغاز قبالة قبرص الأربعاء الماضي. وقال الجيش التركي إن الفرقاطة التابعة له تنفذ مهمتها في شرق البحر المتوسط وتراقب السفينة التي يعتقد أنها تنفذ نشاطات حفر.
وأشارت الخارجية التركية في بيان إلى أنها حذرت إدارة جنوب قبرص منذ البداية من القيام بهذه الخطوات غير المسؤولة، «وهذه المرة أيضا، تحركت سفينة تنقيب باتجاه المنطقة للبدء بأعمال التنقيب في إطار ما يسمى رخصة تنقيب منحتها إدارة قبرص (الجنوبية) من جانب واحد». وأكدت أن تركيا مصممة على مواصلة حماية سواء حقوقها ومصالحها في الجرف القاري لها أو حقوق ومصالح القبارصة الأتراك.
وتؤكد تركيا وما يعرف بـ«جمهورية شمال قبرص التركية» أحقية القبارصة الأتراك بموارد الجزيرة الطبيعية باعتبارهم جزءا منها، وذلك ردا على مساعي قبرص لعقد اتفاقات مع شركات وبلدان مختلفة لا تدرج فيها القبارصة الأتراك.
وردا على تصريحات حادة من جانب وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، الخميس، قال فيها إن أنقرة ستتخذ إجراءات إزاء عمليات التنقيب عن الغاز، التي تقوم بها السلطات القبرصية، دون إعطاء تفاصيل، وذلك بعد أن حذر الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الاثنين، بعد أيام فقط على فشل الجولة الأخيرة من المحادثات حول إعادة توحيد الجزيرة التي عقدت في سويسرا الأسبوع الماضي، الشركات الدولية من التعامل مع قبرص في أي مشاريع للغاز، أعلنت الحكومة القبرصية أنها ستواصل التنقيب عن الغاز قبالة سواحل الجزيرة.
وفي مقابل الموقف التركي الداعم للقبارصة الأتراك، قدمت اليونان دعمها لقبرص، وعبر رئيس الوزراء اليوناني ألكسيس تسيبراس عن دعمه لما سماه «الحقوق السيادية» لقبرص بالتنقيب عن الغاز.
وتعتبر احتياطات النفط والغاز غير المستغلة في قبرص من أسباب النزاع بين الجانبين التركي واليوناني في قبرص التي تضم مليون نسمة، والمقسمة منذ أن اجتاح الجيش التركي عام 1974 شطرها الشمالي، ردا على محاولة انقلاب كانت تهدف إلى إلحاق قبرص باليونان.
وقال تسيبراس أثناء نقاش في البرلمان، الثلاثاء، إن التعاون بين اليونان وقبرص يمثل المحور المركزي للسياسة الخارجية لليونان، وهو ما يشمل بداهة دعم جمهورية قبرص في ممارسة حقوقها السيادية في منطقتها الاقتصادية الخالصة.
وتقدر وزارة الطاقة القبرصية أن تنجز السفينة «ويست كابيلا» عملها في بئر «أونسيفوروس وست 1» خلال 75 يوما.
وجاءت الخطوة القبرصية بعد أيام من فشل محادثات السلام بين الجانبين اليوناني والتركي في الجزيرة المقسمة، وهو الفشل الذي أرجعه الجانب اليوناني إلى تمسك تركيا ببقاء قواتها، وقوامها 30 ألف جندي، في الشطر الشمالي من قبرص.
وأكد الرئيس القبرصي نيكوس أناستاسيادس استعداده للتفاوض من أجل تسوية سلمية مع القبارصة الأتراك وتركيا لحل الأزمة القبرصية بشرط وجود جدول زمني للانسحاب الكامل للقوات التركية من شمال الجزيرة المقسمة والتوصل لحل في إطار المعايير التي وضعها الأمين العام للأمم المتحدة.
وتعثرت محادثات السلام التي تجرى بوساطة الأمم المتحدة بين الطرفين المتناحرين، واليونان وتركيا وبريطانيا (الدول الثلاث الضامنة)، مع تبادل الاتهامات الأسبوع الماضي بعد فشل الأطراف في التوصل إلى اتفاق في الصراع الممتد منذ عقود والذي يشكل مصدر خلاف بين اليونان وتركيا.
وقال أناستاسيادس، الذي يمثل القبارصة اليونانيين في محادثات السلام، إنهم يريدون أن تتخلى تركيا عن الحق في التدخل ويريدون جدولا زمنيا واضحا لانسحاب الجيش التركي. وحملت اليونان على لسان وزير خارجيتها بيكوس كوتزياس تركيا المسؤولية عن انهيار محادثات قبرص، لكن المتحدث باسم الخارجية التركية حسين مفتي أوغلو وصف الاتهامات اليونانية بأنها «غير مسؤولة» وبأنها تشكل مسعى للتغطية على انهيار المفاوضات بسبب انعدام النية الحسنة والإرادة السياسية لدى الجانب القبرصي اليوناني في الجزيرة.
وأضاف مفتي أوغلو أنه من غير الممكن قبول اتهامات كوتزياس بأن تركيا «اتخذت موقفاً بعيداً عن المصالحة» في مؤتمر قبرص الذي عقد في سويسرا ما بين 28 يونيو (حزيران) الماضي و7 يوليو (تموز) الجاري.
وأصدرت قبرص تقريرا في يونيو الماضي لإبلاغ السفن في المنطقة بأن عمليات التنقيب عن الغاز قبالة سواحلها سوف تجرى من 10 يوليو الجاري إلى أوائل أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
وكانت شركة نوبل إينرجي الأميركية هي أول من اكتشف الغاز في 2011 قبالة قبرص في حقل أفروديت الذي يقدر احتياطيه بنحو 127.4 مليار متر مكعب من الغاز، ولم يبدأ استغلال الحقل بعد. وحثت تركيا جارتها قبرص على التخلي عن وصف نفسها بالمالك الوحيد للموارد الطبيعية للجزيرة القبرصية بعد مشاركة الرئيس القبرصي نيكوس أناستاسيادس في المناقصة الدولية الثالثة للتنقيب عن الهيدروكربون في بعض المناطق الواقعة ضمن المنطقة الاقتصادية الخاصة التابعة لقبرص في 22 مارس (آذار) الماضي، وقالت أنقرة إن قبرص تصر على عدم تقبل القبارصة الأتراك كشركاء سياسيين متساويين.
ودعا تركيا في ذلك الوقت إلى وقف أنشطة قبرص في التنقيب عن الهيدروكربون (النفط والغاز) التي من شأنها أن تفشل مساعي إيجاد حل شامل لأزمة الجزيرة المقسمة منذ عام 1974، ووصفت لقاء أناستاسيادس مع مسؤولي إحدى شركات التنقيب عن الهيدروكربون بأنه توجه أحادي الجانب ويعد دليلا جديدا على تجاهل الحقوق الأساسية للقبارصة الأتراك في الموارد الطبيعية في الجزيرة.
تركيا تصعد التوتر مع قبرص لتنقيبها عن الغاز في شرق البحر المتوسط
الجيش يتعقب سفينة استأجرتها شركتان فرنسية وإيطالية
تركيا تصعد التوتر مع قبرص لتنقيبها عن الغاز في شرق البحر المتوسط
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة