معركة «رئاسية» في الشمال بين فرنجية وباسيل... وتقارب بين «القوات» و«المردة»

خلط أوراق وتحالفات قبل الانتخابات البرلمانية اللبنانية

جبران باسيل ..... سليمان فرنجية
جبران باسيل ..... سليمان فرنجية
TT

معركة «رئاسية» في الشمال بين فرنجية وباسيل... وتقارب بين «القوات» و«المردة»

جبران باسيل ..... سليمان فرنجية
جبران باسيل ..... سليمان فرنجية

تنطلق من بوابة معركة رئاسة الجمهورية المقبلة التحالفات السياسية في الانتخابات النيابية اللبنانية شمالا حيث سيكون خلط الأوراق سيّد الموقف بين أبرز الأحزاب المسيحية في هذه المنطقة.
وفي حين يبدو الصراع شرسا بين الحلفاء السابقين «التيار الوطني الحر» و«تيار المردة»، يحمل «حزب القوات اللبنانية» راية الانفتاح مع «خصمه التاريخي» (المردة) من دون أن يقفل الباب أمام حليفه الحالي (الوطني الحر) مع إبقاء المصلحة الحزبية والسياسية فوق كل اعتبار.
من هنا، سيكون «القوات» بيضة القبان التي ستحسم المعركة في الشمال وتحديدا في دائرة «بشري – زغرتا – البترون – الكورة» بين رئيسي «المردة» و«الوطني الحر»، الطامحين للرئاسة، بحيث إن هدف كل منهما كسر الآخر، ليقطع الطريق أمامه إلى قصر بعبدا. مع العلم أن معركة وزير الخارجية جبران باسيل الذي خسر الانتخابات النيابية السابقة في دائرة البترون، لن تكون سهلة خاصة إذا حسم القرار بتحالف «المردة» و«القوات»، وهو الذي لم يخف استياءه من التقارب بين الحزبين الخصمين والذي كان آخره الزيارة التي قام بها وزير الصحة غسان حاصباني إلى دارة فرنجبة يوم أول من أمس، بحسب مصادر متابعة لـ«الشرق الأوسط». لكن في المقابل، لا يرى النائب في «الوطني الحر»، آلان عون، أن التقارب بين «المردة» و«القوات» يستهدف «التيار» الذي يملك الحيثية الكافية لخوض الانتخابات بالتحالف مع قوى أخرى أو منفردا في معظم الدوائر اللبنانية وبينها هذه الدائرة الشمالية.
وفي هذا الإطار، قال مصدر في القوات لـ«الشرق الأوسط» صفحة الماضي مع «المردة طويت» والتقارب يأتي ضمن مسار التعاون بين «القوات» و«المردة» الذي كان بدأ سابقا تقنيا ومناطقيا عبر لجان مشتركة لا سيما في منطقة زغرتا، وتوطّد أكثر من التعاون والانفتاح داخل المؤسسات وضمن الحكومة الواحدة وليس مستبعدا أن تنسحب أيضا على التحالفات الانتخابية إنما الحسم في هذا الأمر يبقى سابقا لأوانه.

تحالف بعد خصومة
مع العلم، أن الخصومة السياسية بين فرنجية و«رئيس القوات» سمير جعجع تنطلق من الحرب الأهلية وتحديدا اتهام «المردة» جعجع بالمشاركة في مجزرة إهدن عام 1978 التي أودت بحياة والد فرنجية ووالدته وشقيقته، رغم أنهما التقيا مرات عدّة كان آخرها في اللقاء التشاوري الذي دعا إليه الرئيس عون قبل أسبوعين.
وبانتظار توضيح صورة خريطة الانتخابات، يمكن القول: إن هناك ثلاثة احتمالات للتحالفات في هذه الدائرة حيث الصراع مفتوح بين باسيل وفرنجية، وهي إما «الوطني الحر مع القوات» أو «القوات مع المردة» أو أن يختار كل حزب أن خوض المعركة منفردا بالتحالف مع قوى وشخصيات سياسية في المنطقة.
وهنا ترى المصادر «القواتية» أن التحالف الانتخابي مع «المردة» ليس مستحيلا، مع تأكيدها على أن رسالة «القوات» في هذه المرحلة هي الانفتاح على الجميع عبر وضع الخلافات جانبا مع الاحتفاظ بالخيارات الاستراتيجية وإعطاء الأولوية للمصلحة العامة بما يتناسب مع أهداف هذا العهد الذي أسقط اصطفافات «قوى 14 و8 آذار».
من جهته، يشير النائب عن تيار المردة، سليم كرم لـ«الشرق الأوسط» إلى أن هناك تقاربا إيجابيا مع «القوات» لكن لا يمكن اليوم الحديث عن تحالفات انتخابية، مؤكدا في الوقت عينه، «في السياسة لا عداوة دائمة ولا صداقة دائمة وبالتالي لا يوجد شيء مستحيل في التحالفات الانتخابية».
في المقابل، يرى النائب الآن عون لـ«الشرق الأوسط» أنه «من المبكر الحديث عن تحالفات انتخابية ونحن لا نزال ندرس هذه الخيارات ولم نبدأ لغاية الآن بالتواصل مع الأحزاب، الحلفاء منهم والخصوم، وبالتالي لا يوجد شيء مستحيل في هذه الدائرة التي لا ينحصر الحضور فيها على الأحزاب الثلاث فقط»، مضيفا: «وبالتالي يمكن أن نلتقي مع حليفنا (القوات) أو حتى مع (المردة) الذي لا ننكر أن العلاقة معه بحاجة إلى ترميم قبل الحديث عن تعاون انتخابي أو مع قوى أخرى كما قد يكون القرار هو خوض المعركة بشكل منفرد».
وفي حين توصف «معركة الشمال» بين فرنجية وباسيل بـ«المعركة الرئاسية» ترى «القوات» نفسها خارج هذه المعادلة بحسب المصادر القواتية، «مع التأكيد على أن هدفها هو تعزيز حضورها داخل السلطة عبر الحصول على أكبر (كتلة قواتية)» في البرلمان حيث تتمثل اليوم بثمانية نواب أربعة منهم في دائرة «بشري – زغرتا - الكورة - البترون»، وهي أبرز المعارك المرتقبة بين الأحزاب المسيحية والتي يشكل فيها الناخبون المسيحيون نسبة نحو 90 في المائة.
ولا تنفي المصادر أن زيارة حاصباني إلى بنشعي كانت «رسالة انتخابية» قابلها «رسالة مماثلة»، مؤكدة أن «القوات» لا تضع أي «فيتو» على أي طرف ومستعدة للانفتاح على الجميع، وتعرف في الوقت عينه حجمها وقوتها الانتخابية التي منعت خلالها من إيقاف التسونامي العوني في الشمال. وتضيف: «في الشمال هدفنا المحافظة على تمثيلنا السياسي وعلى عدد النواب الأربعة وهو الهدف الذي يعمل عليه فرنجية، بثلاثة نواب، في حين أن معركة التيار الوطني الأساسية اليوم تتمثل بوصول باسيل إلى البرلمان إضافة طبعا إلى التمثيل النيابي».
من جهته، وصف حاصباني اللقاء مع فرنجية بـ«الإيجابي»، وقال في حديث إذاعي أمس: «القواعد مشتركة وكذلك المساحة، ما يفتح الطريق لاستعادة الحيوية والدينامية بالعلاقة الدائمة التي مرّت بصعوبات بحسب الظروف التي يمرّ بها لبنان».
وعن التحالفات الانتخابية، أكد أن «اليد ممدودة لكل مَن هو مؤمن بثوابت (القوات) للنهوض بالبلد، ولا أعتقد أن المرحلة الحالية تحتّم أي تموضع في اللوائح».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».