«إنت دمر ونحن نعمّر»... حكاية «كتيبة بناء» في سوريا

أعضاء من كتيبة «أنت دمر ونحن نعمر» في صيدا قرب درعا (رويترز)
أعضاء من كتيبة «أنت دمر ونحن نعمر» في صيدا قرب درعا (رويترز)
TT

«إنت دمر ونحن نعمّر»... حكاية «كتيبة بناء» في سوريا

أعضاء من كتيبة «أنت دمر ونحن نعمر» في صيدا قرب درعا (رويترز)
أعضاء من كتيبة «أنت دمر ونحن نعمر» في صيدا قرب درعا (رويترز)

عندما يتولى عامل البناء أبو سالم سد فتحة نتجت عن قذيفة في بيت في منطقة تخضع لسيطرة المعارضة في جنوب سوريا فهو يعلم أنها قد لا تكون المرة الأخيرة التي يضطر فيها لإصلاح ذلك المبنى.
ويقول لـ(رويترز) إنه يوجد «احتمال إن (البيت) ينقصف مرة تانية. لكن بشكل مؤقت مبدئيا (لازم) الواحد يستر حاله بالبيت».
يقود أبو سالم مجموعة من 12 عامل بناء يقومون بإعادة بناء المباني وإصلاحها مما لحق بها من أضرار من جراء البراميل المتفجرة والغارات الجوية والقصف في مدينة درعا السورية وما حولها. ولأن الأدوات الحديثة غير متاحة ومواد البناء غالية الثمن بسبب الحرب، يقوم فريق أبو سالم بهدم البيوت وخلط الخرسانة المسلحة ونقلها بأيديهم.
ولم تغب عنهم روح الدعابة رغم ما يمرون به من صعاب. فقبل ثلاثة أشهر انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي في سوريا مقطع فيديو يظهر فيه رجال ملثمون وهم راكعون في تشكيل ويرفعون العصي وينهضون على صيحات «الله أكبر». وللوهلة الأولى يبدو الفيديو مثالا نموذجيا للدعاية التي تطلقها في كثير من الأحيان الجماعات المسلحة في الصراع السوري. غير أن مخبره يختلف عن مظهره.
يقول أبو سالم أمام الكاميرا متهكما على قادة المعارضة الذين يحاربون حكومة الرئيس بشار الأسد «بسم الله الرحمن الرحيم. أنا أبو سالم المحاميد وأنا أعلن عن تشكيل كتيبة صب الباطون (الخرسانة) في المناطق المحررة». ويصيح أبو سالم قائلا: «إنت دمر واحنا بنعمر بإذن الله. تكبير»، فيكبر رجاله ويهللون ثم ينخرط الجميع في الضحك.
وقال لـ«رويترز» هاتفيا: «أكثر من شخص استوقفني وأنا ماشي بالطريق. بيقولوا إنه أفضل كتيبة تم تشكيلها منذ بداية الأزمة السورية والحرب السورية».
ودمرت الحرب السورية الاقتصاد الوطني وقسمت البلاد إلى مناطق سيطرة مختلفة فرقت بدورها طرق التجارة ورفعت الأسعار وتسببت في نقص محلي في السلع الأساسية. غير أن المال أعلى صوتا في بعض الأحيان من الولاءات السياسية
وما زالت السلع تجد طريقها في مختلف أنحاء سوريا عبر الخطوط الأمامية من خلال دفع رشى وإتاوات كبيرة عند الحواجز الأمنية. ويعيش أبو سالم في منطقة تخضع لسيطرة المعارضة لكنه يجلب مواد البناء التي يستخدمها من مناطق خاضعة لسيطرة النظام. وقال إن الإسمنت الذي يحصل عليه من دمشق قد يبلغ سعره نحو 30 ألف ليرة للطن من مصدره، لكنه يصل إلى درعا بسعر 50 أو 55 ألف ليرة بعد المرور عبر مختلف الحواجز الأمنية. ويشعر أبو سالم (39 عاما) وهو أب له من الأولاد خمسة ويعمل بناءً منذ ما قبل الحرب بحماس شديد تجاه عمله في بناء وإصلاح ما تهدم، لكنه يتحسر لأنه يعجز عن أداء المهمة على الوجه الأمثل. فلا يوجد مهندسون أو أساليب بناء حديثة أو خلاطات إسمنت. ويعيد هو وزملاؤه استعمال الركام وأسياخ الصلب من البيوت المهدمة ويعملون بأيديهم العارية.
ويحصل أعضاء الكتيبة على أجورهم وفق قدرة الزبائن، وتتراوح قيمة الأجر ما بين أربعة وخمسة دولارات في اليوم.
ويقول أبو سالم عن أوجه إنفاق المال: «أكل وشرب. أكل وشرب فقط. وأضاف أنه يقف هو ورجاله على استعداد لمساعدة أي أطراف تتفق في النهاية على إعادة إعمار سوريا». ويضيف: «أما إذا بده ييجي واحد من بره يعطيني صاروخ ويقول لي حارب، أنا ماني مستعد آخد صاروخ ولا آخد سلاح ولا أي شيء».



تأكيد عربي على دعم «عملية انتقالية جامعة» في سوريا

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
TT

تأكيد عربي على دعم «عملية انتقالية جامعة» في سوريا

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)

أصدرت الدول العربية المجتمعة في مدينة في الأردن، اليوم السبت، بيانها الختامي الذي أكدت فيه دعمها لعملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية.

وقال البيان بعد اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا التي تضم: الأردن، والسعودية، والعراق، ولبنان، ومصر، وأمين عام جامعة الدول العربية، وبحضور وزراء خارجية الإمارات، ومملكة البحرين، الرئيس الحالي للقمة العربية، ودولة قطر، وذلك ضمن اجتماعات العقبة حول سوريا: «أكد المجتمعون الوقوف إلى جانب الشعب السوري الشقيق، وتقديم كل العون والإسناد له في هذه المرحلة الدقيقة، واحترام إرادته وخياراته».

وأضاف: «ندعم عملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية، وبمن فيها المرأة والشباب والمجتمع المدني بعدالة، وترعاها الأمم المتحدة والجامعة العربية، ووفق مبادئ قرار مجلس الأمن رقم 2254 وأهدافه وآلياته».

كما دعا البيان إلى «تشكيل هيئة حكم انتقالية جامعة بتوافق سوري، والبدء بتنفيذ الخطوات التي حددها القرار للانتقال من المرحلة الانتقالية إلى نظام سياسي جديد، يلبي طموحات الشعب السوري بكل مكوناته، عبر انتخابات حرة ونزيهة، تشرف عليها الأمم المتحدة، استناداً إلى دستور جديد يُقره السوريون، وضمن تواقيت محددة وفق الآليات التي اعتمدها القرار».

وأكد البيان على «دعم دور المبعوث الأممي إلى سوريا، والطلب من الأمين العام للأمم المتحدة تزويده بكل الإمكانات اللازمة، وبدء العمل على إنشاء بعثة أممية لمساعدة سوريا؛ لدعم العملية الانتقالية في سوريا ورعايتها، ومساعدة الشعب السوري الشقيق في إنجاز عملية سياسية يقودها السوريون وفق القرار 2254».

وشدد على أن «هذه المرحلة الدقيقة تستوجب حواراً وطنياً شاملاً، وتكاتف الشعب السوري بكل مكوناته وأطيافه وقواه السياسية والاجتماعية؛ لبناء سوريا الحرة الآمنة المستقرة الموحدة التي يستحقها الشعب السوري بعد سنوات طويلة من المعاناة والتضحيات».

إلى ذلك طالب البيان بـ«ضرورة الوقف الفوري لجميع العمليات العسكرية»، وأكد «ضرورة احترام حقوق الشعب السوري بكل مكوناته، ومن دون أي تمييز على أساس العرق أو المذهب أو الدين، وضمان العدالة والمساواة لجميع المواطنين».

ودعا إلى «ضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية، وتعزيز قدرتها على القيام بأدوارها في خدمة الشعب السوري، وحماية سوريا من الانزلاق نحو الفوضى، والعمل الفوري على تمكين جهاز شرطي لحماية المواطنين وممتلكاتهم ومقدرات الدولة السورية».

وحث على «الالتزام بتعزيز جهود مكافحة الإرهاب والتعاون في محاربته، في ضوء أنه يشكل خطراً على سوريا وعلى أمن المنطقة والعالم، ويشكل دحره أولوية جامعة».

أيضاً، أكد البيان «التضامن المطلق مع الجمهورية العربية السورية الشقيقة في حماية وحدتها وسلامتها الإقليمية وسيادتها وأمنها واستقرارها وسلامة مواطنيها. وتوفير الدعم الإنساني الذي يحتاج إليه الشعب السوري، بما في ذلك من خلال التعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

وتطرق إلى العمل على «تهيئة الظروف الأمنية والحياتية والسياسية للعودة الطوعية للاجئين السوريين إلى وطنهم، وتقديم كل العون اللازم لذلك، وبالتعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

كذلك، أدان البيان توغل إسرائيل داخل المنطقة العازلة مع سوريا وسلسلة المواقع المجاورة لها في جبل الشيخ ومحافظتي القنيطرة وريف دمشق، ورفضه احتلالاً غاشماً وخرقاً للقانون الدولي ولاتفاق فك الاشتباك المبرم بين سوريا وإسرائيل في عام 1974، مطالباً بانسحاب القوات الإسرائيلية.

كما أدان الغارات الإسرائيلية على المناطق والمنشآت الأخرى في سوريا، وأكد أن هضبة الجولان أرض سورية عربية محتلة يجب إنهاء احتلالها، مطالباً مجلس الأمن باتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف هذه الاختراقات.

وأوضح أن التعامل مع الواقع الجديد في سوريا سيرتكز على مدى انسجامه مع المبادئ والمرتكزات أعلاه، وبما يضمن تحقيق الهدف المشترك في تلبية حقوق الشعب السوري وتطلعاته.