السودان يطالب جوبا بوقف دعم الحركات المتمردة

البشير يوجه دعوة رسمية لسلفا كير لزيارة بلده

TT

السودان يطالب جوبا بوقف دعم الحركات المتمردة

طالبت الحكومة السودانية بشكل مباشر جنوب السودان، بأن يوقف نهائيا دعمه للحركات المتمردة ضد الخرطوم في ولايات جنوب كردفان، النيل الأزرق ودارفور، وأكدت أنها منفتحة لبناء علاقات قوية وإيجابية مع جارتها الجنوبية.
وقال وزير الخارجية السوداني إبراهيم غندور، حسب وكالة الأنباء الرسمية السودانية، إن نائب رئيس بلاده حسبو محمد عبد الرحمن، التقى النائب الأول لرئيس جنوب السودان تابان دينق قاي، بحضور عدد من المسؤولين والوزراء في البلدين، على هامش قمة الاتحاد الأفريقي، الذي اختتمت أعماله أول من أمس في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، ونقل إلى قاي طلب السودان ضرورة توقف جوبا عن دعم الحركات المتمردة السودانية، وأضاف موضحا: «لقد كان النقاش حول علاقات البلدين صريحاً وشفافاً وواضحاً»، مشيراً إلى أن المسؤولين ناقشا بصورة واضحة الدعم الذي تتلقاه الحركات المتمردة، سواء من دارفور أو من منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان.
واندلعت الحرب بين الحكومة السودانية ومتمردي الحركة الشعبية – شمال، في منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق منذ يونيو (حزيران) 2011، ومجموعة من الحركات المسلحة بإقليم دارفور منذ 14 عاما.
وأوضح الوزير السوداني أن نائب الرئيس أكد للمسؤول الجنوب سوداني أن الخرطوم منفتحة وجاهزة لبناء علاقات قوية وإيجابية مع جنوب السودان، وقال بهذا الخصوص: «لقد كنا دولة واحدة، وسنظل أشقاء وإخوة وجيراناً»، مشيرا إلى أنه سلم نظيره دينق ألور دعوة من الرئيس عمر البشير للرئيس سلفا كير ميارديت لزيارة الخرطوم، وأنه تم الاتفاق على العمل من أجل إنجاح الزيارة من خلال التحضيرات المشتركة عبر اللجنة السياسية والأمنية، بهدف الاتفاق على القضايا العالقة وتنفيذ اتفاق التعاون المشترك.
وتأجلت اجتماعات اللجنة السياسية الأمنية بين البلدين عدة مرات، وكان يفترض أن تناقش القضايا العالقة في ترسيم الحدود والمسائل الأمنية، والاتهامات المتبادلة حول دعم وإيواء كل طرف متمردي البلد الآخر.
من جانبه، وصف النائب الأول لرئيس جنوب السودان تعبان دينق، وفقا لوكالة السودان الرسمية، الاجتماع بالناجح والشفاف، وقال إنه «لا بد للبلدين من أن يعملا على تحسين علاقاتهما إلى الأفضل، ويجب عليهما العمل لإنجاح زيارة الرئيس سلفا كير إلى الخرطوم».
وتتبادل حكومتا السودان وجنوب السودان بصورة متكررة اتهامات بدعم الحركات المسلحة في البلدين، وكانت الحكومتان قد وقعتا في 27 سبتمبر (أيلول) 2012 اتفاقا للتعاون المشترك في أدیس أبابا، من تسعة بنود، يضم القضایا الخلافیة المترتبة على انفصال الجنوب، باستثناء ترسیم الحدود. ومن أبرز القضایا العالقة النفط والأمن ووقف دعم المتمردين في البلدين، واتفاق «الحریات الأربع»، الذي یمنح مواطني أي بلد حق الدخول للبلد الآخر بلا تأشیرة، وإقامة مع حقوق العمل والتملك.
إلى ذلك، رفض ريك مشار، زعيم المعارضة المسلحة في جنوب السودان، عقد اجتماع مع وفد لجنة الحوار الوطني الذي زار جنوب أفريقيا للقاء مشار، مشددا على ضرورة وقف الحرب الجارية في البلاد كأولوية.
وقال الرئيس المشترك للجنة الحوار الوطني أنجيلو بيدا، رئيس الوفد إلى جنوب أفريقيا، إن مشار رفض مقابلتهم، رغم المحاولات المتكررة التي قام بها نائب رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوسا، وقال بهذا الخصوص: «ذهبنا إلى جنوب أفريقيا من أجل السلام، وحاولنا الاجتماع مع الدكتور ريك مشار لنسمع آراءه حول الحوار الوطني. لكن لم نقابله، لكننا كنا نتبادل الرسائل فيما بيننا»، دون أن يوضح فحوى هذه الرسائل.
لكن أكول بول، نائب وزير الإعلام في جنوب السودان، قال إن الحكومة كانت تتوقع رفض مشار للقاء وفد لجنة الحوار الوطني، وأضاف موضحا: «إن رفض مشار للقاء الوفد كان حواراً في حد ذاته».
وينتظر أن يزور وفد لجنة الحوار الوطني كينيا ومصر وإثيوبيا، ودول شرق أفريقيا الأخرى، بما في ذلك السودان، للقاء المعتقلين السياسيين السابقين في البلاد لام أكول، والجنرال توماس سيريلو.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».