غداة «النصر الكبير»... العبادي يعلن رسمياً انهيار «دولة الخرافة»

رائحة الجثث المتحللة تملأ المدينة... وجنود سبحوا في دجلة ومسحوا وجوههم برايات «داعش»

غداة «النصر الكبير»... العبادي يعلن رسمياً انهيار «دولة الخرافة»
TT

غداة «النصر الكبير»... العبادي يعلن رسمياً انهيار «دولة الخرافة»

غداة «النصر الكبير»... العبادي يعلن رسمياً انهيار «دولة الخرافة»

أعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي رسمياً من الموصل أمس «النصر النهائي» على تنظيم داعش، معتبراً أن طرد التنظيم المتطرف من ثاني أكبر مدن العراق يمثل «انهيار دولة الخرافة والإرهاب الداعشي».
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن العبادي قوله في خطاب متلفز: «من هنا، من قلب الموصل الحرة المحررة (...) أعلن النصر المؤزر» لكل العراقيين، مضيفاً أن «انتصارنا اليوم هو انتصار على الظلام، وانتصار على الوحشية والإرهاب (...)، وانتهاء وفشل وانهيار دولة الخرافة والإرهاب الداعشي».
وجاء إعلان العبادي بعدما خاضت القوات العراقية اشتباكات قوية مع عشرات من مسلحي «داعش» أمس، في إطار تقدمها لاستعادة آخر مواقع التنظيم في غرب الموصل غداة إعلان تحقيق «النصر الكبير» في هذه المدينة، بحسب ما أفاد قائد عسكري. وكان العبادي زار الموصل أول من أمس، وأشاد بتحقيق قواته «النصر الكبير» في معركة استمرت نحو تسعة أشهر لاستعادة المدينة، غير أنه أشار إلى تأخير إعلان «النصر النهائي» احتراماً لأولئك الذي ما زالوا يقاتلون.
وقال القائد في قوات مكافحة الإرهاب، الفريق الركن سامي العارضي، إن المسلحين رفضوا الاستسلام، وقال: «اشتباكات قوية (...) هم لا يقبلون أن يسلموا». وأضاف: «هو يخاطبنا (مقاتل في التنظيم) بصوت عال (ما نسلم، إحنا نريد نموت)».
وترددت أصداء النيران والانفجارات أمس، فيما قصف التحالف بقيادة الولايات المتحدة المواقع القليلة المتبقية لـ«داعش». وقال ضابط في الجيش العراقي يدعى فراس عبد القاسم إن العراق لن يعلن النصر إلى حين تأمين المنطقة بالكامل، مضيفاً أن المتشددين ما زالوا يسيطرون على رقعة صغيرة.

وعقد العبادي سلسلة اجتماعات مع مسؤولين عسكريين وسياسيين في الموصل، وسط أجواء احتفالية تناقض الرعب الذي انتشر سريعا عندما سيطر بضع مئات من مقاتلي تنظيم داعش على المدينة، وانهار الجيش العراقي في يونيو (حزيران) عام 2014. وخلال استقباله بمقر قيادة عمليات نينوى صباح أمس وفدا من المسيحيين من سكان الموصل، تعهد بالتعامل مع «جميع العراقيين دون تمييز». ووفقا لبيان صادر عن مكتبه، قال العبادي: «طموحنا هو أن يعود جميع النازحين وأبناء الأديان والقوميات والمذاهب، ومنهم الإخوة المسيحيون بشكل خاص، إلى بيوتهم في الموصل، والرد الطبيعي على (داعش) هو أن نتعايش معا». وحسب وكالة الأنباء الألمانية، شدد العبادي على أن «تنوعنا فخر لنا، ويجب الحفاظ عليه وإفشال مخطط (داعش) الذي أراد صبغ العراقيين بلون واحد». وأضاف: «واجبنا هو حماية المواطنين وتقديم الخدمات لهم بغض النظر عن انتمائهم، وفي عنقي كمسؤول التعامل مع جميع العراقيين دون تمييز»، داعياً الجميع إلى «الحفاظ على النصر الذي تحقق بشجاعة قواتنا البطلة وبتضحياتها».
وحسب وكالة «رويترز»، تمثل رائحة الجثث المتحللة في شوارع الموصل تذكرة حية بحرب الشوارع الضروس التي دارت على مدى تسعة أشهر تقريبا لطرد «داعش». وشوهدت 7 جثث في زقاق قرب ضفة النهر التي وصل إليها المتشددون أول من أمس في محاولة للفرار. ودمر القتال معظم أنحاء الموصل، وسوت الضربات الجوية صفوفا من المنازل بالأرض، كما حطمت الانفجارات منازل حجرية بنيت منذ قرون. وأزهقت أرواح الآلاف. وتقول الأمم المتحدة إن 920 ألف مدني فروا من منازلهم منذ بدء العملية العسكرية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وما زال ما يقرب من 700 ألف شخص مشردين.
وقالت ليز جراندي، منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية بالعراق: «من المريح أن تنتهي الحملة العسكرية في الموصل. قد يكون القتال انتهى لكن الأزمة الإنسانية لم تنته». وأضافت: «فقد الكثيرون ممن فروا كل شيء. إنهم بحاجة للمأوى والغذاء والرعاية الصحية والماء والصرف الصحي وأدوات الإسعافات الأولية. مستويات الصدمة النفسية التي نشهدها من أعلى المستويات على الإطلاق. ما مر به الناس لا يمكن تصوره».
وبدت علامات الارتياح والاسترخاء على الجنود العراقيين، وكان بعضهم يسبح في نهر دجلة. ومسح آخر العرق المتدفق من وجهه براية «داعش» السوداء.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».