لمدة ثلاثة أيام متواصلة، تلاحق النظرات المستقبلية السلبية من وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني الاقتصاد القطري، فمن خفض التوقعات للاقتصاد العام إلى خفض تصنيفات البنوك، وصولا إلى خفض تصنيفات عدد من المؤسسات الحكومية أمس، تتوالى النظرة السلبية العامة لاقتصاد قطر، مع توقعات بتفاقم حلقات التخفيض إلى مناح أخرى.
وفجر أمس، أعلنت «موديز» عن خفض توقعاتها لعدد من المؤسسات القطرية، حيث أكدت خفض تصنيف النظرة المستقبلية للديون المضمونة لشركات «رأس غاز 1» و«رأس غاز 2» و«رأس غاز 3»، وشركة نقل الغاز القطرية «ناقلات»، من «مستقر» إلى «سلبي».
كما خفضت «موديز» نظرتها المستقبلية لـ«الإصدارات طويلة الأجل» للشركات التابعة للحكومة القطرية، وهي «قطر للبترول» و«صناعات قطر» و«الكهرباء والماء القطرية»، وذلك من «مستقر» إلى «سلبي»، فيما ثبتت الوكالة تصنيف السندات غير المضمونة لشركة «ديار للتمويل» عند درجة «Aa3»، مع منحها نظرة مستقبلية «سلبية».
وقالت «موديز»، إنها يمكن أن تقوم بتخفيض تصنيفات شركة «قطر للبترول» في حال تراجع التصنيف السيادي لقطر، في حين أوضحت أنه من غير المرجح رفع مستوى تصنيف شركة «صناعات قطر» في هذه المرحلة بالنظر إلى النظرة المستقبلية السلبية للشركة.
وعزت الوكالة هذا التخفيض إلى كون ملكية هذه الشركات مرتبطة بالحكومة. وأضافت أن هذه الشركات قد تواجه صعوبات في الحصول على تمويل حكومي يجنبها التخلف عن الوفاء بالتزاماتها لتسديد ديونها. وقالت «موديز» في بيانها، إن «عمل اليوم يتماشى مع إجراءات التصنيف السيادي لحكومة قطر، ويعكس في المقام الأول الروابط الائتمانية القوية بين (قطر للبترول) والسيادة».
ومن المتوقع أن تقوم «موديز» بخفض تصنيفات «صناعات قطر» في حال خفض التصنيف السيادي لقطر، وخفض الدعم المالي الذي تتلقاه الشركة من الحكومة، وانخفاض حصة «قطر للبترول» في الشركة إلى أقل من 50 في المائة. وأضافت الوكالة أنها ستخفض تصنيف الائتمان الأساسي للشركة في حال واجهت مشكلات تشغيلية جوهرية، بما في ذلك التغييرات السلبية في الأطر التعاقدية الحالية والمستقبلية التي تعمل الشركة ضمنها، بالإضافة إلى تدهور المقاييس المالية لـ«صناعات قطر» وارتفاع معدل مديونية الشركة. ومن المتوقع أيضا أن تخفض الوكالة تصنيفات شركة الكهرباء والماء القطرية في حال تدهورت قوتها الائتمانية، أو خفض التصنيف الائتماني لدولة قطر.
وكانت «موديز» في 5 يوليو (تموز) قد خفضت توقعات الاقتصاد القطري إلى سلبية من مستقرة، إلا أنها أبقت تصنيفها الائتماني بلا تغيير عند Aa3. وذلك بعد احتمال متزايد من أن الأزمة مع أربع دول عربية هي السعودية والإمارات والبحرين ومصر «لن تحل سريعا»، وما لذلك من مخاطر مالية على الدوحة. موضحة أنه «في حين أن صادرات قطر من النفط والغاز لم تتأثر في هذه المرحلة خلال الأزمة، فإنه توجد تقارير عن عراقيل لبعض الصادرات غير الهيدروكربونية».
ووفقا لـ«موديز»، فإن هناك احتمالات متزايدة لأن تطول فترة «عدم اليقين» حول الاقتصاد القطري إلى عام 2018، لكنها أبقت تصنيف السندات القطرية الطويلة الأجل بالعملة الأجنبية بلا تغيير عند Aa3. كما أبقت تصنيف السندات القطرية القصيرة الأجل بالعملة الأجنبية بلا تغيير عند B-1.
كما خفضت «موديز» فجر أول من أمس (الخميس) نظرتها المستقبلية لتسعة بنوك قطرية من مستقرة إلى سلبية، فيما أبقت على النظرة السلبية لبنك واحد. وعزت الوكالة هذه الخطوة إلى ضعف البيئة التشغيلية المحلية للبنوك خصوصا التمويل المصرفي، بالإضافة إلى ضعف قدرة الحكومة القطرية على دعم البنوك في البلاد.
وشملت قائمة البنوك المعنية في تقرير «موديز»، «بنك قطر الوطني»، و«مصرف قطر الإسلامي»، و«بنك الدوحة»، و«مصرف الريان»، و«بنك قطر الدولي الإسلامي»، و«بنك بروة»، و«البنك الأهلي»، و«بنك قطر الدولي»، و«بنك الخليج التجاري».
وفي تحليل الآثار المترتبة على تلك الخطوات، يرى المستشار المالي والمصرفي فضل البوعينين، أن «الإعلان الرسمي عن رفض مطالب الدول الداعمة لجهود مكافحة الإرهاب سيجعل قطر أمام مرحلة جديدة من العزلة الاقتصادية والسياسية، وسيزيد في أوجاع الاقتصاد القطري الذي بدأ بالفعل في دفع فواتير المقاطعة الثقيلة».
وأضاف البوعينين لـ«الشرق الأوسط»، أن «التضخم ربما يكون أحد الانعكاسات السلبية، وهو مرشح للارتفاع بشكل أكبر مع تطبيق عقوبات إضافية. كما أن انسحاب الاستثمارات وخروج بعض الشركات من السوق القطرية وانسحاب العمالة سيؤدي إلى شلل في المشروعات الإنشائية التنموية. أما القطاع المصرفي فمن المتوقع انكشافه قريبا على الديون المتعثرة من جهة، وقضايا غسل وتمويل الإرهاب من جهة أخرى».
ولفت البوعينين، إلى أن «تخفيض النظرة المستقبلية لمصارف قطرية يؤكد الانعكاسات السلبية المتوقعة بعد تطبيق الدول المقاطعة - وربما دول أخرى - لمقاطعة اقتصادية أكثر شدة، تعتمد على العزل الكلي، من خلال الشركاء الاقتصاديين الرئيسيين في العالم».
من جهته، قال المصرفي الدكتور الصادق إدريس، لـ«الشرق الأوسط»، إن «مصير الاقتصاد القطري أصبح أقرب إلى الكارثي منه إلى أي توصيف آخر، في ظل استمرارية عزل الدوحة من محيطها التجاري والاقتصادي والاستثماري القريب». متفقا مع البوعينين في أن استمرارية المقاطعة تجعل قطر أمام مرحلة جديدة من العزلة الاقتصادية والسياسية، مما يؤزم مشكلات الاقتصاد القطري.
أما الباحث المالي الدكتور أحمد عبد الحافظ، فأوضح أن مستقبل الاقتصاد القطري سيكون أكثر قلقا أمام العزلة السياسية، التي لا سقف لها حتى الآن، في ظل توقعات بدراسة وفرض عقوبات جديدة على الدوحة من قبل دول المقاطعة، مما يعمّق تحديات مختلف القطاعات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية في قطر.
وذهب عبد الحافظ إلى أن وكالات التصنيف العالمية تراقب الوضع الاقتصادي القطري بحذر، موضحا أن تخفيض تصنيف البنوك القطرية يشكل عقبة جديدة أمام تذبذب الريال القطري وانخفاض أسعاره السوقية، ما يترتب عليه حركة هروب إلى الخارج من بعض المؤسسات الدولية بمختلف مجالاتها.
نظرات «موديز» السلبية تلاحق قطر
من الاقتصاد العام إلى البنوك والمؤسسات... وتوقعات بخفض التصنيف
نظرات «موديز» السلبية تلاحق قطر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة