تقرير أمني ألماني يحذّر من تنامي خطر المتشددين

الشرطة تستحدث وحدة خاصة لمراقبة الإرهابيين «الخطرين»

تقرير أمني ألماني يحذّر من تنامي خطر المتشددين
TT

تقرير أمني ألماني يحذّر من تنامي خطر المتشددين

تقرير أمني ألماني يحذّر من تنامي خطر المتشددين

حذّر تقرير أمني ألماني أمس من تصاعد مخاطر الإرهاب المرتبط بـ«التشدد الإسلامي» وجماعة «مواطنو الرايخ» اليمينية المتطرفة التي تحن إلى ألمانيا النازية.
جاء ذلك، فيما استحدثت شرطة الجنايات الألمانية وحدة خاصة مكلفة مراقبة المصنّفين في خانة «الخطرين»، بعد اعتمادها «رادار (داعش)» بوصفه نظاما أمنيا جديدا في فرز وتصنيف المشتبه بتورطهم في الإرهاب.
وأفاد تقرير لصحيفة «دي فيلت» الواسعة الانتشار، أمس الثلاثاء، بأن هذه الوحدة ستكرّس نشاطها لمراقبة أكثر من 680 إسلامياً متشدداً تصنّفهم دائرة حماية الدستور (مديرية الأمن العام) بوصفهم «خطرين».
وكان وزير الداخلية الألماني توماس دي ميزيير اتفق مع زملائه وزراء داخلية الولايات، في مؤتمرهم السنوي قبل شهر، على اعتماد المركزية في تصنيف وفرز المشتبه في تورطهم بالإرهاب. وتعتمد وزارات داخلية الولايات الألمانية الـ16 حتى الآن النظام اللامركزي في عملها، وتختلف في تقييم المشتبه فيهم وفرزههم بحسب دستور وقوانين كل ولاية. وأشار دي ميزيير آنذاك إلى ضرورة اعتماد نظام جديد في تصنيف وتقييم خطورة كل من الموضوعين في خانة «الخطرين». وأكد متحدث باسم الشرطة الاتحادية لصحيفة «فرنكفورت الغيماينة»، الأسبوع الماضي، اعتماد نظام ما يُعرف بـ«رادار (داعش)» على المستوى الاتحادي، الذي يعطي المشتبه فيهم ألواناً تتدرج بين الأحمر والبرتقالي والأصفر بحسب خطورة كل منهم.
ورفض دي ميزيير وجود اختلافات بين الإجراءات الأمنية في الولايات، قائلاً إنه لا يقبل بـ«سجّادة مرقّعة»، داعياً الولايات الألمانية إلى أن توحّد مواقفها من هذه الإجراءات.
ويُفترض أن تتخذ الوحدة الجديدة من العاصمة برلين مقراً لها داخل قسم «حماية الدولة» في الشرطة الاتحادية، وأن تشرف في كل أنحاء ألمانيا على مراقبة «الخطرين» بصورة ممنهجة، ومن ثم تقدير المخاطر الأمنية المتوقعة منهم. كما تتخذ الوحدة الإجراءات الوقائية لمكافحة الإرهاب في حالة الضرورة، مثل الرقابة على المكالمات الهاتفية أو وضع العناصر تحت المراقبة.
ومن المنتظر أن تُناقش هذه الخطط في «مركز مكافحة الإرهاب» في برلين لاتخاذ الخطوات الضرورية بشأنها وإلزام الولايات بتطبيقها. وكان ممثلو الأجهزة الأمنية المختلفة من كل الولايات يلتقون فقط للتشاور في «مركز مكافحة الإرهاب» الذي استحدثته وزارة الداخلية الاتحادية قبل سنة في إطار إجراءات ما تُعرف بـ«الحرب على الإرهاب».
ويعدّ الوزير دي ميزيير اختلاف المقاييس والإجراءات بين ولايتي الراين الشمالي - فيستفاليا وولاية برلين من أهم العوامل التي سهّلت عملية الدهس التي نفّذها الإرهابي التونسي أنيس العامري في برلين في ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي؛ إذ أدى الاختلاف في المعايير، وضعف التنسيق بين الولايتين، إلى إخراج العامري من قائمة «الخطرين» ورفع الرقابة عنه. وأسفرت العملية المذكورة في سوق لأعياد الميلاد عن مقتل 12 شخصاً وإصابة أكثر من 50.
ومعروف أن الولايات الألمانية تختلف في مواقفها من مراقبة المشتبه في تورطهم بالإرهاب وفي فرض الرقابة على هواتفهم الجوالة، وفي فرض القيود الإلكترونية عليهم، وفي تسفيرهم القسري عند الضرورة. وبينما تبدي الولايات التي يحكمها المحافظون تشدداً في هذه الإجراءات، تبدي الولايات التي يحكمها الاشتراكيون مرونة أكبر التزاماً بقانون الحريات الشخصية.
وعلى صعيد الإرهاب أيضاً، قدّم وزير الداخلية الاتحادي دي ميزيير ورئيس دائرة حماية الدستور هانز جورج ماسن في برلين التقرير الأمني لسنة 2016 حول التطرف. وحذر الاثنان، في مؤتمر صحافي أمس، من تصاعد مخاطر «الإرهاب الإسلامي» وإرهاب الجماعة المعروفة بـ«مواطنو الرايخ» اليمينية المتطرفة. وجاء في التقرير أن خطر «الإرهاب الإسلامي» مرتفع وأن على ألمانيا الاستعداد له. كما رصد التقرير ارتفاعاً في أعداد المحسوبين على التطرف اليميني واليساري، وارتفاعاً في نشاطهم.
وتقدّر أرقام دائرة حماية الدستور عدد الإسلاميين المتشددين بـ10100 حتى نهاية السنة الماضية، مقارنة بـ8350 في عام 2015.
وربط التقرير الأمني السنوي خطورة الإرهاب الذي تواجهه ألمانيا بالحرب «الوحشية» الدائرة في سوريا والعراق، وبنشاط «داعش» هناك. وأشار إلى أن خسائر «داعش» على الأرض في سوريا العراق تزيده تطرفاً وإرهاباً، وأن هذا هو أحد أسباب ارتفاع احتمالات حدوث عمليات إرهابية في ألمانيا.
وللمرة الأولى في تاريخ التقارير الأمنية السنوية يجري التطرق إلى خطورة جماعة «مواطنو الرايخ» اليمينية المتطرفة. وقدّرت دائرة حماية الدستور أعداد المنتمين إلى هذه الجماعة بنحو 12800 يميني متطرف، بينهم نحو 800 شخص من شديدي التطرف والمستعدين لممارسة أعمال العنف التي تخل بأمن الدولة. وكانت التقديرات الأولية لدائرة حماية الدستور تشير إلى 3 آلاف ألماني فقط ينتمون إلى هذه الجماعة المعروف عنها أنها لا تعترف بدولة ألمانيا بحدودها الحالية، وتدعو إلى العودة إلى حدود 1937؛ أي خريطة الحقبة النازية سيئة الصيت. كما يرفض «مواطنو الرايخ» الانصياع للقوانين السائدة ويتملّصون من دفع الضرائب إلى دولة لا يحترمونها، وينظّمون أنفسهم في «طوائف» سرية تشبه في شكلها التنظيمي الـ«كوكلوكس كلان» الأميركية.
وارتفعت في الوقت ذاته الجنايات المختلفة التي يرتكبها اليمينيون المتطرفون؛ إذ جاء في التقرير أن عدد الجنايات المحسوبة على اليمين المتطرف ارتفع من 1400 في سنة 2015 إلى 1600 سنة 2016. كما ارتفع أيضاً عدد اليمينيين المتطرفين الذين يصنّفهم «أمن الدولة» أفراداً مستعدين لممارسة العنف وبلغ 12100؛ أي بزيادة قدرها 300 عن سنة 2015.
وحذّر تقرير دائرة حماية الدستور من ارتفاع لم يسبق له مثيل في أعداد اليساريين المتطرفين والفوضويين، وقدّر عددهم بـ28500، أي بزيادة قدرها 7 في المائة عن سنة 2015. وينظر التقرير بقلق إلى نشاط اليسار المتطرف عشية قمة العشرين التي تبدأ في هامبورغ الجمعة. وقال التقرير: «نرى تطرفاً واضحاً في الجوهر وفي أسلوب الخطابة فيما يتعلق بقضايا اللجوء من المتطرفين من أقصى اليمين». وأضاف أن استخدام مواقع التواصل الاجتماعي زاد بشدة من انتشار هذه المجموعات وتأثيرها. وتابع: «الخطر الذي يمثّله اليمين المتطرف في ألمانيا يظل على مستوى مرتفع».
وواجه الجيش الألماني فضيحة في مايو (أيار) الماضي بعدما اعتقلت الشرطة ضابطاً بعد ظهوره بهوية غير حقيقية على أنه طالب لجوء؛ ربما سعياً إلى تنفيذ هجوم وإلقاء اللوم فيه على المهاجرين. وأثارت القضية عمليات تفتيش في كل ثكنات الجيش الألماني بحثاً عن مناصرين للفكر النازي. وفي مارس (آذار) الماضي قضت محكمة بسجن 4 يمينيين متطرفين لمدد تصل إلى 5 سنوات لتشكيلهم «جماعة إرهابية» لها أغراض تتعلق بالعنصرية ومناهضة السامية والتخطيط لشن هجمات على المهاجرين.



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.