استقرار التضخم الشهري في تونس

قدر بنحو 4.8 % في يونيو

TT

استقرار التضخم الشهري في تونس

بعد موجة من الارتفاع المتتالي لنسبة التضخم عند الاستهلاك العائلي، خلال الأشهر الأولى من السنة الحالية، أعلن المعهد التونسي للإحصاء (مؤسسة حكومية) عن عودة الاستقرار لهذا المؤشر الاقتصادي خلال نهاية شهر يونيو (حزيران) الماضي، وقدر نسبة التضخم عند الاستهلاك العائلي بنحو 4.8 في المائة، وهي النسبة نفسها المسجلة خلال شهر مايو (أيار) الماضي.
ويرجع اهتمام الدوائر الحكومية التونسية بهذا المؤشر إلى الارتفاع الذي شهدته نسبة التضخم خلال الأشهر الأولى من السنة الحالية؛ إذ ارتفعت من مستوى 4.6 في المائة خلال شهر يناير (كانون الثاني) الماضي لتصل إلى 5 في المائة في شهر أبريل (نيسان) من السنة الحالية، وخشيت تلك الدوائر الحكومية من انعكاس هذا الارتفاع على مختلف الأسعار وتأثيره على المقدرة الشرائية للتونسيين.
وأرجع المعهد التونسي للإحصاء استقرار نسبة التضخم باستقرار نسق تطور الأسعار بين شهري مايو ويونيو الماضيين، مقارنة بالفترة نفسها من السنة الماضية. وشمل هذا الاستقرار أغلب المجموعات الرئيسية عند الاستهلاك، ومن بينها بشكل أساسي أسعار التغذية والمشروبات.
وخلال الشهر الماضي، ارتفعت أسعار الزيوت الغذائية بنسبة 17.3 في المائة، والأسماك بنحو 6.3 في المائة، كما شهدت أسعار الغلال والفواكه الجافة زيادة بنحو 4.6 في المائة، والحليب ومشتقاته والبيض زيادة بنحو 2.8 في المائة، واللحوم زادت بدورها بنسبة 2.1 في المائة.
كما ارتفعت أسعار عدة مواد استهلاكية أخرى مثل الملابس والأحذية والسكن والطاقة المنزلية.
ومقارنة مع أسعار المواد المراقبة من قبل أجهزة الحكومة، فإن متوسط أسعار المواد المحررة شهدت نسبة تضخم أكبر؛ إذ سجلت زيادة بنحو 5.8 في المائة، في حين أن متوسط الزيادة التي عرفتها المواد المدعومة لم يتجاوز حدود 4.1 في المائة. وفي السياق ذاته، أكد المعهد التونسي للإحصاء أن نسبة التضخم الضمني لشهر يونيو الماضي بلغت نحو 5.5 في المائة، وذلك إذا تم استثناء أسعار الطاقة والتغذية.
وفي هذا الشأن، قال سعد بومخلة، الأستاذ الجامعي المختص في الاقتصاد، إن نسبة التضخم مرتبطة أساسا بمستويات الإنتاج المحلي والأسعار على المستوى الخارجي؛ «فعلى المستوى المحلي، تأثرت السوق بوفرة الإنتاج الصيفي لعدد من الغلال والفواكه، وهو ما يؤثر على معدلات الاستهلاك العائلي. أما على المستوى الدولي، فإن واردات تونس من عدد من المواد الاستهلاكية، خصوصا منها الحبوب ومشتقاتها، تتراجع نتيجة جمع المحصول المحلي وتوجه العائلات التونسية نحو استهلاك ما أنتجته أياديها» على حد تعبيره.
وفي السياق ذاته، أكد بومخلة على ضرورة كبح جماح عدد كبير من المنتجات الاستهلاكية، خصوصا الضغط على الواردات من أجل إعادة التوازن إلى الميزان التجاري بمختلف مكوناته.
وعلى صعيد متصل، ارتفع مؤشر أسعار الاستهلاك العائلي بنسبة 0.4 في المائة خلال شهر يونيو الماضي، مقارنة بما سجل خلال شهر مايو من السنة نفسها. ويعزا هذا التطور بالأساس إلى زيادة مؤشر مجموعة الملابس والأحذية الصيفية بنسبة واحد في المائة تزامنا مع عيد الفطر المبارك، حيث ارتفع مؤشر أسعار الملابس بنسبة 1.2 في المائة، والأحذية بنسبة 0.7 في المائة، ومكملات الملابس بنسبة 0.6 في المائة.



«موديز» ترفع توقعاتها لنمو الصين في 2025 رغم التحديات التجارية

العلم الوطني الصيني أمام منطقة الأعمال المركزية في هونغ كونغ (رويترز)
العلم الوطني الصيني أمام منطقة الأعمال المركزية في هونغ كونغ (رويترز)
TT

«موديز» ترفع توقعاتها لنمو الصين في 2025 رغم التحديات التجارية

العلم الوطني الصيني أمام منطقة الأعمال المركزية في هونغ كونغ (رويترز)
العلم الوطني الصيني أمام منطقة الأعمال المركزية في هونغ كونغ (رويترز)

رفعت وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني توقعاتها لنمو الناتج المحلي الإجمالي للصين لعام 2025 إلى 4.2 في المائة من 4 في المائة، حيث توقعت استقرار ظروف الائتمان، وأن تؤدي جهود التحفيز التي بذلتها بكين منذ سبتمبر (أيلول) إلى التخفيف من بعض التأثيرات المحتملة للزيادات في التعريفات الجمركية الأميركية.

في المقابل، أظهرت بيانات وزارة المالية أن الإيرادات المالية للصين في أول 11 شهراً من عام 2024 انخفضت 0.6 في المائة مقارنة بالعام السابق، مما يمثل تحسناً طفيفاً عن الانخفاض بنسبة 1.3 في المائة في الفترة من يناير (كانون الثاني) إلى أكتوبر (تشرين الأول). من ناحية أخرى، نما الإنفاق المالي بنسبة 2.8 في المائة في الفترة نفسها، مقارنة بزيادة قدرها 2.7 في المائة في أول 10 أشهر من العام.

نمو صناعي وتراجع استهلاكي

كما شهد الناتج الصناعي في الصين نمواً طفيفاً في نوفمبر (تشرين الثاني)، بينما جاءت مبيعات التجزئة مخيبة للآمال، مما عزز الدعوات إلى زيادة التحفيز الذي يركز على المستهلكين. وتعكس البيانات المتباينة التحديات الكبيرة التي يواجهها قادة الصين في تحقيق تعافٍ اقتصادي مستدام قبل عام 2025 في وقت قد تشهد فيه العلاقات التجارية مع أكبر سوق تصدير للصين تدهوراً، في حين يبقى الاستهلاك المحلي ضعيفاً، بحسب وكالة «أسوشييتد برس».

وأوضح المحللون أن تعهد ترمب بفرض تعريفات تصل إلى 60 في المائة على السلع الصينية قد يدفع بكين إلى تسريع خططها لإعادة التوازن إلى اقتصادها البالغ حجمه 19 تريليون دولار، وهو ما يعكس أكثر من عقدين من النقاشات حول التحول من النمو المدفوع بالاستثمار في الأصول الثابتة والصادرات إلى نموذج اقتصادي يعتمد بشكل أكبر على الاستهلاك.

وأظهرت بيانات المكتب الوطني للإحصاء أن الناتج الصناعي نما بنسبة 5.4 في المائة في نوفمبر مقارنة بالعام السابق، متجاوزاً التوقعات التي كانت تشير إلى نمو قدره 5.3 في المائة. ومع ذلك، سجلت مبيعات التجزئة، التي تعد مقياساً رئيساً للاستهلاك، أضعف زيادة لها في ثلاثة أشهر بنسبة 3 في المائة، وهو ما جاء أقل من الارتفاع المتوقع بنسبة 4.6 في المائة، وأقل من معدل النمو في أكتوبر البالغ 4.8 في المائة.

وأشار دان وانغ، الخبير الاقتصادي المستقل في شنغهاي، إلى أن السياسات الاقتصادية الصينية كانت تروج بشكل مستمر للمصنعين على حساب المستهلكين، على الرغم من مؤشرات الضعف المستمر. وأضاف أن بكين قد تتجه نحو تعزيز القدرة الإنتاجية، مما قد يفاقم مشكلة فائض الطاقة الإنتاجية، ويحفز الشركات الصينية للبحث عن أسواق جديدة خارجية.

كما شهد الاستثمار في الأصول الثابتة نمواً أبطأ بنسبة 3.3 في المائة في الفترة بين يناير ونوفمبر، مقارنة بتوقعات كانت تشير إلى نمو بنسبة 3.4 في المائة.

وفيما يتعلق بالسياسات المستقبلية، عبر صناع السياسات عن خططهم لعام 2025، مع الأخذ في الاعتبار أن عودة ترمب إلى البيت الأبيض قد تضع ضغوطاً كبيرة على الاقتصاد الصيني. وقال مسؤول في البنك المركزي الصيني إن هناك مجالاً لمزيد من خفض الاحتياطيات النقدية، رغم أن التيسير النقدي السابق لم يحقق تعزيزاً كبيراً في الاقتراض.

من ناحية أخرى، يواصل قطاع العقارات معاناته من أزمة طويلة الأمد تؤثر على ثقة المستهلكين، حيث تُعد 70 في المائة من مدخرات الأسر الصينية مجمدة في هذا القطاع. وفي الوقت نفسه، لا يزال من المبكر الحديث عن تعافٍ حقيقي في أسعار المساكن، رغم وجود بعض الإشارات المشجعة مثل تباطؤ انخفاض أسعار المساكن الجديدة في نوفمبر.

وفي إطار هذه التطورات، أفادت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) أن الصين ستعزز من النمو المستدام في دخل الأسر خلال عام 2025 من خلال تكثيف الدعم المالي المباشر للمستهلكين، وتعزيز الضمان الاجتماعي. وقد حددت الصين توسيع الطلب المحلي بصفته أولوية رئيسة لتحفيز النمو في العام المقبل، في ظل استمرار التحديات الكبيرة التي تواجه قطاع العقارات المتضرر من الأزمة، والتي تعرقل الانتعاش الكامل.

ونقلت الوكالة عن مسؤول في اللجنة المركزية للشؤون المالية والاقتصادية قوله إن الصين ستزيد بشكل كبير من الأموال المخصصة للسندات الخاصة طويلة الأجل في العام المقبل، لدعم الترقيات الصناعية، وتعزيز نظام مقايضة السلع الاستهلاكية، بهدف تحفيز الاستهلاك. وأوضحت أن هذه الخطوات ستتركز على تعزيز دخل الأسر من خلال زيادة الإنفاق الحكومي على الاستهلاك، وتحسين الضمان الاجتماعي، وخلق مزيد من فرص العمل، وتطوير آليات نمو الأجور، بالإضافة إلى رفع معاشات التقاعد للمتقاعدين، ودعم التأمين الطبي، وتنفيذ سياسات تهدف إلى تشجيع الإنجاب.

وقال المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، لوكالة «شينخوا»: «من خلال متابعة الوضع الاقتصادي الحالي، نتوقع أن يكون النمو الاقتصادي السنوي نحو 5 في المائة». كما توقع المسؤول أن تشهد سوق الإسكان مزيداً من الاستقرار، ودعا إلى اتخاذ تدابير سياسية ذات تأثير مباشر على استقرار القطاع العقاري في أقرب وقت، مع منح الحكومات المحلية مزيداً من الاستقلالية في شراء المخزون السكني.

من جانبه، أعرب جوليان إيفانز بريتشارد، رئيس قسم الاقتصاد الصيني في «كابيتال إيكونوميكس»، عن اعتقاده بأن التحفيز الاقتصادي في نوفمبر من المرجح أن يكون مؤقتاً، مع احتمالية تعافي النمو في الأشهر المقبلة بفضل الدعم السياسي الزائد. ولكنه أشار إلى أن هذا التحفيز لن يحقق أكثر من تحسن قصير الأمد، خاصة أن القوة الحالية للطلب على الصادرات من غير المرجح أن تستمر بمجرد أن يبدأ ترمب في تنفيذ تهديداته بشأن التعريفات الجمركية.

تراجع الأسواق الصينية

وفي الأسواق المالية، انخفضت الأسهم الصينية بعد أن أظهرت البيانات ضعفاً غير متوقع في إنفاق المستهلكين، في حين راهن المستثمرون على مزيد من الدعم السياسي لتحفيز النمو الضعيف. وفي فترة استراحة منتصف النهار، تراجع مؤشر «سي إس آي 300» للأسهم القيادية الصينية بنسبة 0.37 في المائة، ليضيف إلى التراجع الذي شهده الأسبوع الماضي بنسبة 1 في المائة.

في المقابل، سجل مؤشر «شنغهاي المركب» ارتفاعاً طفيفاً بنسبة 0.1 في المائة ليصل إلى 3395.11 نقطة. وانخفض قطاع السلع الاستهلاكية الأساسية بنسبة 1.04 في المائة، في حين خسر مؤشر العقارات 1.41 في المائة وضعف مؤشر الرعاية الصحية الفرعي بنسبة 0.94 في المائة. كما تراجع مؤشر «هانغ سنغ» في هونغ كونغ بنسبة 0.57 في المائة ليغلق عند 19856.91 نقطة.

وعلى الصعيد الإقليمي، تراجع مؤشر «إم إس سي آي» للأسواق الآسيوية باستثناء اليابان بنسبة 0.20 في المائة، بينما انخفض مؤشر «نيكي» الياباني بنسبة 0.18 في المائة. أما اليوان، فقد تم تسعيره عند 7.2798 مقابل الدولار الأميركي، بانخفاض بنسبة 0.09 في المائة مقارنة بإغلاقه السابق عند 7.2731.