«الخزانة الأميركية» ترفع الحظر عن حسابات الحكومة اليمنية

«الشرعية» نجحت في إعادة تشغيل النظام المصرفي

رئيس الوزراء اليمني خلال جولته في البنك المركزي بعدن («الشرق الأوسط»)
رئيس الوزراء اليمني خلال جولته في البنك المركزي بعدن («الشرق الأوسط»)
TT

«الخزانة الأميركية» ترفع الحظر عن حسابات الحكومة اليمنية

رئيس الوزراء اليمني خلال جولته في البنك المركزي بعدن («الشرق الأوسط»)
رئيس الوزراء اليمني خلال جولته في البنك المركزي بعدن («الشرق الأوسط»)

أبلغت وزارة الخزانة الأميركية الحكومة اليمنية الشرعية رسمياً برفع الحظر عن الحسابات البنكية للحكومة بعد نجاح البنك المركزي اليمني بالعاصمة المؤقتة عدن في إعادة تشغيل النظام المصرفي (سويفت) وقدرته على إرسال واستقبال المعاملات المالية مع مختلف البنوك.
ومن المرتقب أن ترفع دول أخرى الحظر عن الحسابات البنكية للحكومة بعد مخاطبتها أسوة بالخطوة الأميركية، بحسب حديث غمدان الشريف، السكرتير الصحافي لرئاسة الوزراء اليمنية لـ«الشرق الأوسط»، الذي قال: «حين سيطر الحوثيون وصالح على مؤسسات الدولة ونهبوا الاحتياطي النقدي، وبعد قرار نقل عمليات البنك المركزي في سبتمبر (أيلول) 2016 من قبل الرئيس هادي، خاطبنا البنوك الدولية بإيقاف التعامل مع البنك المركزي اليمني بصنعاء وعدم التعامل مع الانقلابيين حتى يتم إيجاد نظام مصرفي (سويفت) في البنك المركزي في عدن».
ولفت الشريف إلى أن رئيس الحكومة الدكتور أحمد بن دغر دشن أمس العمل في هذا النظام بعد تجاوز كل الصعوبات وإعادة العلاقة بينه وبين باقي البنوك الأخرى. وتابع: «طلبت الحكومة إعادة تفعيل الحسابات اليمنية التي أوقفت جراء الانقلاب، وكانت الاستجابة الأولى من الولايات المتحدة الأميركية التي أبلغنا سفيرُها لدى اليمن ماثيو تولر عن رفع وزارة الخزانة الحظر، مؤكداً تعاون الولايات المتحدة مع بلادنا ودعم الاقتصاد والشرعية اليمنية، وبما يحقق المصالح المشتركة بين البلديين الصديقين».
وكان رئيس الوزراء الدكتور أحمد بن دغر ترأس أمس اجتماعاً ضم قيادتي البنك المركزي ووزارة المالية بحضور عدد من الوزراء لمناقشة الصعوبات والعوائق التي تقف أمام كل من البنك المركزي ووزارة المالية، وإيجاد الحلول المناسبة لها وفقاً للنظام والقانون.
وأشار بن دغر إلى أن «الحكومة اليمنية ممثلة بالرئيس عبد ربه منصور هادي اتخذت قرارها الشجاع بنقل عمليات البنك المركزي إلى العاصمة المؤقتة عدن بعد أن أفرغت الميليشيات الانقلابية خزائنه ونهبت كل الاحتياطي النقدي الأجنبي الذي كان في البنك وسخرته لصالح ما تسميه (مجهودها الحربي)، وألحقت الضرر بالاقتصاد الوطني حتى عجز الانقلابيون عن دفع مرتبات الموظفين، وهو الأمر الذي استدعى القرار التاريخي بنقل عمليات البنك المركزي إلى عدن». وأردف: «أبلغتنا وزارة الخزانة الأميركية عن رفع الحظر عن حسابات الحكومة، وسوف نسعى لرفعه في باقي الدول الصديقة الأخرى».
ووفقاً للسكرتير الصحافي لرئاسة الوزراء اليمنية، تأتي أهمية هذه الخطوة من قدرة البنك المركزي على القيام بأعماله في استقبال وإرسال الرسائل المالية بينه وبين مختلف البنوك، «وهو بلا شك سوف يعزز من الاقتصاد اليمني ويزيد من التبادل التجاري بين اليمن وباقي البلدان الأخرى الذي توقف بسبب صعوبة التحويلات النقدية» على حد تعبيره.
وفي سؤال عما إذا كانت هناك دول أخرى بصدد رفع الحظر عن حسابات الحكومة خلال الأيام المقبلة، قال الشريف: «نعم كل الدول سوف ترفع الحظر الذي هو ناتج عن سيطرة ميليشيات الحوثي وصالح على إدارة البنك المركزي اليمني آنذاك، وسوف نوجه لها خطابات بهذا الخصوص، وقد تلقينا موافقات مبدئية في هذا الشأن».
وشدد الشريف على أن الحكومة اليمنية بالتعاون مع تحالف دعم الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية نجحت خلال الفترة الماضية في طباعة العملة في روسيا، «ونحن الآن بدأنا في إعادة بناء مؤسسات الدولة وإعادة الثقة إليها وإعادة التنمية في المحافظات المحررة».
من جانبه، أكد الدكتور منصور البطاني، نائب وزير المالية، أن الوزارة وبتوجيهات من الرئيس هادي ورئيس الوزراء قامت بصرف مرتبات الموظفين المدنيين في جميع المحافظات المحررة بشكل كامل ومنتظم نهاية كل شهر حتى يونيو (حزيران) الماضي، «كما أرسلت مرتبات محافظة تعز وبعض المرافق في المحافظات الأخرى التي تقع تحت سيطرة الانقلابين رغم عدم التزام الميليشيا بتوريد الإيرادات إلى البنك المركزي».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.