فوز آفي غباي برئاسة «العمل» الإسرائيلي يحدث انقلاباً في المعارضة ويهدد حكم نتنياهو

وراء نجاحه «برنامج سلمي وروح شبابية ورغبة في التغيير ومحاربة الفساد»

زعيم المعارضة الإسرائيلية الجديد آفي غباي (أ.ف.ب)
زعيم المعارضة الإسرائيلية الجديد آفي غباي (أ.ف.ب)
TT

فوز آفي غباي برئاسة «العمل» الإسرائيلي يحدث انقلاباً في المعارضة ويهدد حكم نتنياهو

زعيم المعارضة الإسرائيلية الجديد آفي غباي (أ.ف.ب)
زعيم المعارضة الإسرائيلية الجديد آفي غباي (أ.ف.ب)

لأول مرة في تاريخ حزب العمل، حزب المعارضة الرئيسي في إسرائيل، يجرى انتخاب رئيس من أصول بعيدة عن جذور الحزب «الاشتراكية»، هو الوزير السابق آبي غباي، الذي انتسب إلى الحزب فقط قبل ستة أشهر. وقد اجمع المراقبون على أن الانقلاب الذي أحدثه، جاء بفضل روحه الشبابية وحمله لواء التغيير، فضلا عن برنامجه السياسي السلمي ومحاربته الفساد.
وقد تغلب غباي على منافسه النائب عمير بيرتس، الذي كان قد شغل، في الماضي، منصب رئيس حزب العمل، وكان وزير الدفاع في حرب لبنان الثانية. وقد فاز غباي بتأييد أكثر من 52 في المائة من المصوتين، نحو 16 ألف صوت، مقابل 48 في المائة (نحو 14 ألف صوت) دعموا بيرتس. ووصلت نسبة التصويت في الجولة الثانية من الانتخابات، التي جرت أول من أمس، وأعلنت قبيل منتصف الليلة السابقة، إلى 59 في المائة. وقال غباي في خطاب الانتصار الذي ألقاه في مقر حزب العمل: إن «هذه الليلة هي الرد على كل من نعى حزب العمل، وكل من شكك بحيوية الديمقراطية الإسرائيلية، وكل من اعتقد أن مواطني إسرائيل لا يريدون التغيير. طلبتهم قيادة جديدة؟ ها أنا». ووعد غباي بأن يحقق التغيير بشكل جوهري، ويسقط حكم بنيامين نتنياهو.
وقال غباي: إن إسرائيل تحتاج إلى رئيس وزراء يكون صادقا مع الجيران عندما يتحدث عن السلام ولا يردد شعارات كاذبة، ويكون مستقيما عندما يتحدث مع زعماء العالم ومع مواطني إسرائيل، ويكون مخلصا لكل شرائح المجتمع وموحدا لصفوفهم، وليس مفرقا يبني سياسته على مبادئ فرق تسد، ويكون صاحب أمل وليس داعية تشاؤم وتخويف، ويكون نظيف اليد ولا يحاط بفاسدين ويدير بنفسه سياسة فساد وإفساد.
وكرر غباي دعوته لرئيس الحزب السابق، يتسحاق هرتسوغ، بمواصلة قيادة المعارضة البرلمانية؛ (كون غباي ليس عضوا في الكنيست ولا يستطيع القيام بهذا الدور بصفته رئيسا لحزب العمل). وقال موجها حديثه لهرتسوغ: «أدعوك أنت وبقية المرشحين، تعالوا وانضموا، الدولة والحزب في حاجة إليكم. وأنا في حاجة إليكم. معا فقط يمكننا الانتصار». وأضاف: «اليوم بدأت المسيرة لاستبدال السلطة».
وبعد نشر نتائج الجولة الثانية، اتصل الخاسر عمير بيرتس، بغباي وهنأه بالفوز. وشكر غباي بيرتس وقال له: «أنا أعتبرك شريكا رئيسيا في المهمة: استبدال سلطة نتنياهو». كما هنأ هرتسوغ، الذي دعم بيرتس في الجولة الثانية، غباي بفوزه، وقال في بيان صدر عنه: «تحدثت الآن مع غباي وأوضحت له بأنني سأقف إلى جانبه وأساعده بكل الطرق من أجل تعزيز حزب العمل واستبدال السلطة». وقالت النائب شيلي يحيموفيتش، التي دعمت غباي: إن «انتخابه يعتبر إنجازا مدهشا ومؤثرا يدل أكثر من أي شيء آخر على أن حزب العمل هو حزب يحب الحياة، حكيم وديمقراطي ويمكنه أن يشكل مثالا ونموذجا للجهاز السياسي في إسرائيل». وأضافت: «حظينا برئيس نقي اليدين، شجاع واستثنائي في مواهبه، وسنستيقظ غدا على صباح من الأمل». كما هنأت رئيسة حزب الحركة، تسيبي ليفني، بانتخاب غباي، وقالت: إن «المهمة المشتركة المطروحة أمامنا الآن، هي خلق الأمل المتجدد والحقيقي باستبدال السلطة وعرض طريق آخر، أفضل لإسرائيل ومواطنيها». وقالت ليفني إنه بعد انتهاء الانتخابات الداخلية في «العمل» الآن، سيكون على المعسكر الصهيوني العمل على توسيع صفوفه ليصبح كتلة أكبر من أجل استبدال نتنياهو.
وقالت رئيسة حركة ميرتس، زهافا غلؤون، إنه سيسرها «التعاون مع غباي واستبدال السلطة هنا. يحق للجمهور الإسرائيلي رؤية معارضة مفترسة وناقدة، كما يجب أن تكون المعارضة، وغباي لا يبدو لي بأنه يخاف من التحديات». كما هنأ النائب اريئيل مرغليت، الذي خسر المنافسة في الجولة الأولى، بانتخاب غباي، وقال: «علينا اليوم بالذات، حين تقترب التحقيقات من نتنياهو، التجند معا لإسقاط الحكومة وطرح بديل واضح لقيادة الدولة».
واتصل النائب أيمن عودة، رئيس القائمة المشتركة، التي تضم الأحزاب العربية الوطنية والإسلامية، وهنأ غباي، مؤكدا على صحة رأيه في إسقاط حكومة نتنياهو.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».