رحلة محفوفة بالمخاطر للفرار من «داعش»

عظام الأطفال النازحين تبرز من الجفاف... والأغذية الأساسية «رفاهيات» باهظة

جندي يشير لعائلة عراقية تحاول الفرار من معارك المدينة القديمة في الموصل أمس (أ.ف.ب)
جندي يشير لعائلة عراقية تحاول الفرار من معارك المدينة القديمة في الموصل أمس (أ.ف.ب)
TT

رحلة محفوفة بالمخاطر للفرار من «داعش»

جندي يشير لعائلة عراقية تحاول الفرار من معارك المدينة القديمة في الموصل أمس (أ.ف.ب)
جندي يشير لعائلة عراقية تحاول الفرار من معارك المدينة القديمة في الموصل أمس (أ.ف.ب)

استطاع عدنان صاحب أحد المتاجر إنقاذ نفسه من بين الأنقاض على مدار يومين متعاقبين، بعد قصف المنازل التي لجأ لها، الواحد تلو الآخر، في الهجوم الذي تقوده الولايات المتحدة للقضاء على آخر مقاتلين من تنظيم داعش في الموصل.
وقال عدنان بعدما أجلاه الجيش قبل يومين: «(داعش) أجبرنا على ترك منزلنا، لذلك انتقلنا إلى منزل أحد الأقارب. قُصف المنزل، أول من أمس، ثم انتقلنا إلى منزل ابن عمي، وفي صباح اليوم التالي تم قصفه أيضاً».
وأضاف الرجل الذي لديه شظية في الجمجمة من جراء هجوم «مورتر» سابق، أنه نجا مع آخرين بالاختباء في أقبية المنازل تحت الأرض.
وواجه آلاف الأشخاص في آخر بقعة من الموصل لا تزال في قبضة «داعش» أوضاعاً مماثلة على مدار أسابيع، في ظل شح الطعام وانقطاع الكهرباء. ويخشون التعرض للقصف إذا ظلوا في أماكنهم، أو مواجهة نيران القناصة، إذا حاولوا الفرار. ويجد السكان أنفسهم وسط إطلاق النار ويستهدفون عن عمد من «داعش» منذ بدء الهجوم قبل أكثر من ثمانية شهور.
وقتل الآلاف ونزح نحو 900 ألف شخص، أي نحو نصف سكان الموصل، قبل الحرب. وحوصر الآلاف في المدينة القديمة التي تمثل الهدف النهائي للهجوم وكانوا معرضين للقصف أكثر من الموجودين في أنحاء المدينة الأخرى، وأثر ذلك واضح.
وبرزت عظام الأطفال الذين يعانون من جفاف شديد، بينما ينهار كبار السن على الطريق. وفي كثير من الحالات لا يجدون أي شيء للأكل سوى القمح المغلي، بحسب وكالة «رويترز».
وفي نقطة تجمع تبعد أقل من كيلومتر عن خط القتال، تحدث السكان عن أحدث أسعار السلع الأساسية التي أصبحت باهظة بشكل أعجزهم عن شرائها على مدار الشهور الثلاثة الماضية، حيث وصل سعر كيلو العدس إلى 60 ألف دينار عراقي (51 دولاراً أميركياً)، والأرز 25 ألف دينار، والدقيق 22 ألف دينار.
وقال محمد طاهر، وهو شاب من منطقة مكاوي في المدينة القديمة، إن مقاتلين من «داعش» يتحدثون اللغة الروسية انتشروا في الأحياء لعرقلة حركة المدنيين. وأضاف: «كان سجناً. قبل خمسة أيام أغلقوا الباب علينا، وقالوا: لا تخرجوا. موتوا في الداخل، لكن الجيش جاء وحررنا».
وقال مسعف أوروبي في مستشفى ميداني إنه شاهد حالات صدمة شديدة بين المدنيين الفارين من القتال في الأسبوع الماضي أكثر مما شاهد على مدار 20 عاماً قضاها في العمل في وطنه.
ومن نقطة التجمع تحمل شاحنات الجيش النازحين عبر نهر الفرات إلى مركز فحص أمني قرب فندق «نينوى أوبروي»، وهو من فنادق الخمس نجوم كان «داعش» يستخدمه لإيواء المقاتلين الأجانب والانتحاريين.
وقال العقيد خالد الجبوري، المسؤول عن إدارة الموقع، إن أكثر من أربعة آلاف شخص مروا عبر مركز الفحص منذ منتصف مايو (أيار). وأضاف أن قوات الأمن احتجزت نحو 400 ممن يُشتَبَه بانتمائهم لـ«داعش» خلال هذا الوقت. وأوضح أنهم «كانوا يريدون المرور مع المدنيين كما لو كانوا منهم... يتم فحص كل شخص يأتي أو يذهب للتخلص من هؤلاء».
وأشار إلى رجلين في منتصف العمر استبعدهما ضباط مخابرات من بين عشرات آخرين للاشتباه في صلتهما بـ«داعش»، كان أحدهما يرتدي جلباباً أبيض اللون وعمامة سوداء، والآخر حليق الرأس ولديه ضمادة على ساقه، قائلاً إن الأخير «ينتمي إلى (داعش)، وعبر من دون أوراق وهو مصاب، أو يتظاهر بأنه مصاب».
وتعتمد قوات الأمن على قائمة أسماء وشهادات الشهود لتحديد المشتبه بانتمائهم إلى «داعش». وحتى مع اقتراب الهجوم العسكري من نهايته، من الواضح أن بعض عناصر التنظيم نجح في التسلل عبر الثغرات. ويتم القبض على من يشتبه في أنهم متشددون يومياً في أحياء الموصل التي أعلن «تحريرها» قبل شهور، كما وقعت هجمات انتحارية في هذه المناطق.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.