باغتت قوات النظام السوري وحلفاؤها يوم أمس الاثنين فصائل المعارضة المقاتلة في البادية السورية ومناطق جنوب شرقي البلاد بهجوم كبير بعد أقل من 48 ساعة على سريان اتفاق أميركي - روسي على وقف إطلاق النار في الجنوب، ما أدّى لتحقيقها تقدما كبيرا في المنطقة الخاضعة لغرفة عمليات «الموك».
وبينما تضاربت المعلومات حول ما إذا كانت المنطقة المستهدفة خاضعة للاتفاق الذي تم الإعلان عنه الأسبوع الماضي بعيد لقاء الرئيسين الأميركي والروسي، وقيل إنّه يشمل مناطق جنوب غربي البلاد ومحافظات درعا والقنيطرة والسويداء، نقلت مواقع معارضة «معلومات استخباراتية إسرائيلية» عن أن موافقة طهران على اتفاق وقف إطلاق النار في الجنوب تمت في إطار صفقة أميركية - روسية، تتيح لإيران مواصلة حملتها العسكرية شرقي البلاد.
وقال مصدر في القوات المقاتلة في ريف السويداء الشرقي لـ«الشرق الأوسط» إنهم لم يتبلغوا بسريان الاتفاق على منطقتهم وبأنّهم كانوا ينتظرون أن يتم تثبيت وقف إطلاق النار في المناطق الواقعة في الجنوب الغربي لتشمل بعدها الهدنة منطقتهم الواقعة جنوب شرقي البلاد. وأضاف: «تفاجأنا بحملة يمكن وصفها بالأشرس التي تشن علينا». وأوضح المصدر أن المواقع المستهدفة منذ فجر يوم الاثنين هي مواقع «جيش أسود الشرقية» و«قوات الشهيد أحمد العبدو» التابعة لغرفة «الموك».
وتحدث سعيد سيف، عضو المكتب الإعلامي في «قوات الشهيد أحمد العبدو» لـ«الشرق الأوسط» عن «تقدم أحرزته قوات النظام والقوات الحليفة لها على عدة محاور، المحور الأول شرق السويداء عند سد الزلف. المحور الثاني عند تل الأصغر والمحور الثالث عند أوتوستراد دمشق بغداد»، لافتا إلى أن هذا الهجوم يُعتبر «الهجوم البري الأكبر لقوات النظام المدعومة بسلاح الجو الروسي». وأضاف: «تُقدر القوة العسكرية المهاجمة بـ3000 مقاتل، يستخدمون نحو 60 مدرعة ومروحيات وطيرانا حربيا حديثا». واستهجن سيف حديث النظام عن حملة عسكرية في المنطقة تستهدف تنظيم داعش، مؤكدا أنّه «تم طرد التنظيم من المنطقة كليا وأنه يبعد عنها اليوم مسافة 180 كلم على أقل تقدير».
من جهته، أفاد المرصد السوري بأن «قوات النظام بدأت هجوماً صباح الاثنين على الريف الشمالي الشرقي لمدينة السويداء، ترافق مع قصف للطائرات الحربية على مناطق الهجوم»، لافتا إلى أن الفصائل المقاتلة في ريف السويداء تتلقى دعماً من التحالف الدولي بقيادة أميركية.
وتمكنت قوات النظام، وفق المرصد، من السيطرة على عدد من القرى والبلدات والتلال كانت تحت سيطرة الفصائل المعارضة. لكن وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» ذكرت أن هذه المنطقة كانت تحت سيطرة عناصر تنظيم داعش. وأوردت نقلاً عن مصدر عسكري أن «وحدات من الجيش العربي السوري بالتعاون مع الحلفاء تستعيد السيطرة على عدد من البلدات والقرى والتلال والنقاط الحاكمة في ريف السويداء الشرقي بعد القضاء على أعداد كبيرة من تنظيم داعش الإرهابي».
وأفادت «شبكة شام» بأن «قوات النظام شنت هجومها المفاجئ على المنطقة بعد الفجر مباشرة وتمكنت فيه من السيطرة على تلول أشهيب وتل أصفر ورجم البقر وتل سلمان وخربة الأمباشي والكراعة، بالإضافة للسيطرة على سلسلة تلال تقع بين تل دكوة وتل رُغيلة وتل ريشة وأيضا المنطقة الواقعة بين سد ريشة وجبل مكحول وجبل سيس، كما تحاول التقدم أيضا في قرية القصر التي قامت بقصفها بشكل عنيف جدا في تمهيد للعناصر الذين يتجهزون لاقتحامها».
ويأتي هذا الهجوم غداة بدء وقف لإطلاق النار بموجب اتفاق روسي أميركي أردني يشمل محافظات السويداء ودرعا والقنيطرة التي شهدت هدوءاً باستثناء بعض الخروقات المحدودة ليل الأحد وخصوصاً في درعا. وذكر المرصد في وقت سابق، أمس، أن قوات النظام أطلقت قذيفتين على بلدة صيدا في ريف درعا الشرقي، تزامنا مع تبادلها القصف مع فصيل مقاتل في بلدة النعيمة في المنطقة ذاتها. كما سقطت قذيفتان مصدرهما قوات النظام على درعا البلد. وفي محافظة القنيطرة، تحدث المرصد عن استهداف متبادل بالرشاشات الثقيلة بين قوات النظام والفصائل في مناطق عدة، من دون تسجيل خسائر بشرية.
ويوم أمس، حثّ بهرام قاسمي، المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية على توسعة اتفاق بين الولايات المتحدة وروسيا على وقف إطلاق النار في جنوب غربي سوريا ليشمل كافة أنحاء البلاد حتى ينجح. وقال قاسمي لوكالة «تسنيم للأنباء» إنه «يمكن أن يكون اتفاق (وقف إطلاق النار) مثمرا إذا تمت توسعته ليشمل كافة أنحاء سوريا ويضم كل المنطقة التي ناقشناها في محادثات آستانة لعدم تصعيد التوتر». وأشار قاسمي إلى أن الروس أبلغوا إيران بتفاصيل اتفاق وقف إطلاق النار لكن طهران ترى بعض «نقاط الغموض في الاتفاق خاصة فيما يتعلق بإجراءات أميركية في سوريا مؤخرا».
وشكك قاسمي بالنوايا الأميركية في إعلان الهدنة وقال إن «الخطوات الأميركية الأخيرة لقصف بعض المناطق في سوريا تثير الشكوك».
ونقلت شبكة (لدرر الشامية) معلومات استخباراتية إسرائيلية عن أن موافقة طهران على اتفاق وقف إطلاق النار في الجنوب تمت في إطار صفقة أميركية - روسية، تتيح لها مواصلة حملتها العسكرية شرقي البلاد. وقالت إن «موافقة إيران على وقف عملياتها العسكرية جنوب غربي سوريا وعند الحدود مع الأردن وإسرائيل، كانت في إطار صفقة تعترف بمكاسب إيران في جبهات عسكرية أخرى في سوريا، والتي تعتبر أهم من جبهة جنوب غربي سوريا فيما يتعلق بالمصالح الإيرانية في ذلك البلد».
وأوضحت المعلومات أن «ما يهم إيران في الوقت الحاضر هو السيطرة عسكريّاً على الجبهة الشرقية على طول الحدود السورية - العراقية، بهدف تحقيق هدفها الاستراتيجي، وهو فتح معبر بري يصلها بالعراق وسوريا، والذي تسعى إليه إيران بقوة».
هجوم كبير للنظام في البادية يهدد هدنة جنوب سوريا
استهدف 3 محاور والمعارضة تصفه بـ«الأشرس»
هجوم كبير للنظام في البادية يهدد هدنة جنوب سوريا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة