التقى أمس الأربعاء ممثلو 11 دولة مشاركة في اتفاقية «الشراكة عبر المحيط الهادي» في منتجع ياباني بالقرب من العاصمة طوكيو، وذلك في محاولة التوصل لاتفاقية تجارية بديلة عقب انسحاب الولايات المتحدة الأميركية.
وبدأ المفاوضون الاجتماع الذي يستمر يومين في بلدة هاكونه اليابانية. ويأتي هذا اللقاء على خلفية اتفاق تجارة حرة موسع تم التوصل إليه بين اليابان والاتحاد الأوروبي، الأسبوع الماضي، واعتبر أنه بمثابة «إنجاز» وتراجع عن السياسات التجارية الحمائية التي يتبناها الرئيس الأميركي دونالد ترمب.
وكان ترمب قد قرر عقب توليه الرئاسة سحب الولايات المتحدة من اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادي في يناير (كانون الثاني) الماضي، وذلك بعد أن وقعت 12 دولة تشمل أستراليا وماليزيا الاتفاقية في فبراير (شباط) عام 2016.
وناقش ممثلو الدول المجتمعة في البلدة اليابانية، أمس، سبل إحراز تقدم بالملف الشائك، وذلك قبل انعقاد جلسات منتدى التعاون الاقتصادي في آسيا - المحيط الهادي المقرَّر في فيتنام خلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
ويشار إلى أنه لا يمكن أن يبدأ العمل بالاتفاقية إلا بعد استكمال إجراءات الموافقات المحلية (من الحكومات أو البرلمانات) في ست دول، تمثل 85 في المائة أو أكثر من إجمالي الناتج المحلي المجمع للدول الأعضاء الـ12. وبذلك أصبح من المستحيل أن يتم بدء سريان الاتفاقية وفقا للشروط الحالية، إذ إن الولايات المتحدة الأميركية كانت تمثل وحدها أكثر من 60 في المائة من إجمالي الناتج المحلي للمجموعة.
وقالت وكالة «كيودو» اليابانية للأنباء، أمس، إن اليابان، صاحبة أكبر اقتصاد بين الدول الـ11 الأعضاء المتبقية بالاتفاقية، تأمل في التوصل لاتفاق لتغيير متطلبات تنفيذ الاتفاقية دون النظر مجدداً لمحتوى الاتفاقية.
وانسحب ترمب من الاتفاقية بذريعة أن اتفاقات الشراكة التي أبرمتها أو وافقت عليها بلاده خلال الفترة التي سبقت انتخابه، خصوصاً التي تتعلق بمجموعات دول على غرار الشراكة عبر الهادي أو الشراكة عبر الأطلسي، «ليست عادلة» ولا تصب في مصلحة أميركا، فيما عبر خلال الفترات الماضية عن انفتاحه على إبرام اتفاقات «ثنائية» تراعي مصالح الطرفين بشكل مباشر.
وعلى مدار الشهور الماضية، تراوحت مواقف الإدارة الأميركية بين الهجوم العنيف على الدول التي يميل الميزان التجاري نحوها بشكل كبير، مثل اليابان والصين وألمانيا، متضمنة أن هذه الدول تضعف عملاتها بشكل مصطنع أمام الدولار من أجل توجيه المنافسة في صالحها، ومحاولات لتهدئة الأوضاع بين الحين والآخر، سواء من جانب تلك الدول أو من جانب الإدارة الأميركية.
وعلى سبيل المثال، سجلت اليابان فائضاً تجارياً قدره 6.8 تريليون ين (62.6 مليار دولار) مع الولايات المتحدة في عام 2016، بانخفاض قدره 4.8 في المائة عن العام السابق... لكن شحنات المركبات إلى الولايات المتحدة نمت بنسبة 7.7 في المائة، وفقاً لما أظهرته بيانات الحكومة اليابانية في الربع الأول من العام الحالي.
ورغم ذلك، فإن الحكومة اليابانية تسعى بكل قوة للخروج من دائرة الكساد. وفي شهر أبريل (نيسان) الماضي، ذكرت مؤسسة «موديز إنفستورز سيرفس» الدولية للتصنيف الائتماني أن الاقتصاد الياباني يظهر مؤشرات على تقدم مطرد نحو الخروج من دائرة الكساد، بعد تبني الحكومة حزمة إجراءات مالية خلال العام الماضي، في حين كشف البنك المركزي الياباني عن إطار عمله الجديد لإدارة أسعار العائد.
وذكرت «موديز» في ذلك الوقت أن قوة الطلب الخارجي بدرجة ما عززت تأثير الإجراءات التي اتخذتها الحكومة وبنك اليابان المركزي للخروج بالاقتصاد من دائرة الكساد. كما أشارت إلى أن هذه التأثيرات الملموسة ستظهر على الأرجح خلال العام الحالي، مع التطبيق الكامل لسياسات التحفيز المالي المقررة.
يُذكَر أن حكومة رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي كانت قد تعهدت منذ توليه السلطة في ديسمبر (كانون الأول) 2012، بإخراج الاقتصاد الياباني من دائرة الكساد وزيادة معدل التضخم إلى 2 في المائة، دون جدوى، وكذلك تعهد بنك اليابان المركزي بتحقيق هذا الهدف منذ 2013 حيث اتخذ سلسلة من الإجراءات النقدية والمالية لتحقيق هذا الهدف لكنه لم يتحقق حيث كان معدل التضخم حتى فبراير الماضي 0.2 في المائة سنويّاً.
وفي الأسبوع الماضي، أعلن الاتحاد الأوروبي عن التوصل إلى اتفاق مبدئي للتجارة مع اليابان، وذلك بعد نحو 3 أعوام من المفاوضات.
واليابان هي سادس شريك تجاري للاتحاد الأوروبي وشكلت 3.6 في المائة من حجم التجارة الأوروبية في 2016. وأظهرت دراسة للمفوضية الأوروبية أن إجمالي الناتج الداخلي الأوروبي يمكن أن يزيد بنسبة 0.76 في المائة على المدى الطويل من خلال تلك الشراكة.
وتوقعت المفوضية أن تزداد الصادرات الأوروبية بقيمة قد تصل إلى ما يقرب من 20 مليار يورو «وهذا يعني المزيد من الفرص والوظائف في كثير من قطاعات الاتحاد. إضافة إلى زيادة حجم الصادرات الأوروبية إلى اليابان، البالغة حالياً أكثر من 80 مليار يورو سنويّاً (91 مليار دولار)، كما تنعكس إيجابيّاً على نحو 600 ألف فرصة عمل داخل الاتحاد مرتبطة بالصادرات إلى اليابان».
وأشار آبي عقب الإعلان عن الاتفاق إلى حجم الاقتصادين الأوروبي والياباني، اللذين يمثلان 30 في المائة من مجموع الناتج المحلي الإجمالي العالمي، ونحو 40 في المائة من التجارة العالمية، وبعدد سكان يبلغ 10 في المائة من مجموع سكان العالم.
وأعرب عن الأمل بأن يُسهِم الاتفاق الجديد في زيادة تعزيز التجارة الدولية والاستثمار العالمي.
دول «الشراكة عبر الهادي» تسعى لعبور «الكبوة الأميركية»
محاولات لتغيير شرط 85 % المعجز
دول «الشراكة عبر الهادي» تسعى لعبور «الكبوة الأميركية»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة