ضجة في المغرب بعد تسريب فيديو لمتزعم احتجاجات الحسيمة

النيابة العامة أمرت بفتح تحقيق... ووزير حقوق الإنسان عده مساً صارخاً بالكرامة

TT

ضجة في المغرب بعد تسريب فيديو لمتزعم احتجاجات الحسيمة

أمرت النيابة العامة المغربية بفتح تحقيق حول ظروف وملابسات تصوير شريط فيديو مسرب لناصر الزفزافي، متزعم احتجاجات الحسيمة، يظهره وهو يكشف عن مختلف أجزاء جسمه خلال فترة اعتقاله وخضوعه لفحص طبي.
وأثار تسريب الفيديو، الذي نشره موقع إلكتروني مساء أول من أمس، ضجة كبيرة في المغرب، وخلف ردود فعل غاضبة عبر عنها حقوقيون وسياسيون ومسؤولون بسبب ما اعتبروه «سلوكا مهينا»، و«حاطا بكرامة» السجين الزفزافي.
وقال المحامي محمد زيان، عضو هيئة الدفاع عن الزفزافي، لـ«الشرق الأوسط»، إن «نشر الفيديو في صالح الزفزافي، وفي صالح هيئة دفاعه، ونشكر من كان سببا في هذا الخطأ».
وأضاف زيان أن الفيديو صور عندما كان الزفزافي بصدد إجراء فحص طبي بأمر من النيابة العامة، لذلك فإن «النيابة العامة هي من جرى التلاعب بها»، موضحا أن الفيديو قد يكون سرب إما من طرف النيابة العامة وإما من السجن، وفي الحالتين «على المؤسستين القيام بما يلزم إذا ما ثبت لهما أن أحدا ما غدر بهما وسرب الفيديو».
وردا على سؤال حول الخطوات التي تعتزم هيئة الدفاع القيام بها بعد تسريب الفيديو، قال زيان «سنقوم بنشر الفيديو عبر العالم».
من جهته، أعلن الوكيل العام للملك (النائب العام) لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، في بيان أصدره الليلة قبل الماضية، أنه بمجرد الاطلاع على شريط الفيديو أمرت النيابة العامة بفتح تحقيق دقيق للوقوف على حقيقة ظروف وملابسات تصويره والغاية من نشره، لاتخاذ المتعين قانونا على ضوء نتيجة البحث.
وبعدما راج على نطاق واسع أن الفيديو صور داخل السجن الذي يوجد فيه الزفزافي، وأن الغرض منه إثبات عدم تعرضه للتعذيب خلافا لما صرح به، سارعت المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج إلى نفي ذلك، وأفادت في بيان أصدرته الليلة قبل الماضية بأن «الفيديو المنشور للنزيل ناصر الزفزافي المعتقل على خلفية أحداث الحسيمة بالسجن المحلي عين السبع 1. لم يتم تصويره داخل هذه المؤسسة السجنية». وأوضحت المندوبية بعد اطلاعها على الفيديو المنشور بمواقع التواصل الاجتماعي، أن الزفزافي لم يسبق له أن ارتدى اللباس الذي ظهر به في شريط الفيديو داخل المؤسسة السجنية منذ إيداعه بها إلى حدود الآن. كما شددت على أن «المواصفات المادية للمكان الذي صور فيه الفيديو لا تتوفر في أي من القاعات الموجودة بالسجن المحلي عين السبع 1». وانطلاقا من هذه الاعتبارات أكدت إدارة السجون أن «هذا الفيديو لم يتم تصويره داخل هذه المؤسسة السجنية، ولذلك فهي تستنكر الترويج في مواقع مأجورة من أطراف تدعي الدفاع عن حقوق الإنسان لفكرة أن الفيديو قد تم تسريبه من داخل المؤسسة».
وفي سياق ردود الفعل المنددة بتسريب الفيديو، قال المصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف حقوق الإنسان، إن نشر الفيديو «يعد إهانة مدانة لمواطن أعزل مهما كانت التهم الموجهة إليه. وقد انتابني ألم كبير وأنا أطلع على صورة المعتقل الزفزافي على صفحة أحد المواقع الإلكترونية بتلك الهيئة التي تعتبر إهانة مدانة لمواطن أعزل مهما كانت التهم الموجهة إليه... نحن لا نعلم لحد الآن في أي مكان التقطت ولا في أي ظروف صنعت، ويبقى القضاء وحده المخول بتحديد الجهة الآثمة التي أقدمت على تصويره».
واعتبر الرميد التقاط تلك الصور ونشرها خطيئة تحدت بشكل سافر كل القيم الأخلاقية والنصوص القانونية، «بل إنها تمثل مسا صارخا بكرامة مواطن بطريقة أحسست معها أن كرامتي وكرامة جميع المواطنين مست معها».
وأعلن الوزير المغربي أنه «جد غاضب من هذه الصبيانيات التي لا مبرر لها مطلقا». موضحا أنه بمجرد أن أخبره مصطفى الخلفي (الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني والناطق الرسمي باسم الحكومة) «بهذه الخطيئة بادرت إلى الاتصال بوزير الداخلية الذي أمهلني عشر دقائق للاطلاع على الفيديو الآثم، ثم اتصل بي ليعبر بدوره عن غضبه، ووجدت أننا متفقان تلقائيا على وجوب البحث في الموضوع وهو ما تجاوب معه وزير العدل سريعا». لذلك لا مناص من جدية البحث ونزاهته للوصول إلى الحقيقة التي ينبغي أن يعرفها الجميع وترتيب الآثار القانونية اللازمة، يضيف الرميد.
من جهته، قال منتدى الكرامة لحقوق الإنسان، في بيان، إنه تلقى باستياء وغضب شديدين تعميم الفيديو المهين والحاط من الكرامة الإنسانية للمواطن الزفزافي، بينما هو محتجز بأوامر من سلطات قضائية، مشيرا إلى أن الزفزافي يظهر في الفيديو وهو يكشف عن أماكن من جسده تبدو عليها آثار كدمة على الجانب الأيسر من ظهره مع تجمع وازرراق للدم تحت الجلد، فيما قد يبدو ظاهريا كأنه فحص طبي. واعتبر المنتدى تعميم هذا الفيديو على نطاق واسع يهدف إلى إحداث انكسار نفسي لدى المواطن المعني بالأمر وأقاربه وعموم المواطنين المتعاطفين مع «حراك الريف» السلمي.
وأضاف المنتدى أنه واعتبارا لوجود الزفزافي قيد الاحتجاز تحت عهدة المندوبية العامة لإدارة السجون والفرقة الوطنية للشرطة القضائية في زمن وقوع الانتهاكات ضده، فإن «منتدى الكرامة لحقوق الإنسان» يحمل المسؤولية القانونية والأخلاقية لما تعرض له المواطن المذكور لهما معا على وجه التضامن فيما بينهما، إلى أن يفتح تحقيق قضائي نزيه ومستقل، وحمل مسؤولية التمادي في انتهاك الحقوق الدستورية للزفزافي ورفاقه، إلى وزير العدل بسبب عدم تقديمه لحد الآن ملتمسات من خلال النيابة العامة التي ما زالت تحت سلطته، من أجل إجراء التحقيقات اللازمة في الاشتباه بوقوع جرائم التعذيب في حق المواطنين المذكورين كما وثقتها الخبرات الطبية التي أنجزها المجلس الوطني لحقوق الإنسان.
وأعلن المنتدى بأنه سيتقدم بشكوى للنيابة العامة المختصة من أجل أن تقوم بما يلزم بـ«خصوص السلوك القاسي والمؤذي بدنيا ومعنويا والمهين والحاط من الكرامة الإنسانية» الذي تعرض له الزفزافي.



الأردن باشر إجلاء ألفي طفل من غزة لتلقي العلاج في العاصمة عمان

إجلاء ألفي طفل من غزة لتلقي العلاج في الأردن (أ.ف.ب)
إجلاء ألفي طفل من غزة لتلقي العلاج في الأردن (أ.ف.ب)
TT

الأردن باشر إجلاء ألفي طفل من غزة لتلقي العلاج في العاصمة عمان

إجلاء ألفي طفل من غزة لتلقي العلاج في الأردن (أ.ف.ب)
إجلاء ألفي طفل من غزة لتلقي العلاج في الأردن (أ.ف.ب)

باشر الأردن، اليوم (الثلاثاء)، عملية إجلاء ألفي طفل من غزة لتلقي العلاج، كان العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني تعهد بها خلال لقائه الرئيس الأميركي دونالد ترمب في واشنطن الشهر الماضي.

ووفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية، حطّت مروحيتان عسكريتان أردنيتان تحملان طفلين من غزة مبتوري الأطراف ومرافقين من عائلتيهما قبيل ظهر الثلاثاء، في مطار ماركا العسكري في عمان، تبعتهما مروحيتان أخريان بعد الظهر تحملان طفلين مصابين، وفق مشاهد بثّها تلفزيون «المملكة» الرسمي.

ونقل الأطفال مباشرة من المروحيات إلى سيارات إسعاف لنقلهم إلى مستشفيات لتلقي العلاج.

وعقب هبوط تلك المروحيات، قال وزير الإعلام والاتصال، محمد المومني، خلال مؤتمر صحافي: «قبل قليل، بدأ دخول الدفعة الأولى من الأطفال الغزيين الذين يعانون من أمراض مختلفة تنفيذاً للمبادرة التي تحدث عنها الملك في واشنطن».

وأضاف أن «هذه الدفعة الأولى من مجموعة من الأطفال الغزيين وصلت بالطائرات المروحية إلى مطار ماركا العسكري، وهناك مجموعة أخرى ستصل براً خلال فترة قصيرة إن شاء الله».

ومساء الثلاثاء، دخلت سيارات إسعاف تحمل أطفالاً من غزة، وحافلات تقلّ مرافقيهم إلى المملكة، عبر معبر جسر الملك حسين (اللنبي).

وقال مدير الإعلام العسكري العميد الركن مصطفى الحياري، خلال مؤتمر صحافي عند المعبر: «تم نقل 29 من الأطفال المصابين من قطاع غزة، و44 من مرافقيهم، وجرى تنفيذ هذه العملية من قبل القوات المسلحة بالشراكة مع وزارة الصحة».

وأوضح أن الإجلاء نفّذ «على مسارين، الأول مسار جوي انطلق من مهبط قريب من معبر كرم أبو سالم على الحدود الشرقية لقطاع غزة، وصولاً إلى مطار ماركا العسكري».

وأضاف أن المسار الثاني «هو مسار بري انطلق مباشرة من كرم أبو سالم من خلال مجموعة من سيارات الإسعاف والحافلات التي تتبع القوات المسلحة، والتي وصلت جسر الملك حسين».

ويتم توزيع الأطفال على مستشفيات المملكة الحكومية والخاصة بإشراف وزارة الصحة.

وقال أحمد شحادة (13 عاماً) من جباليا لوكالة الصحافة الفرنسية لدى وصوله في سيارة إسعاف إلى الأردن: «كنت ذاهباً لتعبئة الماء، ألقت مروحية جسماً مشبوهاً وانفجر فينا، بترت يدي وجرحت ساقي، وكان العظم ظاهراً».

وأضاف الطفل، الذي قتل والده وأعمامه وأخواله في الحرب وبقيت له أمه وشقيقتاه، أن «يدي بُترت ورجلي كانت ستحتاج للبتر، لكن الحمد لله (...) سافرنا إلى الأردن لأجل تركيب طرف (صناعي) وأعود لحياتي».

أما محمد العمواسي (43 سنة) الذي جاء مع ابنه بلال لعلاج عينه، فقال إن ابنه وابن اخته أصيبا بشظايا في عينيهما أثناء اللعب إثر «انفجار جسم مشبوه».

وأضاف بحرقة أن «المشهد لا يطاق، قطاع غزة كله مدمر (...) أنفسنا مكسورة، حياتنا مدمرة، بيوتنا تدمرت، مستقبلنا كله دمر».

وكان العاهل الأردني قال للرئيس الأميركي في 11 فبراير (شباط) إن بلاده مستعدة لاستقبال 2000 طفل مريض من غزة، وخصوصاً المصابين بالسرطان، ومن يعانون حالات طبية صعبة، للعلاج في المملكة.

وأدّت الحرب على قطاع غزة إلى مقتل 48388 شخصاً على الأقل، وإصابة أكثر من 111 ألفاً، معظمهم من المدنيين النساء والأطفال، وفقاً لبيانات وزارة الصحة التي تديرها «حماس» وتعدّها الأمم المتحدة موثوقة.