إسرائيل تنفي قرب التوصل إلى صفقة تبادل أسرى مع «حماس»

TT

إسرائيل تنفي قرب التوصل إلى صفقة تبادل أسرى مع «حماس»

نفى ناطق بلسان الحكومة الإسرائيلية، الأنباء التي نشرت في فلسطين، عن قرب التوصل إلى اتفاق بينها وبين قيادة حماس على صفقة أولية لتبادل الأسرى. وقال الناطق إن هذه إشاعات تنشرها حماس في إطار سعيها لـ«تحسين صورتها المتدهورة وعزلتها في الشارع».
وكانت مصادر فلسطينية من الضفة الغربية وقطاع غزة، قد ذكرت أن حماس تجري اتصالات مكثفة لعقد صفقة لتبادل الأسرى مع إسرائيل، بواسطة جهات مصرية ومسؤول فتح السابق عضو المجلس التشريعي، محمد دحلان. ولكن إسرائيل رفضت التطرق إلى هذا الموضوع. إلا أنه بعد إعلان حماس عن قرب التوصل إلى صفقة أولية، يجري بموجبها إعطاء حماس معلومات عن وضع الأسرى الإسرائيليين، مقابل إطلاق سراح أسرى حركة حماس الذين تحرروا من صفقة شاليط وأعادت إسرائيل اعتقالهم في السنتين الأخيرتين.
ويتواجد في غزة مواطنان إسرائيليان، هما أبرا مانغيستو، وهو يهودي من أصل إثيوبي، وهشام السيد، وهو مواطن عربي من فلسطينيي 48 القاطنين في النقب، لكن لم تنشر حتى الآن، معلومات واضحة تؤكد أنهما في أسر حماس. وتحتجز حماس الجنديين أورن شاؤون وهدار غولدين، منذ الحرب الأخيرة على غزة في 2014. التي تسميها إسرائيل «عملية الجرف الصامد»، ولكنها تدعي أنهما قتلا في الحرب وأصدرت في تل أبيب شهادة وفاة لهما.
وحسب المصادر الفلسطينية، فإن إسرائيل مستعدة لمناقشة إطلاق سراح أسرى سبق وتم إطلاق سراحهم – نحو 27 أسيرا. وقالت المصادر إن حماس تطمح إلى عقد صفقة تشمل إطلاق سراح الأسرى والهدوء الطويل، وتسهيلات من شأنها أن تحسن الوضع الإنساني في القطاع. وأضافت المصادر أن وفد حماس، المتواجد في القاهرة، يدير الاتصالات التي يترأسها عضو المكتب السياسي للحركة روحي مشتهى، الذي يعتبر مقربا من زعيم حماس في القطاع يحيى سنوار، وكذلك المسؤول العسكري مروان عيسى الذي يعتبر مقربا من محمد ضيف، قائد الجناح العسكري. كما قالت المصادر إن الاتصالات تسارعت بعد زيارة يحيى سنوار إلى القاهرة قبل نحو شهر، وإن وجود مروان عيسى في مصر، الآن، يمكن أن يدل على محاولة لإنهاء تفاصيل الصفقة.
وصادقت جهات أمنية إسرائيلية على حدوث تقدم معين في الاتصالات، غير المباشرة، لتسلم جثث الجنود والمدنيين من أيدي حماس في غزة. ومع ذلك، وحسب المصادر، فإن التقارير الواردة من الجانب العربي حول التفاهمات التي تم التوصل إليها، متفائلة جدا، ويبدو أن الطريق إلى تفاهمات نهائية وملزمة ما يزال طويلا. ويرتبط التقدم في المفاوضات، في الأساس، بالمبادرة المصرية لتخفيف الحصار المفروض على القطاع، وفتح معبر رفح بشكل متزايد، مقابل استعداد حماس للسماح بتدخل دحلان، المقرب من مصر، في إدارة المعبر.
وادعى مصدر من حماس، بأن الحركة تطالب في هذه المرحلة، بإطلاق سراح أسرى صفقة شاليط وأسيرات وأسرى قاصرين، وأعضاء برلمان فلسطينيين، مقابل تقديم معلومات حول مصير الإسرائيليين. وحسب مصدر آخر، فإن حماس تطلب إطلاق سراح مروان البرغوثي وأحمد سعدات. وكان رئيس المكتب السياسي في حماس، إسماعيل هنية، قد صرح في الأسبوع الماضي، بأن إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين بات أقرب من أي وقت سابق. وأثارت تصريحات هنية الآمال بتقدم في الاتصالات حول الصفقة. وقالت الجهات المقربة من عائلات الأسرى الفلسطينيين، أمس، إن هناك معلومات تدل على دفع الاتصالات قدما لعقد صفقة، لكنها أكدت أن حجمها ليس معروفا – لأنه ليس من الواضح ما هو الثمن الذي ستكون إسرائيل مستعدة لدفعه مقابل جثتي الجنديين هدار غولدين وشاؤول أورن، ومقابل إطلاق سراح المدنيين اللذين دخلا إلى غزة خلال السنوات الأخيرة.
وفي الأسبوع الماضي، قررت إسرائيل عدم السماح لعائلات أسرى حماس من غزة بزيارتهم، ما اعتبرته مصادر فلسطينية، دليلا على أن إسرائيل تمارس الضغط على الحركة في إطار مفاوضات معها.
وأما في إسرائيل، فقد قالت عائلة شاؤول تعقيبا على التقارير: «لقد سمعنا عن التطورات في أعقاب النشر في وسائل الإعلام فقط، ولا نعرف بتاتا ما إذا كانت المعلومات صحيحة. خلال الأسابيع القريبة، سيحيي مواطنو إسرائيل مرور ثلاث سنوات على الجرف الصامد، ولكن بالنسبة لنا لم تنته الحملة، ومنذ ذلك الوقت تحولت حياتنا إلى جحيم. نحن نناشد رئيس الحكومة عدم ترك أورن شاؤول في أسر حماس. فكما عرفت كيف ترسله داخل المصفحة من أجل الدفاع عن مواطني إسرائيل، ستعرف كيف تعيده إلى البيت».
وقالت عائلة منغيستو، إن «العائلة لم تتلق أي معلومات، وهي تتوقع من حكومة إسرائيل ورئيسها بأن تشمل كل صفقة الأسرى والمفقودين الإسرائيليين الذين تحتجزهم حماس من دون أي استثناء».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».