وزير حقوق الإنسان المغربي: بائع السمك في الحسيمة قتل خطأ

الرميد اعتبر أن اعتراض متزعم الحراك على خطبة الجمعة {مس سافر بحرمة المسجد}

جانب من مظاهرات الحسيمة للمطالبة بالإفراج عن متزعم الحراك (أ.ف.ب)
جانب من مظاهرات الحسيمة للمطالبة بالإفراج عن متزعم الحراك (أ.ف.ب)
TT

وزير حقوق الإنسان المغربي: بائع السمك في الحسيمة قتل خطأ

جانب من مظاهرات الحسيمة للمطالبة بالإفراج عن متزعم الحراك (أ.ف.ب)
جانب من مظاهرات الحسيمة للمطالبة بالإفراج عن متزعم الحراك (أ.ف.ب)

كشف مصطفى الرميد، وزير الدولة المغربي المكلف حقوق الإنسان، أن محسن فكري بائع السمك في الحسيمة الذي أشعلت وفاته فتيل الاحتجاجات، قتل بالخطأ من قبل صديقه.
وأوضح الرميد، وهو محامٍ ووزير العدل في الحكومة السابقة، خلال لقاء تواصلي نظمته وزارته مساء أول من أمس مع جمعيات حقوقية وهيئات المجتمع المدني حول أحداث الحسيمة، بمقر المعهد العالي للقضاء في الرباط، أن نتائج التحقيقات والمتابعات التي أجرتها السلطات المختصة بشأن هذه القضية لم تنلْ الاهتمام المطلوب، رغم أنها كشفت حقائق مؤكدة، تثبت أن فكري قتل خطأ من طرف صديق له عن طريق حركة غير مقصودة، (ضغط زر الفرم داخل الشاحنة)، وهو ما تؤكده مراجعة تسجيلات الكاميرات المثبتة بالمكان، التي اعتمدتها الأبحاث والتحقيقات والمحاكمة الجنائية في مرحلتها الابتدائية، إلا أن اتهام السلطات العمومية بالضلوع في قتله مستمر، على الرغم من كل معطيات البحث والمحاكمة. واتهم الرميد خلال اللقاء ذاته جهات لم يسمها بالترويج لعبارة «طحن مو»، (اطحن أمه) من أجل تحميل السلطات العمومية مسؤولية مقتل فكري، الذي قتل طحناً داخل شاحنة لفرم النفايات، بينما كان يحاول الاعتراض على إتلاف كمية كبيرة من السمك صودرت منه من قبل السلطات. وشدد الوزير الرميد في هذا الصدد على أن هناك تحقيقاً بين يدي الوكيل العام للملك بالحسيمة بعد الاتهامات بالفساد، التي وجهت لقطاع الصيد البحري بالحسيمة.
وفي سياق استعراضه لتسلسل الأحداث في الحسيمة، قال الرميد إن العنف تفاقم في المدينة عندما قررت السلطات اعتقال متزعم الحراك ناصر الزفزافي بسبب عرقلته صلاة الجمعة في 26 من مايو (أيار) الماضي، «مما مثل مساً سافراً بحرمة المسجد وتعطيل ممارسة العبادة، وهو فعل مجرم في القانون الجنائي». وعلق على ذلك بالقول إنه كان بإمكان المعني بالأمر مغادرة المسجد وينتقد خطبة الجمعة خارجه «لأنه إذا سمح لأي شخص بمثل هذه التصرفات لكان ذلك سبباً في تعطيل العبادات ونشر الفوضى وانفراط الأمن»، بيد أن الرميد انتقد في المقابل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بسبب اختيارها موضوعاً يتطرق للفتنة ليكون خطبة رسمية في مساجد الحسيمة، التي تعرف احتقاناً اجتماعياً.
من جهة أخرى، كشف الرميد أن المواجهات التي حدثت في الحسيمة منذ انطلاقها في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي خلفت إلى حدود 30 يونيو (حزيران) الماضي 416 إصابة في صفوف قوات الأمن، و45 إصابة في صفوف المتظاهرين، حسب إحصائيات وزارة الصحة، مشيراً إلى إمكانية وجود إصابات أخرى تلقى أصحابها العلاج خارج المستشفيات الرسمية.
واستعرض الوزير الرميد مختلف المبادرات التي قامت بها الحكومة من أجل التسريع في تنفيذ مشاريع التنمية بالمنطقة، وقرار الملك محمد السادس عدم الترخيص للوزراء بالاستفادة من عطلتهم السنوية من أجل التعجيل بتنفيذها، لكن رغم ذلك أصر المتظاهرون، يضيف الوزير، على الاحتجاج حتى في يوم عيد الفطر، حيث استغلت عناصر ملثمة الاحتجاج للقيام بأعمال تخريب طالت حتى المستشفى، مما نتج عنه مواجهات بين المتظاهرين وقوات الأمن أسفرت عن إصابة 86 من رجال الأمن و24 من المواطنين.
وأوضح الرميد أن هناك من يصر على تصوير التدخلات الأمنية، التي تقوم بها السلطات المختصة، على أنه فعل عصابة خارج القانون، وليس قوات الأمن، مقراً بحدوث تجاوزات من طرف رجال الأمن ومن قبل المتظاهرين أيضاً، تعرض مرتكبوها للمساءلة والمتابعة القانونية.
وبخصوص الأشخاص الموقوفين، أوضح الرميد أن النيابة العامة حرصت على مراقبة كل إجراءات البحث الجنائي وسلامتها القانونية، وكذا السهر على تمتيع كل الأشخاص الموقوفين بالحقوق المخولة لهم قانوناً، بما فيها حقهم في ربط الاتصال بمحاميهم وفق الضوابط المنصوص عليها في المادة 66 من قانون المسطرة الجنائية، مؤكداً أنه جرى منح التراخيص لجميع المحامين الذين تقدموا بطلبات في هذا الصدد.
وفيما يخص ادعاء تعرض بعض الموقوفين للعنف أو التعذيب، أكد الوزير أن الإجراءات القانونية اللازمة اتخذت بشكل آنٍ بخصوص كل حالات الادعاء المذكورة، حيث تم عرض كل حالات ادعاء العنف على الفحوص الطبية (66 فحصاً طبياً)، كما فتحت بشأنها الأبحاث الضرورية للوقوف على حقيقتها، وسيتم ترتيب الإجراءات القانونية المناسبة فور انتهاء البحث بشأنها، وكذا بشأن تقارير الخبرة الطبية المنجزة بطلب من المجلس الوطني لحقوق الإنسان المحالة أخيراً على الجهات القضائية المختصة، منتقداً التشكيك في استقلال القضاء.
وعرض الوزير خلال اللقاء أيضاً شريط فيديو لأحداث العنف التي شهدتها بلدة أمزورن المجاورة للحسيمة خلال شهر مارس (آذار) الماضي، وذلك بعد إحراق محتجين سيارات قرب مبنى لقوات الأمن، مما تسبب في احتراق البناية وتدخل السلطات لإنقاذهم من النيران.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.