دعوات لبنانية إلى التنسيق مع الأمم المتحدة لـ {عودة آمنة} للاجئين السوريين

الصليب الأحمر اللبناني: حريق هائل اندلع في مخيم تل سرحون

TT

دعوات لبنانية إلى التنسيق مع الأمم المتحدة لـ {عودة آمنة} للاجئين السوريين

يدفع تيار «المستقبل» باتجاه التنسيق مع الأمم المتحدة بهدف تأمين عودة آمنة للاجئين السوريين في لبنان، في مقابل الدعوات التي تصاعدت خلال الأسبوع الماضي للتنسيق مع النظام السوري لإعادتهم إلى بلادهم، على خلفية تفجير خمسة انتحاريين من تنظيم داعش أنفسهم، أثناء حملة مداهمات نفذها الجيش اللبناني في مخيم للاجئين في بلدة عرسال الحدودية مع سوريا في شرق لبنان. فيما عادت ظاهرة حريق المخيمات إلى الواجهة، عندما اندلع حريق هائل، أمس، في مخيم تل سرحون للنازحين السوريين الواقع على طريق دير زنون - رياق - منطقة بر إلياس - البقاع، بحسب ما أعلن الصليب الأحمر اللبناني.
ووسط المخاوف التي تنامت من أن تكون العملية العسكرية تمثل ضغطاً على النازحين للعودة إلى بلادهم، طمأن مصدر أمني إلى أن العملية «غير موجهة ضد النازحين وتهدف لحمايتهم». وأكد المصدر لـ«الشرق الأوسط» أن عملية الجيش في عرسال «موجهة ضدّ إرهابيين كانوا يخططون لعمليات تستهدف أمن لبنان، ولم تكن موجهة ضدّ النازحين إطلاقاً»، مشيراً إلى أن «هذه العملية حمت النازحين، وجنبتهم مسألة تحويلهم إلى رهائن بيد الإرهابيين»، كاشفاً أن «أكثر من 20 موقوفاً اعترفوا صراحة بانتمائهم إلى تنظيمي (داعش) و(جبهة النصر) والتعاون مع الانتحاريين الذين فجروا أنفسهم أثناء محاولة القبض عليهم». وقال: «كل الذين لم تثبت علاقتهم بالانتحاريين تم إطلاق سراحهم بعد انتهاء التحقيقات معهم».
وشدد المصدر الأمني على أن «ما بعد العملية ليس كما قبلها، وكما أن الجيش والأجهزة الأمنية حريصون على عدم تسلل الإرهابيين إلى الداخل، هم معنيون أيضاً بعدم السماح للإرهابيين بالتغلغل داخل المخيمات؛ ما يشكل خطراً على النازحين وعلى الأمن في لبنان»، لافتاً إلى أن «العمل الاستخباراتي بات متقدماً جداً، وهناك تعاون كبير من قبل المدنيين في المخيمات وفي محيطها، خصوصاً أهالي عرسال الذين يؤدون دوراً وطنياً في تزويد الأجهزة بالمعلومات عن تحرّك مشبوه في منطقتهم ومحيطها».
ونبّه المصدر الأمني إلى أن «التهاون في المسائل الأمنية عير مسموح، في ظل وجود نحو مليوني نازح سوري على الأراضي اللبنانية، وفي ظل الحريق المشتعل في المحيط، لذلك فإن الجيش والأجهزة يتعاطون مع المعطيات الأمنية بأعلى درجات الجهوزية والمسؤولية، ويتعاملون مع الوضع وفق مقتضيات الأمن الوطني الذي يبقى فوق كلّ اعتبار».
وحركت العملية الأمنية الدعوات للتنسيق مع النظام السوري، بهدف إعادة اللاجئين، وهو ما يرفضه تيار المستقبل الذي يدفع باتجاه أن يكون التنسيق مع الأمم المتحدة. وقال وزير العمل محمد كبارة لـ«الشرق الأوسط»: «نطالب بأن يكون التنسيق مع الأمم المتحدة المشرفة أساساً على ملف اللاجئين، وهي الجهة الأكثر خبرة ومعرفة بالمناطق الآمنة التي تمثل ضمانات لأمن اللاجئين».
بدوره رأى عضو كتلة «المستقبل» النائب أمين وهبة، في حديث إذاعي، أن «حماية لبنان تتم ببعد أمني أولاً، حيث يواصل الجيش والقوى الأمنية عملياتهم في هذا المجال، وثانياً من خلال العمل بهدوء لتأمين عودة آمنة للنازحين السوريين بالتعاون مع الأمم المتحدة». وقال: «في موازاة الجهد الأمني، على الحكومة العمل مع المجتمع الدولي لتأمين البيئة والظروف السياسية التي تسمح ببداية عودة السوريين إلى المناطق الآمنة في بلدهم».
وتنقسم الأطراف السياسية اللبنانية في مقاربة ملف عودة اللاجئين. ففي حين يدفع «حزب الله» باتجاه التنسيق مع حكومة النظام السوري لإعادتهم، في موازاة تسويات أفضت إلى إعادة 200 شخص منهم إلى بلدة عسال الورد الشهر الماضي، ترفض أطراف أخرى هذه المقاربة، على اعتبار أنها «تمثل نجدة للنظام السوري المتهالك، وليس لنجدة النازح السوري»، بحسب ما قال عضو كتلة القوات اللبنانية النائب فادي كرم. واعتبر أن هذه الدعوة «تحمل في طياتها إعطاء براءة للنظام وإعادته إلى المجتمع الدولي من خلال ملف النازحين، فالنظام هو سبب المشكلة، وهو الذي دفع بالنازحين إلى لبنان، وهذه المشكلة لا تحل مع النظام بل مع المؤسسات الدولية».
وفي المقابل، تشدد كتلة «التنمية والتحرير» التي يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري، على شرط توفير حماية للنازحين في حال عودتهم. وأكد النائب ميشال موسى في حديث إذاعي أنه «لا مانع من التواصل مع الحكومة السورية في ملف النازحين لتأمين عودتهم إلى بلدهم»، وشدد في الوقت عينه «على ضرورة تأمين سلامتهم»، داعيا «إلى فصل الأمور السياسية عما يخدم المصلحة العامة». وقال: «لبنان ملتزم بالقوانين الدولية والأعراف التي تنص على عدم تعريض النازحين إلى الخطر ما يستدعي حكمة في مقاربة هذا الملف».
في غضون ذلك، قال مصدر طبي إن فتاة توفيت جراء حريق في مخيم للاجئين السوريين في سهل البقاع بلبنان خلال ليل الاثنين - الثلاثاء، وهو الحريق الثاني الذي يندلع في مخيم للاجئين السوريين خلال ثلاثة أيام.
وأعلن الصليب الأحمر اللبناني أن حريقاً هائلاً اندلع في مخيم تل سرحون للنازحين السوريين الواقع على طريق «دير زنون - رياق - منطقة بر إلياس - البقاع»، لافتاً إلى أنه «تحركت على الفور 6 سيارات لفرق الإسعاف والطوارئ وفريق لوحدة إدارة الكوارث التابع للصليب الأحمر اللبناني لتقييم الحاجات، إذ إن المخيم كان يضم 100 خيمة تضررت منها نحو 20». وبعد الانتهاء من عملية المسح ونقل الضحايا، بوشرت عمليات الإغاثة. وأكد أن الحريق أدى إلى وفاة طفلة وجرح 14 شخصاً تم إسعافهم في الموقع، و7 حالات حرجة نقل الصليب الأحمر اللبناني 5 منهم إلى مستشفيات المنطقة.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.