انتقد خبراء قانونيون إخفاق الاتحاد السعودي لكرة القدم في كثير من القضايا العالقة في المواسم الأخيرة، رغم تبقى قرابة شهر على انطلاق الموسم الجديد.
وقال المختصون القانونيون لـ«الشرق الأوسط» إن أخطاء إدارة أحمد عيد تواصلت مع الاتحاد الجديد، الذي يترأسه عادل عزت، والذي انقضت من فترته القانونية أكثر من 6 أشهر، مشددين على أهمية أن يتم علاج الأخطاء التي حصلت حتى لا تتسع دائرة القضايا، مما سيؤثر بكل تأكيد على سمعة الكرة السعودية.
وتعرض الاتحاد السعودي الموسم الماضي لعدد من القضايا القانونية، أهمها قضية اللاعب البرازيلي إلتون مع نادي الفتح وتوقيعه لنادي القادسية وما تلا هذه القضية من مد وجزر، قبل السماح للاعب باللعب للقادسية.
أما القضية الثانية فكانت قضية توقيع عوض خميس للهلال بعد دخوله الفترة الحرة مع النصر، ثم عودته وتوقيعه للنصر ومشاركته في عدد من المباريات على اعتبار أن عقده ما زال مستمراً.
كما أن قضية الحارس محمد العويس الذي اتهم بأنه وقع للأهلي قبل دخوله الفترة الحرة، واشتكى الشباب فيما بعد، بحكم أن من وقع بالنيابة عنه لا يملك تفويضاً، لا تزال عالقة حتى الآن، كحال بقية القضايا.
وعلَّق المختصون حول كثير من النقاط في هذه القضية من بينها أن موقف الاتحاد السعودي كان ضعيفاً.
بدايةً، يقول الدكتور عمر الخولي إن الجهات العدلية التي تسعى لفرض القانون عبر تولي مهام الفصل في المنازعات هذه الجهات لا ينبغي النظر إليها من حيث عدد القضايا التي تناولتها وطبيعة هذه القضايا بقدر ما ينبغي النظر إلى «أسلوب» تناول هذه القضايا والتعامل معها.
وأضاف: «الواقع أن تناول قضية اللاعب إلتون مع نادي الفتح وتوقيعه لنادي القادسية، وكذلك قضية توقيع عوض خميس لنادي الهلال بعد دخوله الفترة الحرة مع النصر، ثم قيامه بالتوقيع مرة أخرى لنادي النصر والمشاركة في عدد من المباريات على اعتبار أن عقده لم يزل مستمراً مع نادي النصر، وكذلك قضية لاعب الشباب محمد العويس الذي وَقَّع للنادي الأهلي قبل دخوله الفترة الحرة، أثبتت على نحو قاطع أن أسلوب تناول الاتحاد السعودي لكرة القدم ممثلاً في لجانه المختصة لهذه القضايا هو أسلوب لم يَرْقَ بعد إلى الأسلوب الاحترافي المأمول، الذي لا بد من التعامل به مع جميع القضايا التي تنطوي على وجود نزاع بين طرفين.
وقال إن الواقع هو أن «خبرة التعامل مع القضايا الرياضية تظل بلا شك قضايا نوعية، وهي خبرة تراكمية تستقر في الأذهان والتعامل عبر الممارسة العملية، ولكن هذه الممارسة ينبغي أن تكون قد تأسست على أسس صلبة من القواعد المشتركة لجميع عمليات الفصل في المنازعات»، مضيفاً بالقول: «ربما كان اختيار أعضاء اللجان يقوم على اعتبارات شخصية وليست موضوعية، وبعد ذلك لا يتم منحهم الشعور بالاستقلال وذلك كي يسهل توجيههم نحو التقرير بما هو مطلوب، وقد أوجد هذا التبديل أو التغيير المتلاحق إحساساً لدى أعضاء اللجان بعدم الاستقرار وعدم الاستقلال، ومن ثم الحرص على المجاملات ولو على حساب العدالة».
واعتبر أن إبعاد الدكتور عبد الله البرقان مسألة «تكتيكية» يراد بها صرف توجيه اللوم إلى الاتحاد وحصره في شخص واحد لإظهار الاتحاد بمظهر الحياد وعدم المجاملة، مضيفاً بالقول: «لا أعلم كيف سوف يتصرف الاتحاد في القضايا المقبلة في الموسم الذي سيطل علينا بعد أسابيع».
أما المحامي بندر بن شمال، وهو الذي ترافع قانونيّاً مع الاتحاد السعودي الحالي لموكله العميد أحمد الوادعي، الذي أُبعد عن الانتخابات ثم أعيد، فقد اعتبر أنه قضية اللاعب إلتون مع نادي الفتح لم تحسن لجنة الاحتراف وأوضاع اللاعبين بالاتحاد السعودي لكرة القدم التعامل معها.
وأضاف: «تعجلت في إصدار قرارها الذي منعت بموجبه الأندية السعودية من التعاقد مع اللاعب ما لم تتضمن أوراق تسجيله موافقة خطية من نادي الفتح، وهو قرار ليس له أي سند نظامي، كما أنه يتنافى مع أنظمة ولوائح «فيفا»، وقد يكون تعجل اللجنة في إصدار هذا القرار دون دراسة وافية هو ما أدى لإحداث اللغط في الشارع الرياضي ولا شك في أن فداحة الخطأ الذي وقعت فيه اللجنة هو مؤشر كافٍ إلى عدم كفاءة اللجنة مصدرة القرار.
وتابع: «أما من نجح ومن خسر في هذه الدعوى فأنا شخصيّاً أجد أن الخاسر الوحيد هو الاتحاد من خلال القرار الصادر من لجنة الاحتراف، أما نادي الفتح فله متابعة قضيته ضد اللاعب وإثبات صحة مطالبته».
وواصل: «في شأن قضية اللاعب عوض خميس مع نادي الهلال، فقد ظهر الاتحاد السعودي متخبطاً جدّاً في قضية اللاعب، وقد كان ذلك ظاهراً، سواء في الإجراءات التي سلكها الاتحاد في التعاطي مع القضية أو في صياغة القرار. ناهيك بالثغرات القانونية التي تتيح لنادي النصر قلب الطاولة على الاتحاد والمؤسف فعلاً في هذه القضية أنها تعكس ظاهرة غير أخلاقية وتؤدي إلى تلاعب اللاعبين بالأندية».
وواصل: «في قضية الحارس محمد العويس مع نادي الشباب ورغم أن عدم وجود تفويض لمسؤول الاحتراف ماجد المرزوقي من رئيس النادي في عملية انتقال محمد العويس يعد سببا كافيا لإصدار قرار لجنة الاحتراف، فإن حيثيات الاتفاقية وما سبقها من مفاوضات كانت تستدعي التدقيق وقد كان لعملية تحويل المبلغ المقدم إلى نادي الشباب ما يكفي (الفَطِن) لإثبات نية نادي الشباب في قبول الانتقال».
وأضاف: «كان من المضحك أن ترد فقرة في القرار الصادر من لجنة الاحتراف وأوضاع اللاعبين تنص على إلزام نادي الشباب بإعادة أي مبالغ مالية تسلمها من النادي الأهلي بموجب الاتفاقية الملغاة، ويبدو أن الموقف المهزوز لإدارة الاحتراف وأوضاع اللاعبين قد أعطى المجال لنادي الشباب لإصدار بيان مثل الذي أصدره في حق اللاعب ونادي الأهلي. وفي حال لم يتمكن نادي الشباب من إثبات سيل الاتهامات التي وجهها ضد اللاعب فإن النادي يكون قد وضع نفسه في موقف صعب أمام الشكوى المقدمة من اللاعب، وأعتقد أن النادي الأهلي لم يُوفَّق في إثبات حقه».
وختم: «أما عن إمكانية نشوء قضايا مماثلة الموسم الجديد فهذا وارد جدا في ظل غياب التطبيق الصحيح للأنظمة، ولا أعتقد أن مجلس إدارة الاتحاد الذي ما زالت قائمة ضده الطعون في نظامية تشكيله قد يكون قادراً على التطبيق الصحيح للأنظمة، كما أن قضية موكلي العميد أحمد الوادعي ما زالت قائمة أمام (فيفا) فيما يخص انتخابات مجلس إدارة الاتحاد السعودي لكرة القدم، ولو كانت بداية هذا المجلس بُنِيَت على أساس صحيح لما وجدت له هذا التخبط ورغم وجود المختصين القانونيين المقدرين في الاتحاد فإن سكوت البعض عن التجاوزات القانونية رغم علمهم فيها يشكل داءً خطيراً قد تصعب معالجته دون تدخل (فيفا)».
ومن جهته، شدد المحامي طلال المنيف على وجود ثغرات قانونية واضحة حصلت في القضايا السابقة، منها مثلاً عدم استدعاء كل الأطراف في القضايا قبل إصدار الحكم بشأنها كما حصل بشكل واضح مع قضية مدير الاحتراف بنادي الشباب.
وتابع: «هناك أحاديث عن تدخلات من قبل الاتحاد السعودي كما أعلن ذلك بوضوح عدد من المسؤولين، مما تسبب في استقالاتهم، ومنهم خالد البابطين في عهد اتحاد أحمد عيد، وأيضاً طارق التويجري في عهد إدارة عزت ومن هنا يمكن القول إن التدخلات، وللأسف، من غير مختصين جعل الأمور لا تسير وفق أنظمة قانونية، وكانت الأمور أقرب للاجتهادات بل البعض اعتبرها اتجهت نحو منحى التدخلات لصالح أطراف ضد أطراف أخرى».
وشدد على أن الدكتور عبد الله البرقان الذي أُبعِد بشكل إجباري ارتكب أخطاء نتيجة عدم التخصص، وكانت القرارات أشبه بـ«الارتجالية»، ولذا من المهم الوقوف على هذه الأخطاء سريعاً وحلها قبل أن تتكرر أو تتسع الرقعة في الموسم الجديد.
أما المحامي القانوني خالد المحمادي، فقد اعتبر أن المشكلة التي يعاني منها الاتحاد السعودي هي عدم وجود محامٍ قانوني رياضي مختص ضمن الأعضاء كما هو موجود مثلاً في الاتحاديين الإنجليزي والألماني، حيث كانت القضايا تناقش ويستشار فيها المحامي القانوني ثم يتم اتخاذ القرار بثقة كبيرة.
وأضاف المحمادي: «المفترض أن الاتحاد السعودي ألا يلتفت للتصاريح الإعلامية لرؤساء الأندية وبعض المسؤولين بشأن بعض القضايا مما قد يؤثر على القضايا نفسها، وفي الموسم المقبل يمكن التفاؤل بأن يكون الوضع مختلفاً جداً مع الاتحاد، بقيادة عادل عزت، بعد الاستفادة من بعض الأخطاء التي حصلت خلال الفترة الماضية، كما أن التعاقد مع الحكم الإنجليزي البارز مارك كلاتينبرغ سيكون له كبير في كثير من القضايا المتعلقة مباشرة بالتحكيم. ومن هنا يمكن التفاؤل بأن الوضع سيختلف للأفضل بداية من الموسم الجديد فيما يخص القضايا القانونية في الكرة السعودية».
وختم المحمادي بالتعليق على إعفاء الدكتور عبد الله البرقان من رئاسة لجنة الاحتراف بالقول: «للأسف، الدكتور البرقان لم يجعل هناك أي مجال للتمسك بخدماته في منصب رئيس لجنة الاحتراف، لأنه اتخذ قرارات بعيداً عن الأنظمة. واجتهاده لم يكن في محله في كثير من القضايا المهمة، ولذا كان من الطبيعي أن يتم إعفاؤه».
اتحاد الكرة السعودي وقضايا الاحتراف... جدل مستمر وخطوات «عاجزة»
قانونيون ينتقدون غياب الحلول... وافتقار المسؤولين للخبرة
اتحاد الكرة السعودي وقضايا الاحتراف... جدل مستمر وخطوات «عاجزة»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة