قوات حفتر تعلن «تحرير» بنغازي بالكامل

مقتل 5 أشخاص وإصابة 32 إثر سقوط قذيفة على شاطئ قرب مطار معيتيقة

عناصر من قوات حفتر خلال مواجهات في منطقة الجفرة ببنغازي (أ.ف.ب)
عناصر من قوات حفتر خلال مواجهات في منطقة الجفرة ببنغازي (أ.ف.ب)
TT

قوات حفتر تعلن «تحرير» بنغازي بالكامل

عناصر من قوات حفتر خلال مواجهات في منطقة الجفرة ببنغازي (أ.ف.ب)
عناصر من قوات حفتر خلال مواجهات في منطقة الجفرة ببنغازي (أ.ف.ب)

أعلن الجيش الوطني الليبي، بقيادة المشير خليفة حفتر الذي عينه مجلس النواب المنتخب قائدا عاما للجيش الوطني، تحرير آخر معاقل المجموعات المسلحة في منطقة الصابري شمالي مدينة بنغازي.
وقال العميد اسماعيل البركي، آمر غرفة عمليات الصابري، أمس إن العمليات العسكرية انتهت بالكامل في هذا المحور الذي يعد الأخير في بنغازي، ومباشرة بعد ذلك شهدت المدينة احتفالات كبيرة بهذه المناسبة.
وفي غضون ذلك ذكرت مصادر صحافية متطابقة أن قذيفة عشوائية سقطت مساء أول من أمس على شاطئ في قلب العاصمة الليبية طرابلس تسببت في مقتل خمسة أشخاص، بينهم طفل واحد وإصابة 25 آخرين بجروح.
ولم تقدم السلطات التابعة لحكومة الوفاق الوطني، التي يفترض أنها تتولى إدارة الأمور في العاصمة الليبية، أي تفسيرات رسمية للحادث؛ لكن مصادر أمنية أشارت إلى نشوب معركة بالأسلحة النارية بين قوات الأمن وجماعات مسلحة خارجة عن القانون وقعت في التوقيت نفسه.
وقالت وزارة الداخلية بحكومة الوفاق الوطني، التي يترأسها فائز السراج، إنها باشرت التحقيق الفوري في الواقعة التي قامت بها مجموعات مسلحة خارجة عن القانون بمنطقة الشط في طرابلس، وأوقعت عددا من الضحايا والجرحى. ومع ذلك، فقد اعتبرت الوزارة في بيان لها أن الإجراءات مستمرة لضبط الجناة وتقديمهم للعدالة، وأن الحالة الأمنية تحت السيطرة.
من جهتها، أعلنت قوات الردع الخاصة التابعة لحكومة السراج أن الوضع في مطار معيتيقة تحت السيطرة وسجلت عودة حركة الطيران، مشيرة إلى أنه تم القبض على أغلب من وصفتهم بالمجرمين الذين كانوا وراء الخروقات الأمنية في المطار ومحيطه.
وتفقد العارف الخوجة، وزير الداخلية بحكومة السراج، مطار معيتيقة للوقوف على الحالة الأمنية بالمطار عقب الاشتباكات المسلحة التي وقعت مساء أول من أمس بين مسلحين في محيط المطار، التي أدت إلى سقوط قتلى وجرحى أغلبهم من المدنيين المصطافين في الشواطئ المجاورة للمطار، حيث أكد في تصريحات مقتضبة أن العمل جارٍ لإعادة استئناف الرحلات الداخلية والدولية من وإلى المطار وبشكل اعتيادي. وقالت غرفة العمليات المركزية بوزارة الصحة الليبية: إن آخر حصيلة لما وصفته بالأحداث المؤسفة، التي حصلت في طرابلس هي خمس حالات وفاة؛ لكن تقارير من مستشفيات بطرابلس تحدثت عن إصابة 32 شخصا على الأقل بجروح متفاوتة الخطورة.
وحسب شهود عيان، فقد سقطت القذيفة على شاطئ يقع قبالة مطار معيتيقة في شرق مدينة طرابلس، دون أن تعرف بالضبط الجهة التي أطلقتها، أو إذا كانت أصابت المكان عن طريق الخطأ أو بطريقة متعمدة.
من جهته، قال مصدر في وزارة الداخلية: إن اشتباكات دارت في محيط مطار معيتيقة بين قوات الأمن وجماعة «خارجة على القانون»، مشيرا إلى أنه لم يتضح بعد ما إذا كان هذا القصف على المدنيين متعمدا أم حصل عن طريق الخطأ.
وقال عبد السلام عاشور، نائب وزير الداخلية في حكومة السراج، لقناة تلفزيونية محلية: إن القتلى سقطوا جراء اشتباكات بين جهة أمنية ومجموعة خارجة عن القانون، قامت بإطلاق القذيفة التي أصابت شاطئا قرب مطار معيتيقة، بينما أفادت تقارير أخرى بأن القذيفة أطلقت خلال هجوم انتقامي ضد إحدى الفصائل المسلحة الكثيرة في العاصمة.
ويوجد في طرابلس الكثير من الجماعات المسلحة، التي يشترك بعضها في السيطرة على مطار معيتيقة والمناطق المحيطة به، حيث تشتبك بين الحين والآخر في نزاعات محلية على الأراضي والنفوذ. وتسود طرابلس فوضى أمنية بسبب تواجد عشرات الفصائل المسلحة في شوارعها منذ سقوط معمر القذافي عام 2011. علما بأن بعض هذه الفصائل انضمت إلى حكومة السراج منذ بدء عملها في نهاية مارس (آذار) من العام الماضي.
وكان فائز السراج، رئيس الحكومة المدعومة من الأمم المتحدة، قد أعلن تدشين مطار طرابلس الدولي، مشيرا إلى قيامه برحلة تجريبية إلى مطار طرابلس العالمي، تعد الرحلة الأولى التي تهبط في المطار منذ أن توقف عن العمل عام 2014، وقال السراج في بيان وزعه مكتبه: إن مطار طرابلس هو مكمل لعمل مطار معيتيقة الدولي ليسهل التواصل مع مختلف بلدان العالم بسهولة وسرعة أكبر، مشيرا إلى أن مراحل عودة مطار طرابلس العالمي للعمل ستبدأ من الآن. وأكد أن تدشين الرحلات إلى مطار طرابلس يعد رسالة لها دلالاتها محليا ودوليا، موضحا أن العمل سيستمر من قبل حكومته لدعم جميع مطارات ليبيا شرقاً وغرباً وجنوبا دون استثناء.
وكان الجيش الوطني الليبي قبل الإعلان عن تحرير بنغازي قد أعلن في وقت سابق أمس، أنه بات أقرب إلى إعلان تحرير مدينة بنغازي بالكامل من قبضة الجماعات المتطرفة، التي سيطرت على المدينة منذ نحو ست سنوات؛ إذ أعلن العميد عبد السلام الحاسي، آمر غرفة عمليات الكرامة، انتهاء العمليات العسكرية بمحور سوق الحوت بعد تمشيطه بالكامل بعد القضاء على الجماعات الإرهابية، مشيرا إلى أن المنطقة الواقعة بين ميناء بنغازي الرئيسي وشارع عمر بن العاص وشارع الشريف ومنارة خريبيش والكورنيش باتت تحت سيطرة قوات الجيش. كما أعلن مسؤول الإعلام في الجيش السيطرة على منطقة الصابري بالكامل، مشيرا إلى بدء تمشيط المنطقة من بقايا فلول الجماعات الإرهابية والألغام والمفخخات التي قامت بزرعها.
وخاضت قوات الجيش معارك وتقدمت داخل آخر منطقة يسيطر عليها خصومها في مدينة بنغازي، حيث أزالت الألغام وحواجز الطرق واستهدفت القناصة تحت ستار من قذائف الدبابات.
وقال مصدر طبي إن ما لا يقل عن 17 جنديا قتلوا، بينما أصيب 50 على الأقل في القتال منذ أول من أمس، بينما قال الجيش الوطني الليبي إنه قتل 19 من معارضيه؛ إذ أوضح ميلاد الزاوي، المتحدث باسم القوات الخاصة، أن قواته ووحدات معاونة من الجيش تقدمت وضيقت الخناق على «المجموعات الإرهابية» على جبهة الصابري وسيطرت على مواقع مهمة، لافتا النظر إلى أن أحد المواقع مبنى كان يضم عددا كبيرا من القناصة. وتحولت مناطق من بنغازي إلى أنقاض بعد أن شن حفتر عملية الكرامة ضد المتشددين ومعارضين آخرين في مايو (أيار) 2014.
وأدت معارك الشوارع وغارات جوية إلى تدمير كثير من المباني في حي الصابري وحي سوق الحوت التاريخي، كما امتلأت المنطقة بالألغام.
وسبق للجيش الوطني الليبي، الذي يقوده المشير خليفة حفتر، أن أعلن أنه أصبح على وشك الانتهاء من حملة استمرت ثلاثة أعوام للسيطرة على بنغازي، ثاني كبرى المدن الليبية، بعد أن حاصر مقاتلين منافسين في قطاع بحي الصابري الساحلي عرضه أقل من كيلومترين. وقد كلف المشير خليفة حفتر قوة عسكرية ترافق الآليات المحملة بالوقود والمتجهة لمناطق فزان بجنوب ليبيا، وقال مسؤول عسكري لوكالة الأنباء الليبية: إن الهدف من هذه الخطوة إيصال الآليات المحملة بالوقود بسلامة إلى سكان تلك المدن والمناطق بعد أن كانت الجماعات الإرهابية والخارجة عن القانون تقطع الطريق عليها وتسلبها، وتحول دون وصولها للمواطنين هناك. مضيفا أن تعليمات حفتر تقضي بالقبض أو القضاء على كل من يعيق وصول الشاحنات لمحطات التزود بالوقود في فزان.
وحقق الجيش الوطني الليبي تقدما في بنغازي ومناطق أخرى من شرق وجنوب ليبيا، لكنه يرفض حكومة السراج المدعومة من الأمم المتحدة التي وصلت العاصمة طرابلس في مارس عام 2016.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».