وسّع النظام السوري دائرة التفاوض مع مقاتلي المعارضة السورية في ريف دمشق إلى القلمون الشرقي، حيث فرض شروطاً جديدة على المعارضة في جيرود، تمهيداً لاتفاق نهائي يشبه الاتفاقات السابقة في أحياء مدينة دمشق وريفها.
وقال مصدر سوري معارض لـ«الشرق الأوسط»، إن روسيا تقود المفاوضات و«تضغط لإتمام صفقات التفاوض في المنطقة»، لافتاً إلى أن الهدف هو «إعادة سلطة النظام إلى سائر المناطق في محيط العاصمة، وتوسيع رقعة الاتفاقات المحلية، وإبعاد مقاتلي المعارضة الرافضين للمصالحات إلى شمال البلاد»، مشيراً إلى أن ضباطاً روساً يشاركون في المفاوضات بشكل مباشر. وقال المصدر إن النظام «يضغط على المعارضة بالقبول عبر إجراءات أمنية وعسكرية، بينها إقفال الطريق الوحيد المؤدية إلى جيرود، أمس، إثر رفض ممثلين عن الفصائل التفاوض مع النظام في الاجتماع الذي كان مقرراً أمس الأربعاء، قبل أن تفتح قواته الطريق مرة أخرى إلى البلدة الواقعة في القلمون الشرقي».
وبعد يومين على اجتماع ضم وفداً من أهالي جيرود وممثلين عن الفصائل في دمشق، تسلم خلالها الوفد شروط النظام لإتمام الاتفاق، تعثرت المفاوضات صباح أمس، مما دفع النظام للتصعيد عبر إغلاق المنفذ إلى البلدة من جهة، والتصعيد العسكري من جهة أخرى، حيث استهدف النظام نقاطاً عسكرية لمقاتلي الجيش السوري الحر في منطقتي بئر الأفاعي وجبل الضبع في القلمون الشرقي.
ويشترط النظام إخراج جميع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة من المدن وإلغاء جميع المظاهر المسلحة فيها، وتفعيل الدوائر الحكومية، والسماح لجميع العمال والموظفين المفصولين أمنيا وطلاب الجامعات بتسوية أوضاعهم والعودة إلى عملهم وجامعاتهم، إضافة إلى القبول بتفكيك الحواجز والمقرات العسكرية النظامية والسماح للمهجرين بالدخول إلى المدينة، على أن تكون إدارة البلدة من خلال البلدية ولجنة مدنية صاحبة كفاءات تمثلها بالتشاور. كما يشترط النظام في البنود عدم السماح لأي مسلح غير راغب بالتسوية بالبقاء في المدينة بصفة عسكرية، مع احتفاظه بحق البقاء بوصفه مدنيا، وتفعيل كل من يرغب من المتخلفين أو المنشقين بحفظ أمن البلدة بإشراف السلطة المحلية وتشكيل مجموعات أمنية وحراسة لحماية المدنيين والدوائر الحكومية بإدارة السلطة المدنية.
وفي حين أعلن «مجلس القيادة الثورية» في مدينة جيرود، الموافقة على بعض البنود المتعلقة بتفعيل الدوائر الحكومية وإلغاء المظاهر المسلحة وحصرها في الجرود والجبل، بقيت نقاط خلافية عالقة، تمثلت في نشر قوات النظام نقاطاً عسكرية حول خط الغاز الذي يغذي محطة الناصرية الحرارية. وقال الناشط عبدو السيد لـ«الشرق الأوسط»: «طرحت البنود ولم يتم توقيع الاتفاق بعد»، لافتاً إلى أن المعارضة «ترفض بشكل قاطع أي مسعى لتهجير الناس من جيرود، سواء أكانوا مدنيين أو عسكريين»، كما «يرفضون أي وجود عسكري للنظام في داخل المدينة أو حول خط الغاز». وقال إن تفعيل التفاوض في هذا الوقت رغم وجود اتفاق مبدئي سابق وقع بين الطرفين قبل عامين «يأتي بعد 5 أشهر على طرد قوات الجيش السوري الحر لعناصر تنظيم داعش من القلمون الشرقي».
وأعلنت صفحة «قناة جيرود» أمس، تحديد موعد لاحق للاجتماع بين ممثلي البلدة والفصائل مع ممثلي النظام وروسيا. وأشارت إلى أن اجتماعاً عقد مساء أول من أمس ضم قادة الفصائل وأعضاء من «مجلس القيادة الثورية» والوفد المدني، وتم الاتفاق على تسليم النظام بنود الاتفاق، وأن مجلس القيادة والمدنيين موافقون على جميع البنود إلا البند المتعلق بانتشار الجيش عند خط الغاز، لأن هذا البند غير متعلق بجيرود فقط إنما متعلق بالجبل ومنطقة القلمون الشرقي بشكل كامل. ولفتت إلى أن هذا البند دفع الفصائل لمقاطعة الاجتماع مع النظام أمس، لأن النظام كان قد أخبرهم في وقت سابق بأنهم إن لم يوافقوا على البند المتعلق بالجيش، فإن الاتفاق كله ملغى. وأضافت: «لكن النظام والمسؤولين الروس لم يقابلوا الوفد المدني أمس، وأعلموهم بأن التفاوض على بند انتشار الجيش، يكون مع العسكريين».
ولاحقاً، أعلن ناشطون عن أن هناك «اجتماعات جارية من أجل تحديد موعد جديد للمفاوضات».
وكان النظام قبل عامين توصل إلى تسوية مع الفصائل في جيرود، وهي قوات «أحمد العبدو» و«جيش الإسلام»، لتأمين وصول الغاز من القلمون الشرقي إلى محطة الناصرية الحرارية التي تغذي جزءاً من العاصمة السورية ومحيطها بالكهرباء، وذلك عبر منع قطع الغاز في الأنابيب التي تمر عبر جيرود. ونشط النظام وروسيا المفاوضات حالياً بعد تقدم النظام في المنطقة والسيطرة على نقاط واسعة في البادية السورية، ومحاصرة جيرود والضمير، آخر مناطق سيطرة المعارضة في القلمون الشرقي، وهي مناطق محاصرة وخاضعة لاتفاقات سابقة مع النظام.
في غضون ذلك، من المقرر خروج عشرات المقاتلين المعارضين من بلدة الهامة بريف دمشق إلى الشمال السوري مطلع الأسبوع المقبل؛ «بناء على طلبهم»، كما قالت مصادر المعارضة لـ«الشرق الأوسط»، مشيرة إلى أن أعدادهم تتراوح بين 120 و150 مقاتلاً مع عائلاتهم «اتخذوا القرار بالخروج من المنطقة رغم الاتفاق الذي تم توقيعه قبل أشهر».
وقالت المصادر إن هؤلاء «لا يرغبون بالمصالحة مع النظام، بينما هناك مقاتلون وافقوا على أن يكونوا ضمن عداد اللجان الشعبية التابعة للنظام في المنطقة» التي تأسست ضمن بنود التسوية، وتضم مقاتلين معارضين يتولون الأمن الداخلي ويأتمرون من النظام.
النظام وروسيا ينتزعان «اتفاقات مصالحة» في القلمون
نشر نقاط عسكرية قرب خط الغاز في جيرود أبرز عوائق توقيع الاتفاق
النظام وروسيا ينتزعان «اتفاقات مصالحة» في القلمون
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة