قائد «الوحدات» الكردية: روسيا «متواطئة» مع تركيا والنظام في عفرين

سبان حمو قال لـ«الشرق الأوسط» إن معارك ريف حلب ستعرقل تحرير الرقة... وليس قلقاً من «تخلي الأميركيين»

قائد «الوحدات» الكردية: روسيا «متواطئة» مع تركيا والنظام في عفرين
TT

قائد «الوحدات» الكردية: روسيا «متواطئة» مع تركيا والنظام في عفرين

قائد «الوحدات» الكردية: روسيا «متواطئة» مع تركيا والنظام في عفرين

قال قائد «وحدات حماية الشعب» الكردية، سبان حمو، في حديث إلى «الشرق الأوسط» أمس، إن روسيا «متواطئة» مع تركيا والنظام السوري ضد الأكراد في عفرين، متوقعاً «مواجهة مباشرة وجهاً لوجه» بين تركيا و«وحدات حماية الشعب» شمال سوريا؛ ما «سيؤثر سلباً» على معركة تحرير الرقة من «داعش».
وقال حمو في حديث هاتفي أمس، إن «قوات سوريا الديمقراطية» التي تضم «وحدات حماية الشعب» الكردية وفصائل عربية «اخترقت» أمس سور الحي القديم في الرقة معقل «داعش»، حيث بدأ نحو خمسة آلاف مقاتل عربي وكردي هجوماً على المدينة من أربع جبهات، حيث تم فتح سبعة محاور في كل جبهة، ضمن «خطة عسكرية لتحريرها خلال شهرين» في حال استمر التقدم بنفس الوتيرة، خصوصاً بعد تراجع عدد عناصر «داعش» في الأيام الماضية من نحو خمسة آلاف إلى 2500 عنصر.
وخلال هذه المعركة، يقدم التحالف الدولي بقيادة أميركا غطاء جوياً للقوات العربية والكردية «سيتم تصعيد وتيرته، بما في ذلك مشاركة طائرات أباتشي الأميركية في عملية تحرير الرقة بعد تحرير الموصل من (داعش)، إضافة إلى وجود 1300 عنصر معظمهم من الأميركيين ضمن التحالف». ويجري يومياً نقل ذخائر وأسلحة عبر طائرات أميركية إلى القاعدة العسكرية الأميركية الرئيسية في كوباني (عين العرب) التي تضم معدات إلكترونية وعسكرية متطورة ومهبطاً للطائرات. وقال حمو: «هناك تنسيق كامل بين التحالف وقواتنا، ونحارب جنباً إلى جنب».
* «قواعد» أميركية
وبحسب حمو، أقام الجيش الأميركي قواعد ومطارات ومراكز في 7 مواقع تحت سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» و«وحدات حماية الشعب»، أبرزها في كوباني، إضافة إلى مطارين في الحسكة، وواحد في القامشلي واثنين في ديريك (المالكية)، وآخر في تل أبيض على حدود تركيا، وإلى «مفرزة عسكرية» في منبج في ريف حلب.
يضاف إلى هذه المراكز السبعة، معسكر التنف الذي أقامه الجيش الأميركي في زاوية الحدود السورية - العراقية - الأردنية، ومعسكر الزقف الذي يقع شمال التنف باتجاه مدينة البوكمال، وسط أنباء عن سحب هذا الأخير بموجب تفاهم رعته روسيا، وقضى بتفكيك هذا المعسكر الأميركي مقابل انسحاب موالين للنظام من منطقة نفوذ معسكر التنف بدائرة عمقها 55 كيلومتراً.
وإذ قال حمو إن الجيش الأميركي «يمكن أن يقيم قاعدة جديدة في أي مكان يريد شرق سوريا من دون عقبات أو موانع»، رداً على سؤال يتعلق بأنباء عن إقامة قاعدة قرب الشدادي في ريف الحسكة لدعم فصائل «الجيش الحر»؛ استعداداً لمعركة تحرير دير الزور من «داعش»، قال إن الأميركيين لم يبحثوا رسمياً مع قيادة «الوحدات» موضوع تحويل مطار الطبقة في ريف الرقة الذي سيطرت عليها «سوريا الديمقراطية» إلى قاعدة جوية متكاملة. وتابع: «بعد تحرير الرقة، إذا طرح موضوع دير الزور نحن مستعدون؛ لأننا نريد تحرير كل المناطق من (داعش) بما ذلك دير الزور ودرعا (جنوب سوريا)، وأي مكان. ونحن تفاهمنا مع الأميركيين على محاربة (داعش) والإرهاب في كل مكان».

* عفرين
وقال قائد «وحدات حماية الشعب» الكردية إن «استراتيجية تركيا تقوم على وأد مفهوم روج آفا (غرب كردستان) وتحاول محاربة الكرد وسوريا في شكل عام»، وأن ما يحصل في ريف عفرين والكلام عن بدء معركة جديدة باسم «سيف الفرات» بدعم من أنقرة «مؤامرة»، مشيراً إلى أن «روسيا والنظام الذي يقول إنه دولة ويصون الحدود والسيادة يتركان تركيا للتوغل والتدخل والقصف من دون أي موقف واضح». وزاد: «واضح أن هناك تواطؤا من تحت الطاولة بين الأطراف الثلاثة».
وكان «حزب الاتحاد الديمقراطي» برئاسة صالح مسلم الجناح السياسي لـ«وحدات الحماية» اقترح مع حلفائه العرب ومن قوميات أخرى نهاية 2013 مشروعا للإدارات الذاتية في ثلاثة أقاليم، هي الحسكة وعين العرب شرق نهر الفرات وعفرين غرب الفرات، ثم اقترح مشروع الفيدرالية الديمقراطية نموذجا لسوريا المستقبل.
لكن تركيا، التي تعتبر «الاتحاد الديمقراطي» و«وحدات الحماية» تابعين لـ«حزب العمال» الكردستاني وتنظيمين إرهابيين، اعتبرت الربط بين الأقاليم الذاتية الثلاثة وقيام «كردستان» شمال سوريا خطاً أحمر. ودعمت فصائل «درع الفرات» للتوغل شمال حلب لمنع الربط بين إقليمي الحسكة وعين العرب شرق الفرات وإقليم عفرين غرب الفرات. وقيل إن هذا حصل بتفاهم مع موسكو التي لم تمنع ذلك بالتزامن مع سقوط شرق حلب. وأقام الجيش الروسي قبل أشهر مركزاً عسكرياً في عفرين.
وسئل حمو أمس عن موقف روسيا من العملية العسكرية في عفرين وريف حلب، فأجاب: «لو لم يكن هناك موقف روسي (مؤيد أو غير رافض)، أنه من سابع المستحيلات دخول الأتراك إلى شمال سوريا وقصف ريف عفرين». وأضاف: «قد يكون هدف روسيا هو تخريب عملياتنا ضد (داعش) في الرقة وشرق سوريا. وهدف تركيا والنظام تخريب مشروع روج آفا (غرب كردستان). لكن هذا الاتفاق (بين الأطراف الثلاثة) مثل اتفاق الذئب والخاروف. وللأسف بعض الدول الكبرى يتصرف مثل التجار» في إشارة إلى موسكو. وزاد رداً على سؤال: «الروس قالوا لنا إنهم لم ينسحبوا من مركز عفرين، وقالوا للأتراك إنهم انسحبوا وادخلوا إلى سوريا».
وترددت أنباء عن وجود اتفاق بين أنقرة وموسكو قضى بتعهد روسيا انسحاب «قوات سوريا الديمقراطية» و«وحدات حماية الشعب» من تل رفعت وقرى مجاورة قرب عفرين مقابل عدم دخول فصائل «درع الفرات» التي يدعمها الجيش التركي إلى منبج التي أقيم فيها مركز للجيش الأميركي. وقال حمو: «كل اتفاق لسنا طرفاً فيه، لسنا معنيين به».
وسئل عن موقف «وحدات الحماية» في حال بدأت عملية «سيف الفرات» التي تدعمها أنقرة في عفرين، فأجاب: «موقفنا واضح... لا مشكلة. سنحارب بكل إمكاناتنا، وسنكون لأول مرة في مواجهة الأتراك وجهاً لوجه. هم معتدون على أرضنا ودخلوا إلى أرض ليست أرضهم، نحن جاهزون منتهى الجهوزية لإفشال خطط الاحتلال التركي وإجبارهم على الانسحاب من كل شبر من أراضي سوريا». وزاد: «للأسف الروس يقولون شيئا ويفعلون شيئا آخر».
وهل أُثير موضوع التدخل التركي في عفرين مع المبعوث الرئاسي الأميركي، بريت ماغورك، خلال زيارته لريف الرقة قبل أيام، فأجاب بأنه لم يلتق به «لكن الموقف الأميركي واضح ومبدئي. يقولون إن هذه المناطق (في عفرين) تابعة لروسيا، وهناك مناطق تابعة لهم. هناك اتفاق بينهم شرق نهر الفرات للأميركيين وغرب نهر الفرات للروس». وأضاف: «في شكل طبيعي، فإن الهجوم على عفرين سيؤثر سلبا على معركة الرقة، إذ إن 500 من جيش الثوار قرروا الذهاب من الرقة للدفاع عن عفرين ونصف مقاتلي وحدات الشعب الموجودين قرب الرقة، هم من عفرين وسيذهبون للدفاع عن أهلهم وأرضهم. أكيد سيؤثر ذلك على معركة تحرير الرقة».
وزاد حمو: «عفرين ستكون نقطة مقاومة ضد كل من يعتدي علينا ومشروعنا الديمقراطي ومشروعنا الفيدرالي لسوريا»، نافياً أنباء عن نيتهم تسليم عفرين إلى قوات النظام كما حصل في ريف حلب عندما رعت موسكو تسليم «سوريا الديمقراطية» مناطق إلى قوات النظام. وقال ردا على سؤال: «إذا وافق (رئيس النظام السوري) بشار الأسد على التغيير والمشروع الفيدرالي ليست هناك مشكلة. الموضوع ليس موضوع أشخاص، بل تغيير في مؤسسات وعقلية النظام وتعاطيه مع سوريا وحقوق الشعب السوري والأكراد».
وأشار حمو إلى أن الأكراد «ليسوا قلقين» من تخلي الأميركيين عنهم كما يفعل الروس حالياً في ريف حلب، وكما فعل الأميركيون مع أكراد العراق في سبعينات القرن الماضي. وقال: «لسنا قلقين بهذا الخصوص. نعتمد على سياستنا وهي عقلانية ولسنا تابعين لأحد. علاقتنا مبنية على الانتصارات وإنجازات «وحدات حماية الشعب». طالما التنظيم قائم والانتصارات قائمة لا نخشى من التخلي (عنا) من أي طرف، بل إنني أتوقع أنه في وقت ليس بعيداً أن الروس سيحصون (يدركون) ويعرفون أن سياستهم الحالية كانت خاطئة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».