البنك الدولي: ثلث مساكن سوريا ونصف مرافق التعليم والصحة مدمرة

TT

البنك الدولي: ثلث مساكن سوريا ونصف مرافق التعليم والصحة مدمرة

كشف تقرير صادر من البنك الدولي أن ثلث المساكن في سوريا طالها الدمار أو التخريب بشكل جزئي في جميع مناطقها، بالإضافة إلى تدمير ما يقارب نصف المرافق التعليمية والصحية. وبحسب التقرير، فإن انهيار المؤسسات التي تنظم عمل المجتمع والاقتصاد وانعدام الثقة بين جميع أطياف المجتمع الواحد، له دواعٍ اقتصادية أخطر من تدمير البنية التحتية.
وتسبب هذا الصراع، الذي استمر 6 سنوات، في وفاة أكثر من 400 ألف سوري وتشريد نصف السكان من منازلهم، وهذا ما يجعل أزمة اللاجئين الأكبر منذ الحرب العالمية الثانية.
وتضمن تقرير البنك الدولي، وعنوانه «ضريبة الحرب: الصراع السوري وعواقبه الاجتماعية والاقتصادية»، تحليلات مسهبة عن ضحايا الحرب وأعداد المشردين وحجم الدمار الذي خلفه الصراع. وأيضاً كشف حجم تأثير هذا الصراع على الاقتصاد السوري. وبيّن التقرير أن حجم الخسائر في الناتج المحلي السوري بين عامي 2011 وحتى نهاية 2016 بلغت 226 مليار دولار. وبسبب تشريد السكان والعقوبات الدولية، تقلصت صادرات سوريا بين عامي 2011 و2015 بنسبة 92 في المائة.
ولتوثيق وحساب مدى الدمار الذي خلفه الصراع، استمد التقرير معلوماته من صور للأقمار الصناعية تم تدقيقها بواسطة صور من الإعلام التقليدي والشبكات الاجتماعية. وأيضاً استمد التقرير بعض المعلومات من المنظمات التي لها وجود في مناطق الصراع السوري.
وذكر نائب رئيس البنك الدولي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حافظ غانم، أن الصراع القائم في سوريا يدمر النسيج الاقتصادي والاجتماعي. وأضاف: «أعداد ضحايا الصراع مرعبة، ولكن الصراع أيضاً يدمر المؤسسات والأنظمة التي يحتاجها المجتمع». وشدد على أن «إصلاح هذه المؤسسات والأنظمة أصعب بكثير من إصلاح البنية التحتية، وسيزداد الأمر تعقيداً وصعوبة مع استمرار الحرب في سوريا».
وقد ذكر التقرير أن متوسط ما فقده سوق العمل السورية من وظائف في أول 5 سنوات من الصراع، كان 538 ألف وظيفة. وبناء على هذا، فإن الشباب السوري يعيش في نسبة بطالة عالية جداً وصلت إلى 78 في المائة بحسب تقديرات عام 2015. والاستهداف الواضح للمرافق الصحية أخل بالنظام الصحي بشكل كبير، مما أدى إلى بداية انتشار أمراض معدية كشلل الأطفال. وبحسب تقديرات البنك الدولي، فإن عدد السوريين الذين يموتون بسبب انعدام الخدمات الطبية أكثر من الذين يموتون من الحرب بشكل مباشر.
وبشكل مماثل، فإن النظام التعليمي في سوريا تعطل بسبب الدمار الهائل الذي طال المباني التعليمية، وبسبب استخدام المدارس مراكز عسكرية. كما أن نقص الوقود والأعطال المستمرة في محطات توليد الكهرباء تسبب في تعطل الكهرباء في المدن الكبيرة وأصبحت دون كهرباء لساعات طويلة، وهذا ما أدى إلى تعطل الخدمات الأساسية فيها.
جدير بالذكر أن البنك الدولي أوقف جميع أنشطته التشغيلية في سوريا منذ اندلاع الصراع عام 2011، ولكن استمر في مراقبة آثار الحرب على الاقتصاد السوري، وقام بإصدار كثير من التقارير المعنية بتقدير الخسائر وآثارها على الاقتصاد والمجتمع. ويسعى البنك الدولي أن يكون على اتصال دائم مع الجمعيات الدولية العاملة في سوريا لدعمها في عمليات الإصلاح في فترة ما بعد الحرب.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».