الجزائر: إسلاميو «مجتمع السلم» يلملمون شتاتهم

أعلنوا وحدة بعد سنين من الفرقة بسبب إغراءات حكومية

الجزائر: إسلاميو «مجتمع السلم» يلملمون شتاتهم
TT

الجزائر: إسلاميو «مجتمع السلم» يلملمون شتاتهم

الجزائر: إسلاميو «مجتمع السلم» يلملمون شتاتهم

أعلن عبد المجيد مناصرة، وزير الصناعة الجزائرية سابقاً، أمس، عن حل الحزب الذي يرأسه «جبهة التغيير»، وانصهاره في الحزب الإسلامي المعارض الكبير «حركة مجتمع السلم».
وكان مناصرة قياديّاً في «مجتمع السلم»، لكنه غادره منذ سنوات بسبب خلافات عميقة مع رئيسه السابق وزير الدولة أبو جرة سلطاني.
وتم الإعلان عن «حل جبهة التغيير من أجل الوحدة مع حركة مجتمع السلم» بفندق داخل العاصمة، وذلك بحضور مناصرة ورئيس «السلم» عبد الرزاق مقري، وعدد كبير من قياديي الحزبين وشخصيات من التيار الإسلامي.
وسبقت «الوحدة الإسلامية» مساعٍ حثيثة بين الحزبين للتقريب بين مسؤوليهما ومناضليهما، الذين اختلفوا قبل 5 سنوات بسبب صراع داخلي حول توجهات الحزب. وكان هؤلاء يشكلون خلال فترة الصراع كتلة واحدة في حزب «مجتمع السلم»، لكن فرقتهم المصالح الشخصية وإغراءات السلطة التي تمثلت في عروض لتولي مسؤوليات حكومية كبيرة.
وصرح مناصرة أثناء الحفل بأن «الوحدة تمت بفضل جهود أشخاص خيرين، يحدوهم في ذلك الحفاظ على إرث الشيخ الراحل محفوظ نحناح»، مؤسس «حركة المجتمع الإسلامي» عام 1989، التي تحولت إلى «حركة مجتمع السلم» عام 1996، تماشياً مع دستور صدر في العام ذاته يمنع تأسيس أحزاب على أساسي ديني». وبعد وفاة نحناح عام 2003 نشب خلاف بين خليفته في القيادة أبو جرة سلطاني ومناصرة، وكان السبب المباشر لهذا الخلاف موافقة سلطاني على عرض بوتفليقة تولي وزارة، حيث عارض مناصرة ذلك من موقعه نائب رئيس الحزب، بذريعة أن القائد الأول في الحزب ينبغي أن يترفع عن المسؤوليات الحكومية أسوة بنحناح.
وخرج مناصرة من «البيت الكبير»، ومعه قياديون كبار أمثال وزير السياحة سابقاً عبد القادر بن قرينة وسليمان شنين، وأحمد الدان وشريف سالم، والشيخ مهدي رفيق درب نحناح، وأسس هؤلاء حزباً جديداً هو «جبهة التغيير». غير أنهم اختلفوا بعد فترة قصيرة، وأطلق بعضهم حزباً جديداً سموه «حركة البناء الوطني»، فيما بقي مناصرة رئيساً لـ«التغيير»، وعاب عليه رفاقه السابقون «الانفراد بالرأي»، ما كان سبباً في رحيلهم إلى أفق حزبي جديد.
وخرج من عباءة «مجتمع السلم» في الفترة ذاتها (2012) حزب آخر هو «تجمع أمل الجزائر»، أسَّسَه وزير الأشغال العمومية عمر غول، ومعه عدة قياديين. وترأس غول لائحة مرشحي «السلم» بالعاصمة في انتخابات البرلمان لعام 2012، وفاز بـ13 مقعداً. غير أنه طلق حزبه الذي استوزر باسمه، مما أثار شرخاً بين برلمانيين حافظوا على ولائهم لـ«مجتمع السلم»، وآخرين أصبحوا تابعين لغول الذي أعلن انخراطه مع «الكتلة الحزبية»، التي تدعم سياسات الرئيس بوتفليقة، وتتمثل في «جبهة التحرير الوطني»، و«التجمع الوطني الديمقراطي».
وعلى الرغم من أن مساعي الوحدة بدأت عندما كان سلطاني لا يزال رئيساً لـ«مجتمع السلم»، فإنها لم تُكلَّل بالنجاح. وعرفت خطوات سريعة منذ وصول مقري إلى القيادة في مؤتمر جرى عام 2012. وكان الحزب قبل هذا العام مشاركاً في ائتلاف حكومي، ثم أعلن طلاقه مع الرئيس وسحب وزراءه من الحكومة في سياق «ثورات الربيع العربي»، لكن وزيري التجارة مصطفى بن بادة والأشغال العمومية عمر غول رفضا مغادرة الطاقم الحكومي. وبقي بن بادة مناضلاً بسيطاً في حزبه بعد إقصائه من «مجلس الشورى»، في حين أسس غول حزبه.
وكادت مساع الوحدة تتعثر في مايو (أيار) الماضي، إثر خلاف في الموقف حيال طلب رسمي تلقاه مقري من رئاسة الجمهورية، يتعلق بعودة «مجتمع السلم» إلى الحكومة، حيث رحب مناصرة بالعرض، فيما رفضه مقري بحجة أن حزبه «لا يريد أن يتحمل جزءاً من مسؤولية فشل حكومات بوتفليقة في تسيير الشأن العام». وفي النهاية صرح مناصرة بأنه تخلى عن رأيه «من أجل الوحدة».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.