مجلس عسكري سوري مشترك بانتظار التعاون الأميركي ـ الروسي

جدل بين واشنطن وموسكو حول مركز مراقبة في عمان

TT

مجلس عسكري سوري مشترك بانتظار التعاون الأميركي ـ الروسي

كشف مصدر مطلع من موسكو لـ«الشرق الأوسط»، عن أن حالة ترقب تخيم على أجواء الجولة السابعة من جنيف سببها انتظار نتائج التعاون الروسي - الأميركي في سوريا، مشددا على أنه في حال مضى ترمب فعلا بذلك التعاون، فقد يسرع ذلك في تشكيل مجلس عسكري مشترك يقوم بمهام عدة في المرحلة الانتقالية، بما في ذلك التصدي معاً للإرهاب.
وأعاد المصدر إلى الأذهان، أن هذه الخطوة جزء من خريطة طريق اقترحها دي ميستورا لتنفيذ بيان «جنيف - 1». وختم مشددا على أن «التحول الجذري في التسوية السورية، وإنجاز اختراقات عبر مسار جنيف، يرتبط الآن إلى حد كبير بالتعاون بين موسكو وواشنطن».
وقالت مصادر متقاطعة من جنيف وموسكو وآستانة، إن عدم مواكبة ممثلين على مستوى نواب وزير الخارجية من الدول الكبرى للجولة السابعة من المفاوضات السورية في جنيف، لا يعني تراجع الاهتمام بهذه العملية أو تراجع أهميتها، وإنما جاء نتيجة حالة عامة من الترقب لآفاق التعاون بين موسكو وواشنطن في الشأن السوري، بعد إطلاقهما الخطوة الأولى بإعلان وقف إطلاق النار جنوب غربي سوريا وإقامة منطقة خفض تصعيد هناك.
ومن آستانة قال مصدر لـ«الشرق الأوسط» إن المفاوضات في «جنيف 7» تجري بهدوء، لأن المبعوث الدولي أتاح لكل طرف من الأطراف السورية إمكانية التركيز على السلة التي تهمه، مشددا على ما قاله المصدر الروسي، من أن «الجميع ينتظر مصير التعاون الأميركي - الروسي في سوريا، الذي من شأنه أن يخلق تغيرات جذرية على المشهد، عسكرياً، وهو ما سينعكس بدوره على جدول مفاوضات جنيف». وعبر عن قناعته بأن «بعض تلك التحولات قد تلمس خلال أو عقب الجولة القادمة من مفاوضات آستانة، حيث يرجح الإعلان عن اتفاق نهائي حول مناطق خفض التصعيد، ما يعني خلق واقع ميداني جديد».
إلى ذلك، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إن إقامة منطقة خفض تصعيد جنوب - غرب سوريا بموجب اتفاق أميركي - روسي - أردني، ساهمت بتراجع كبير لمستويات العنف، وأكد التزام الأطراف باتفاق وقف إطلاق النار ابتداء من 9 يوليو (تموز)، معبراً عن أمله في أن يتم تعميم هذه الظاهرة على كل الأراضي السورية. وأكد لافروف عقب محادثاته في بروكسل أمس مع نظيره البلجيكي ديدييه ريندرز، أن «روسيا مثل بلجيكا، تدعم العملية السياسية السورية»، وأضاف: «لقد تحدثنا كثيراً عن سوريا»، وأشار إلى أن «منطقة الهدنة جنوب - غرب سوريا قد تشكلت بمشاركة العسكريين والدبلوماسيين من روسيا والولايات المتحدة والأردن»، وأشار إلى أن المفاوضات بشأن إقامة ثلاث مناطق أخرى لتخفيف التوتر، لا تزال مستمرة، معبراً عن أمله في أن ينتهي العمل حول هذه المناطق خلال لقاء آستانة المقبل في أغسطس (آب).
وعبر وزير الخارجية الروسي عن قناعته بأن «عملية آستانة أعطت دينامية إضافية، وإن لم تكن واضحة تماماً، لكن دينامية إيجابية لمفاوضات جنيف برعاية الأمم المتحدة»، وعبر عن أمله في أن يسعى وفدا النظام السوري والمعارضة إلى التوصل لاتفاقات بناءة، وكرر ضمناً اتهاماته للمعارضة السورية بطرح الشروط، حين قال إنه «من المهم أن تمتنع المعارضة عن الإنذارات وتعمل على أساس ما ينص عليها القرار 2254، حول ضرورة الاتفاق مع الحكومة، لا المطالبة بتغيير النظام أو طرح شروط ما مسبقة».
إلى ذلك برزت تباينات بين موسكو وواشنطن بشأن الاتفاق الخاص بإنشاء مركز في العاصمة الأردنية لمراقبة الالتزام بوقف إطلاق النار في منطقة الهدنة جنوب غربي سوريا.
وكانت هيزر نوريت، المتحدثة الرسمية باسم الخارجية الأميركية قالت، إن العمل ما زال مستمرا بشأن افتتاح ذلك المركز، وإن وزير الخارجية الروسي يستبق الأمور (بإعلانه عنها). وفي رده على تلك التصريحات قال لافروف إن «الوثيقة التي وقعها ممثلون روس وأميركيون وأردنيون في عمان، تتضمن بندا يثبت بوضوح التوصل إلى اتفاق حول إقامة مثل هذا المركز».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».