لا يستطيع المسافر جوا أن يتجنب الإرهاق والتعب خصوصا في الرحلات الطويلة التي تتخطى عددا من المناطق الزمنية، ولكن بعض الأطعمة والمشروبات يمكنها أن تخفف من حدة الشعور بالتعب والإرهاق وانعدام النوم الناتج من اختلال الدورة الصحية للنوم أثناء رحلات الطيران.
وتساهم بعض الأطعمة في إعادة ضبط ساعة الجسم بحيث يتم التعامل بكفاءة مع متغيرات الليل والنهار. ولا يقتصر تناول هذه الأطعمة على فترة الرحلة ولكن يمكن الإقبال عليها أيضا بعد الوصول إلى جهة السفر.
وينظم الجسم في العادة دورته اليومية وفقا لساعات النهار والليل ولكنه يفقد هذه القدرة وتضطرب ساعته عند عبور مناطق زمنية تمتد معها ساعات النهار أو الليل إلى أطول من 12 ساعة. وعندها تظهر أعراض التعب واضطرابات الهضم وتغير الشهية واضطراب ضغط الدم وانعدام القدرة على النوم وهي جميعا أعراض لما يصطلح على تسميته (Jet Lag).
وأثناء الطيران يمكن أن يفترض المسافر أن بعض القهوة يمكنها أن تساعده على البقاء واعيا، ولكن خبراء التغذية ينصحون بتناول عصير الكريز بدلا من القهوة لأنها تمد الجسم بمادة الميلاتونين التي تساعد الجسم على الاسترخاء والنوم. وفي الأحوال العادية يؤدي تناول هذا العصير أثناء النهار إلى زيادة ساعات النوم بنحو 90 دقيقة يوميا وهو أمر مفيد للجسم.
من المأكولات التي تساهم أيضا في تعميق درجة النوم أثناء السفر تناول فواكه الكيوي التي تفرز هرمون السعادة المسمى سيروتونين والذي يتحول في الجسم إلى ميلاتونين ويساعد على الاسترخاء والنوم أثناء السفر.
تناول البيض أيضا له فوائده حيث يحتوي على فيتامين «ب 12» الذي يوفر الطاقة للجسم وله أيضا دور في تنظيم دورة الساعة الداخلية في الجسم. ويسهم البيض أيضا في مرحلة التحول من النوم إلى الاستيقاظ وينعش الجسم في نهاية الرحلات الجوية.
من بين الوجبات التي يمكن أن تقدم على الطائرة تعتبر السلاطة الخضراء هي الأهم بينها حيث تحتوي على الماغنيسيوم المهدئ للأعصاب والذي قد يسهم في استرخاء الجسم. وتشير معدلات الماغنيسيوم في الخلايا إلى ما يعتري الجسم من تغيرات بين ساعات الليل والنهار ولها بالتأكيد تأثيرات على دورة الاستيقاظ والنوم. وكلما زادت معدلات الماغنيسيوم في الخلايا كانت دورتها اليومية طبيعية. وتسهم في تعزيز نسب الماغنيسيوم في الجسم الأوراق الخضراء في السلاطات.
من ناحية أخرى يشجع استهلاك النشويات على زيادة نسب الأنسولين في الجسم من أجل السيطرة على معدلات السكر في الخلايا. ويؤثر الأنسولين على دورات النوم والاستيقاظ حيث كلما زاد الأنسولين زادت الحاجة إلى النوم وكلما نقص كلما زاد معدل الاستيقاظ. ولذلك فإن تناول وجبة بها نسبة نشويات عالية قبل الوصول يمكنها أن تسهم على تعزيز فترة النوم بعد نهاية رحلة الطيران.
وقد تكون جرعة من الكافيين في القهوة مشجعة على مكافحة التعب أثناء الطيران ولكن المادة في الواقع تثير اضطرابات دورة ساعة الجسم اليومية. ويؤخر الكافيين انتشار الميلاتونين في الجسم لمدة 40 دقيقة على الأقل مما يؤجل فترة الراحة التي يمكن أن يحصل عليها الجسم.
والكافيين أيضا هو من المواد المنبهة ويمكث في الجسم ساعات طويلة بعد تناوله مما يعطل حاجة الجسم إلى الاسترخاء والنوم.
والبديل يمكن أن يكون الشاي الأخضر الذي يسهم في تعزيز دورة يومية صحية ويساعد الجسم على إزالة التوتر.
وفي كل الأحوال لا بد من تجنب الجفاف أثناء السفر، حيث مناخ الطائرات يفتقر إلى الرطوبة. ومع جفاف الجسم يشعر المسافر فورا بالتعب والإرهاق والضعف. ولذلك لا بد من شرب الكثير من الماء قبل وأثناء السفر واستبدال المشروبات الأخرى كافة بعصائر الفواكه والشاي الأخضر.
يجب أيضا تجنب الأطعمة المالحة التي تزيد من الشعور بالعطش.
بعد الوصول يمكن للمسافر أن يشعر بعدم الحاجة إلى النوم. ومع اضطراب الشعور بالجوع أو الشبع يجد نفسه يقوم بتعويض عدم النوم بتناول المزيد من الطعام. وهذا من شأنه أن يعقد المشكلة بدلا من أن يحلها. ولا بد هنا من مراعاة تناول وجبات خفيفة ومتوازنة في العناصر الغذائية. ويمكن إضافة بعض الحبوب والفول السوداني والخبز والجبن واللبن الزبادي.
وفي بعض الأبحاث الحديثة على ظاهرة تعب الطيران اتضح أن دورة النوم والاستيقاظ لا تعتمد فقط على دورة الضوء والظلام وإنما أيضا على وجود الطعام من عدمه. ولذلك فالأمر أيضا يعتمد على موعد تناول الطعام وليس فقط على نسبة الضوء المتاحة.
وأجريت عدة تجارب على مضيفي طيران يعبرون مناطق زمنية بصفة مستمرة أثناء عملهم وتم تقسيمهم إلى قسمين أحدهما يتناول الطعام في أوقات محددة محسوبة سلفا والقسم الآخر يتناول الطعام وقتما شاء. وظهرت أعراض تعب السفر الجوي أكثر على الفئة التي تناولت طعامها في أوقات غير منتظمة. ولذلك ثبت أن الاعتماد على النوم وحده في مكافحة التعب لا يكفي ويجب أيضا تنظيم دورات تناول الطعام.
وفي السبعينات ابتكر عالم التغذية تشارلز إيهرت أسلوبا خاصا لمكافحة ظاهرة التعب بعد رحلات الطيران الطويلة عبر نظام غذائي يعتمد على تناول أطعمة معينة في مواعيد محددة ولمدة ثلاثة أيام قبل السفر. وفي الثمانينات انتشر أسلوبه بين الوحدات العسكرية المسافرة والفنانين والرياضيين وبعض السياسيين أيضا. وانتهى الأمر إلى تأليف كتاب اسمه (Stop Jet Lag) يحتوي على بعض القواعد العامة لتجنب تعب الطيران، أهمها هو التفكير في نظام التغذية قبل الوصول إلى وجهة السفر بنحو 12 ساعة. وفي توقيت الوصول يمكن تناول وجبة خفيفة ثم الاسترخاء.
وأثناء الرحلات الليلية يمكن إغفال وجبة العشاء التي تقدم في منتصف الليل والتركيز على التقاط بعض ساعات النوم، وبعدها يمكن التركيز على تناول وجبة إفطار مغذية بالبروتين. وقد يعني ذلك تناول الإفطار بينما بقية الركاب يستغرقون في نوم عميق.
وفي كل الأحوال سوف يشعر المسافر ببعض التعب في أول أيام الرحلة، سواء كانت رحلة عمل أو رحلة سياحية. ولذلك فمن الحكمة عدم وضع برنامج نشط لهذا اليوم وتخصيص عدة ساعات فيه من أجل النوم أو مجرد الاسترخاء.
ولا ينتهي تعب السفر بعد العودة من الرحلة بل يستمر لمدة يوم أو يومين بعد السفر ولذلك لا بد من تخصيص بعض الوقت للاسترخاء قبل العودة إلى روتين العمل العادي بعد السفر. وفي كل الأحوال لا بد من مراعاة أن حجم وتوقيت الوجبات ونوعية الطعام لها جميعا تأثيرات سلبية وإيجابية على ما يشعر به المسافر أثناء السفر والانتباه إليها قد يجنب المسافر الكثير من المتاعب.
نصائح عامة من أجل سفر بلا إجهاد
لا تكاد تخلو أي رحلة طيران من متاعب تبدأ أحيانا من زحام المطارات أو من إلغاء الرحلات أو تأخيرها وأحيانا فقدان الأمتعة. ولكن أحد أكثر العوامل تأثيرا سلبيا على المسافر هي عدم القدرة على النوم. ويمكن التغلب على بعض متاعب السفر بنصائح عامة يقول الخبراء إنها تأتي بنتائج إيجابية في معظم الأحوال. وأهم هذه النصائح:
- تناول حبوب الميلاتونين التي تباع في الصيدليات وهي تسهم على استرخاء الجسم وتنظيم دورة النوم والاستيقاظ. ويمكن تناول حبات الميلاتونين قبل السفر ولمدة عدة أيام ولكن مع استشارة طبيب إذا كان المسافر يتناول أدوية أخرى.
- استنشاق زيوت اللافندر التي تساعد الجسم على الاسترخاء والنوم. ويلجأ البعض إلى نشر هذه الزيوت في غرف النوم لمزيد من الراحة أثناء النوم. ولذلك فهي مفيدة أثناء رحلات الطيران أيضا. وتكفي قارورة صغيرة من هذه الزيوت لاستخدامها أثناء السفر وأيضا في الفندق بعد الوصول من أجل المساعدة على النوم.
- تناول بعض الحبوب المهدئة أو المنومة أثناء الطيران يمكن أن يساعد الجسم ولكن بشرط الحصول عليها من طبيب بوصفة طبية رسمية. ولا يجب أن يتم تناول أي أدوية منومة مع تناول أدوية أخرى أو من دون استشارة الطبيب كما لا يجب تناول حبوب منومة للمرة الأولى على الطائرة حيث يجب تجربتها في المنزل أولا.
- عند السفر من الغرب إلى الشرق يجب النوم جيدا ليلة السفر والتعرض للشمس في صباح اليوم الأول للوصول. أما السفر غربا والوصول عصرا فلا بد أيضا من البقاء حتى نهاية النهار ثم الاستغراق في النوم وفق توقيت جهة الوصول.
- يجب التعود على روتين وتوقيت جهة الوصول قبل السفر إليها. فالسفر شرقا قد يعني النوم ساعة قبل الموعد الطبيعي لعدة أيام قبل السفر والعكس صحيح بالبقاء مستيقظا لعدة ليال قبل موعد السفر. ويجب تنفيذ هذه التغييرات في ساعات النوم تدريجيا.