واشنطن تستعد لمعركة دير الزور «العاصمة البديلة» لـ«داعش»

TT

واشنطن تستعد لمعركة دير الزور «العاصمة البديلة» لـ«داعش»

بدأت واشنطن استعداداتها لمعركة طرد «داعش» من محافظة دير الزور التي تحولت «عاصمة بديلة» له بعد نقل معظم قياداته من محافظة الرقة المحاصرة من قبل «قوات سوريا الديمقراطية» بدعم من التحالف الدولي بقيادة أميركا.
وتتسابق الولايات المتحدة الأميركية وروسيا إلى دير الزور الغنية بالنفط والغاز؛ الأولى من خلال فصائل «الجيش الحر»، والثانية عبر قوات النظام والميلشيات الموالية له.
وتردد في الأيام الماضية أن قوات التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب تعتزم إنشاء قاعدة عسكرية لمقاتلي «مغاوير الثورة» في منطقة الشدادي الواقعة في محافظة الحسكة القريبة من دير الزور، وكشف قائد «المغاوير» مهند الطلاع أن التحالف اقترح انتقال عدد من عناصره إلى الشدادي استعدادا لمعركة دير الزور؛ «لكن رفضنا المقترح كما طُرح، ولا تزال النقاشات متواصلة لإدخال التعديلات المناسبة عليه». وقال الطلاع لـ«الشرق الأوسط»: «اقترحوا أن نندمج مع القوات الكردية لشن المعركة، إلا أننا أصررنا على أن نبقى فصيلا مستقلا، والفكرة لا تزال قيد البحث»، لافتا إلى أن هناك عددا من المقاتلين في الشدادي يخضعون لتدريبات استعدادا للمعركة.
وكان المستشار السياسي في «الجيش الحر» المعارض في سوريا «أبو يعقوب» أشار إلى أن الهدف من نقل قوات من «المغاوير» إلى الشدادي هو السيطرة على مدينة دير الزور. وقال إن قوات التحالف أبلغت «الجيش الحر» بأنها مستعدة لنقل مائة عنصر من جيش «مغاوير الثورة» بمعداتهم إلى القاعدة الجديدة في محافظة الحسكة، على أن تكون هذه القاعدة العسكرية الثالثة لـ«المغاوير»، التي توجد فيها قوات التحالف أيضا، بعد قاعدتي التنف والزقف، اللتين تبعد كلتاهما عن الأخرى قرابة 70 كلم، على الحدود السورية - العراقية، علما بأن أنباء أفادت بأن واشنطن تخلت عن الزقف عبر تفاهمات مع موسكو.
من جهته، قال مضر حماد الأسعد، المتحدث باسم المجلس الأعلى للعشائر والقبائل السورية، لـ«الشرق الأوسط»، إن التحالف عرض نقل عدد من عناصر «مغاوير الثورة» إلى الشدادي استعدادا لمعركة دير الزور التي يرجح أن تصل إليها قوات من الشمال ومن الجنوب للإطباق على «داعش». وأضاف: «الشدادي تقع شمال دير الزور، فيما التنف تقع جنوب المحافظة، وبالتالي القيام بهجوم من المحورين سيضعف التنظيم تلقائيا». وأوضح الأسعد أن هناك هدفاً آخر لنقل «مغاوير الثورة» إلى الشدادي هو السعي لـ«إفراغها من (قوات سوريا الديمقراطية) وترك إدارة المدينة بيد العناصر العربية عبر (المغاوير)».
ويبدو أن واشنطن أطلقت فعليا دورات تدريبية لعدد من المقاتلين الذين سيخوضون معركة دير الزور، بحسب رامي عبد الرحمن، مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إنه ومنذ نحو الشهر تقريبا بدأت قوات أميركية تدريب أبناء دير الزور الموجودين في تركيا، مستبعدا أن تُخاض المعركة بـ«مغاوير الثورة» وأن يكون هناك اسم جديد للمجموعة التي ستتولى الهجوم. وأشار عبد الرحمن إلى أن واشنطن تسعى لتجنيد ما بين ألفين و3 آلاف مقاتل على أن تكون الشدادي منصة انطلاقهم. وأضاف: «ما يحصل هو مخطط أميركي برضا تركي، لكن حتى الساعة لا شيء نهائي».
وكما هو متوقع، لن يروق المخطط الأميركي الجديد لـ«قوات سوريا الديمقراطية» والقوات الكردية المقاتلة في الشمال السوري التي تسيطر على محافظة الحسكة. وقال مسؤول كردي لـ«الشرق الأوسط»: «نستبعد سيناريو مماثل، خصوصا أن الحديث كان يتركز حول دعم (المغاوير) بعناصر من الأردن ليتولوا المعارك في الجنوب، فما الذي سيأتي بهم إلى الشدادي؟». وأضاف: «لا أعتقد أن هناك أي مجال لمنح القواعد العسكرية الموجودة في الشدادي لغير (قوات سوريا الديمقراطية) التي أثبتت فعالية كبيرة بمواجهة (داعش) في مقابل أداء بسيط للمجموعات الأخرى».
وتتكتم واشنطن حول أماكن تمركز أكثر من 900 من عناصرها في الداخل السوري. لكن كما بات معلوما، فقد أنشأت الولايات المتحدة الأميركية قواعدها العسكرية في الشمال السوري وبالتحديد في منطقة سيطرة حليفتها «وحدات حماية الشعب» الكردية. وأبرز هذه القواعد، قاعدة رميلان الواقعة في أقصى الشمال الشرقي قرب الحدود العراقية، والقاعدة التي تم إنشاؤها في مدينة عين العرب (كوباني). ووفق مصادر كردية، فإن للأميركيين قواعد أخرى؛ إحداها في الحسكة وبالتحديد في الشدادي.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».