«داعش»... نقل نشاطه إلى الفلبين

أمام خلفية الخزان البشري... وإشكاليات التنوع والاختلاف والتشدد

«داعش»... نقل نشاطه إلى الفلبين
TT

«داعش»... نقل نشاطه إلى الفلبين

«داعش»... نقل نشاطه إلى الفلبين

أعلنت السلطات العراقية خلال الأسبوع تحرير مدينة الموصل من احتلال تنظيم داعش المتشدد، وذلك في الذكرى السنوية لسقوطها تحت احتلاله، وإعلانه فيها «دويلته» المزعومة. ولكن، بينما مُني التنظيم بنكسة كبرى في شمال العراق، وبات يواجه انحساراً كبيراً في مناطق سيطرته على الأراضي السورية، ولا سيما، معقله مدينة الرّقة، فإن امتداداته و«ذئابه المنفردة» ما زالت ناشطة في أنحاء العالم الأخرى. وبعد سلسلة الهجمات الإرهابية في عدد من المدن الأوروبية، يخوض مسلحو «داعش» معارك شرسة في جزيرة مينداناو، ثاني كبرى مدن الفلبين.
يبدو أن العالم على موعد مع فصل جديد من فصول «داعش»، في موقع وموضع آخر بعيد عن الشرق الأوسط والعالم العربي. فخلال الأيام القليلة المنصرمة نجح مسلّحو التنظيم المتشدد في الاستيلاء على مدينة ماراوي في الجزيرة الكبيرة الواقع في جنوب أرخبيل الفلبين. وللعلم، توفر هذه المنطقة مزايا كثيرة له ولمسلحيه. ذلك أنها من جهة تعدّ ملاذاً آمناً من الناحية الجغرافية بسبب قربها من دول آسيوية إسلامية كبرى، ومن جهة ثانية تقدّم الفلبين وما يجاورها من إندونيسيا وماليزيا نقطة جذب لخزان بشري حيث أكبر وجود إسلامي في شرق آسيا.
للوهلة الأولى يدرك الناظر للمشهد أن مخططات «داعش» الخاصة بالانتقال إلى جنوب آسيا وشرقها إنما جاءت كردات فعل بعد تعاظم الخسائر الميدانية التي لحقت بالتنظيم في الشرق الأوسط على أكثر من صعيد. وكما سبقت الإشارة أعلاه، بدأ في العراق العد التنازلي للقضاء على «داعش» في أعقاب طرده من قلب «المدينة القديمة» في الموصل، كما أن وضعه في سوريا ما عاد وضعه مريحاً مع اقتراب ما يتوقع أن يكون «معركة حسم» في الرّقة، بتعاون دولي ومشاركة أميركية بنوع خاص. أيضاً، في ليبيا وشمال أفريقيا يبدو التضييق على الميليشيات الداعشية سيد الموقف.
بناءً عليه بات البحث عن ميادين «لوجيستية» جديدة تزخم وتدعم الحضور الداعشي، هو ما يشغل الدواعش لنقل أساليبهم الوحشية إليها. وهنا، يتبادر إلى الأذهان السؤال: لماذا اختار القائمون على التنظيم جنوب شرقي آسيا، تحديداً، لانطلاقتهم الإرهابية الجديدة، ولم يختاروا أوروبا أو أفريقيا أو أي بقعة جغرافية أخرى حول العالم؟

الخزان الآسيوي البشري
في تقرير لها نشر أخيراً، ذكّرت صحيفة «الفاينانشيال تايمز» البريطانية بأن قارة آسيا تضم من المسلمين أكثر مما في العالم العربي. وعلى سبيل المثال فيها إندونيسيا، كبرى دول جنوب شرقي آسيا من حيث عدد السكان، إذ يقطنها أكبر من 250 مليون نسمة غالبيتهم العظمى مسلمون، وهي أيضاً أكبر بلد إسلامي في العالم من حيث عدد السكان.
على صعيد آخر، فإن غالبية دول جنوب شرقي آسيا تعاني من حالة تراخٍ أمني كبير، ربما لأنها لم تعهد مثل هذا النوع من الإرهاب الداعشي على مرّ تاريخها. ولهذا كان وما زال من اليسير على الدواعش استجلاب المزيد من العناصر الجديدة المتطرفة وتجنيدها لصالح التنظيم، وبالذات، من إندونيسيا.
والمؤكد أيضاً أن المنطقة الجغرافية التي نحن بصدد الحديث عنها تعد ذات أهمية استراتيجية كبرى للمصالح الاقتصادية الغربية. ووفق العقيدة الفكرية والقتالية لـ«داعش»، تعد هذه المصالح أهدافاً يسيرة في الوصول إليها وتحقق لـ«داعش» عوائد أدبية ومالية معاً.
ولعل «داعش» تدرك أن تلك المنطقة من آسيا، لا سيما، الفلبين تعاني من إشكاليات صراع هويات تاريخية وثقافية استغرقت أجيالاً كثيرة، مما يجعل اللعب على المتناقضات فيها أمراً سهلاً. وهذا ينطبق - تحديداً - على جزيرة مينداناو، كبرى جزر جنوب البلاد، التي شهدت تمرداً مسلحاً في الشهر الماضي. وهذا ما حدا بالرئيس الفلبيني المثير للجدل رودريغو دوتيرتي لاعتبار الأمر «تمرداً داعشياً بحتاً»، حسب تعبيره، لافتاً إلى أنه حذّر منذ وقت طويل، من قرب وصول «داعش» إلى بلاده.
أمر آخر يجعل من جنوب شرقي آسيا محل جذب لـ«داعش» هو سهولة التمويل عبر الحصول على أوال تجارة المخدرات. ومثلما موّلت «داعش» عملياتها في العراق وسوريا من النفط المهرّب وبيع الآثار، فإن تهريب المخدرات في جنوب شرقي آسيا يُعد الطريق الأيسر للتمويل. وثمة جهات غربية تتهم الشقيقين عبد الله وعمر ماوتي، اللذين تحمل اسمهما «جماعة ماوتي» (أو «دولة لاناو الإسلامية») التي بايعت «داعش»، بالتورط في هذه التجارة.
غير أن ما تقدم ما كان ليدعم نشوء وارتقاء «داعش» في جنوب شرقي آسيا عموماً، والفلبين بصفة خاصة، لو لم تكن هناك جذور فكرية متشددة هيأت تربة مناسبة تتقبل مثل هذا التشدد الذي تحول إلى التوحش في مرحلة لاحقة.

عن الأصولية في الفلبين
ما يتوفر من معلومات يشير إلى أن إشكالية التشدد في الفلبين - بوجهيه الإسلامي والمسيحي - لديها اتجاهان تاريخيان. ذلك أن الأزمة هناك قائمة بين الغالبية المسيحية الكاثوليكية والأقلية المسلمة منذ الاحتلالين الإسباني والأميركي للأرخبيل الفلبيني، وهما احتلالان أنهيا هناك حكم السلطنة الإسلامية، وأجبرا شعب المورو على الاندماج في الجمهورية الفلبينية الحديثة. والمورو مجموعة عرقية ودينية مسلمة تعيش في جنوب الفلبين، وعرفوا عالمياً في مسرح السياسة في أعقاب تأسيس أطلق عليه «جبهة تحرير مورو الإسلامية». وهو ما يعني أن الصراعات العرقية والدينية كانت حاضرة في الأصل، ولاحقاً أَضحت حاضنة جاهزة للصدام.
أما الاتجاه الآخر فتبدو إشكاليته أكبر من مجرد الخلاف والاختلاف بين الغالبية والأقلية وصراعاتهما. إذ تلقى عدد من قادة جبهة مورو الإسلامية علومهم الدينية في الأزهر الشريف خلال ستينات القرن المنصرم. وفيما بعد تأثر عدد منهم بأفكار وآراء أبو الأعلى المودودي، ثم سيد قطب، وبخاصة كتابه الأشهر «معالم على الطريق»، الذي غلبت عليه فكرة «الحاكمية» بالمعنى المعروف «ما الحكم إلا لله». وبالتالي، فإن كل الأنظمة الحاكمة الحالية «أنظمة كافرة «يتوجب إسقاطها ومحاربتها».
ولم تتوقف أرضية التشدّد في الفلبين عند هذا الحد. بل كانت الحرب الدائرة في أفغانستان خلال ثمانينات القرن المنصرم، منطلقاً آيديولوجياً لتأثر البعض هناك بأفكار أكثر تشدداً، واحتكوا هناك بجماعات خرج منها تنظيم القاعدة وجماعة طالبان. ومن ثم، بعد عودتهم إلى الفلبين غدت «خارطة التشدد» والتشدد المضاد أكثر حدة، مع العلم أن التنظيمات المتشددة تعرّضت للانشقاقات عدة مرات.

جماعة «أبو سياف»
كانت بداية التوجّه العملياتي المسلح في الفلبين على يد جماعة «أبو سياف» المتشددة التي انشقت عن «جبهة مورو للتحرير الوطني» عام 1991. ولقد أسس هذه الجماعة عبد الرزاق جنجلاني، المشهور بكنيته «أبو سياف»، وبعدما قتل عام 1998، تولى أخوه الأصغر قذّافي جنجلاني قيادة الجماعة بعده، غير أنها تفتتت في عهده إلى زمر متفرقة.
الخبراء يقدّرون تعداد جماعة «أبو سياف» ببضعة آلاف، ولا تختلف آليات أفرادها كثيراً عن آليات عمل «داعش»، بما في ذلك الاغتيال والخطف وابتزاز الشركات ورجال الأعمال الأثرياء في البلاد. ويضاف إلى ذلك، الإغارة على الجزر القريبة، واستهداف الأجانب، وخصوصا من الأوروبيين والأميركيين. ولقد نسب إلى الجماعة كثير من عمليات الخطف والهجمات بالقنابل التي وقعت عام 1998.

مبايعو «داعش»
مما تقدم، نلحظ أن فكر تنظيم «القاعدة» التي تبلوَر لاحقاً في العراق والشام فتحول إلى «داعش» كان حاضراً وبقوة في مدينة ماراوي، بجزيرة مينداناو الفلبينية. أكثر من ذلك، كان «أبو سياف» يسعى فعلياً إلى تأسيس «دولة إسلامية» في غرب الجزيرة (التي تعد ثاني كبرى جزر الفلبين بعد جزيرة لوزون التي تقع فيها العاصمة مانيلا، في شمال البلاد). وعلى هذا الأساس فإن تبني «داعش» فكرة «دولة الخلافة» كان لا بد أن يلقى صدى طيباً، وترحيباً كبيراً من الجماعات الفلبينية المتشددة.
في مقدمة تلك الجماعات «جماعة ماوتي» («دولة لاناو الإسلامية») وهي مجموعة منشقة من «جبهة مورو الإسلامية» وتضم عدة مئات من المقاتلين المتشددين، ثم تبعها تنظيم «أبو سياف» نفسه، بدليل مشاهدة أحد قادته السابقين إيسنيلون هابيلون في ماراوي أخيراً. ووفق التقارير فإن هابيلون مصنف في الولايات المتحدة كقيادي إرهابي ولقد وضعت واشنطن مكافأة مالية هائلة لمن يرشد عنه عليه، في أعقاب اتهامه بارتكاب جرائم قتل واغتيال، وكان من بين ضحاياه أميركيون.
عطفاً على ما سبق، ظهر تسجيل مصور من جزيرة مينداناو يظهر فيه عدد من قادة الإرهاب المحليين في المنطقة، يقدمون فروض الولاء والبيعة لزعيم داعش «أبو بكر البغدادي»، ويتردد أن عددها أربع جماعات. ولهذا فإن «داعش» روّج أخيراً لتقارير عن نشاطات زعم أنها للجماعات التابعة له في الفلبين، ويزعم «داعش» أن قواته هناك تضم عشر كتائب، وأن مسلحيه قتلوا نحو 300 جندي فلبيني منذ بداية المواجهات.

أزمة لإندونيسيا وماليزيا
تدفق المعلومات من الفلبين للعالم الخارجي ما زال في بداياته، لكن حتى تلك البدايات تقودنا إلى القول بأن «معركة ماراوي» أثبتت أن الفلبين باتت مكان جذب للراغبين في الانضمام إلى «داعش». ولقد ذكرت وزارة الدفاع الإندونيسية أن نحو 12 ألف مقاتل أجنبي ينشطون اليوم على الأراضي الفلبينية، ومن بينهم عشرات من الإندونيسيين. وتجدر الإشارة إلى أن المسافة الفاصلة بين ماراوي، ومناطق شمال أرخبيل إندونيسيا تقطع في خمس ساعات فقط. ولذا أفاد مصدر إندونيسي من قطاع مكافحة الإرهاب وكالة «رويترز» للأنباء أن السلطات الإندونيسية شدّدت المراقبة على المناطق الشمالية من جزيرتي كاليمانتان (بورنيو) وسولاويسي (سليبيز) لمنع توجه مقاتلين محتملين من السفر بحراً إلى جنوب الفلبين.
ولا يتوقف المشهد مع إندونيسيا، بل يتجاوزها إلى «جارتها» ماليزيا، التي هي أيضاً «جارة» الفلبين. إذ حدد رئيس وحدة مكافحة الإرهاب في الشرطة الماليزية أيوب خان أسماء عدد من الماليزيين، سافروا بالفعل إلى جزيرة مينداناو الفلبينية (التي تعادل مساحتها مساحة كوريا الجنوبية ويسكنها 21 مليون نسمة) وهدفهم الانضمام إلى المقاتلين المتشددين هناك. وأوضح أن بين هؤلاء محمود أحمد، المحاضر الجامعي الماليزي، الذي يُقال أنه من المتوقع أنه يتولى قيادة التنظيم في جنوب الفلبين إذا ما قتل هابيلون.
في هذه الأثناء، أشار اللفتانت كولونيل جو هيريرا، الناطق باسم الجيش الفلبيني، إلى أن كثيرين من المقاتلين المتشددين الأجانب جاءوا إلى ماراوي تحت ستار مهرجان إسلامي عقد في المدينة الشهر الماضي. وأحضر هابيلون معه عدة مئات، في حين أحضرت جماعتان أخريان هما «جماعة مقاتلي بانجسا مورو الإسلاميين من أجل الحرية»، وجماعة «أنصار الخلافة» في الفلبين المئات من جانب آخر.
وبالتالي، قد يصدق ما ورد على لسان مسؤول في جهاز الاستخبارات المركزية الأميركي (سي آي إيه)، حين ذكر أن فرع «داعش» في جنوب الفلبين، قد دعا أتباعه للإحجام عن الذهاب إلى سوريا، وأنه بدأ يستقطب عناصر من مناطق أخرى، فيما يبدو أن ثمة خطة جديدة للتنظيم لبناء شبكة جديدة له في جنوب شرقي آسيا، وتحديداً في جنوب الفلبين. ويعتقد على نطاق واسع، داعش يسعى الآن لزرع أتباعه في المناطق التي لا تخضع لسيطرة الحكومات المركزية.
من جانبه، يقول جوزيف شينونغ ليو، خبير الحركات «المتشددة الإسلامية» في جنوب شرقي آسيا، أن «داعش» ومؤيديه في جنوب شرقي آسيا يستخدمون الآن شبكات التواصل الاجتماعي بشكل متطور من أجل بث رسائله وتجنيد مقاتلين من المدارس الإسلامية في ماليزيا.

انتفاضة آسيوية
في أي حال، تخشى الدول الآسيوية من أن يضرب فيروس التشدد الإرهابي القاتل أنسجتها الاجتماعية المتماسكة، وتخاف من أن يؤدي الإرهاب إلى وقف نموها وازدهارها الاقتصادي الذي أدركته بعد عدة عقود خلت.
أيضاً، تدرك دول المنطقة أن «داعش» يعمل لجعل الهجمات الانتحارية «عملة» المنطقة وديدنها، إذ كشفت تايلاند عن معلومات استخباراتية أميركية تفيد باعتزام مقاتلين تابعين لـ«داعش» شن عمليات انتحارية في مناطق حيوية من البلاد، أما صحيفة «إل موندو» الإسبانية فأشارت خلال الأسبوع الماضي إلى أن خبراء أمنيين في سنغافورة حذّروا بقوة من الدمار الذي يمكن أن يجلبه «داعش» إذا تمكن من البقاء والنماء في الفلبين.
هل تحركت دول الجوار والدول الكبرى، بالفعل، كي لا تتكرر أزمة الشرق الأوسط مع «داعش»؟
يبدو أن الجواب إيجابي. فلقد أعربت روسيا عن استعدادها لاتخاذ ما ينبغي من إجراءات لمساعدة السلطات الفلبينية في مانيلا في حربها ضد «داعش»، بما في ذلك إرسال مستشارين عسكريين وآليات ومعدات عسكرية. وقد تجد موسكو في المشهد فرصة تاريخية لاقتسام النفوذ مع الولايات المتحدة، الحليف المتقدم للفلبين تاريخياً.
ثم تأتي الصين بعد روسيا في إدراكها خطورة انتشار «داعش» في آسيا، فهي تعرف أن الإيغوريين الترك قد تسربت منهم أعداد كبيرة إلى الشرق الأوسط، وعليه فإن «ولاية» لـ«داعش» في وسط آسيا ستكون مسألة قاتلة بالنسبة لبكين. ولذا أعلنت القيادة تأييدها عمليات الجيش الفلبيني ضد «داعش».
وطبعاً، لم تتغيب الولايات المتحدة عن المشهد، إذ أعلنت السفارة الأميركية في مانيلا أن قوات أميركية خاصة تساعد الجيش الفلبيني في عملياته المستمرة في ماراوي. والمثير هنا أن الصين، العدو التقليدي لأميركا في آسيا، رحبت بهذا التدخل «طالما أنه جاء على أساس رغبة الحكومة الفلبينية».
أما إندونيسيا وماليزيا، الدولتان المسلمتان الكبيرتان في المنطقة، فقد أعلنتا أنهما بصدد إطلاق دوريات جوية مشتركة هذا الشهر على حدودهما المشتركة في بحر سولو (غربي مينداناو وشمال بورنيو) بالإضافة للدوريات البحرية الحالية. وحثت السلطات في عموم المنطقة على تعزيز التعاون بين الدول لمكافحة تبعات المعركة المستعرة مع المتشددين الدواعش في جنوب الفلبين، في تحذير جدّي من أن التنظيم يؤسس قاعدة له في جنوب شرقي آسيا.

تأخر رد فعل واشنطن
في الأيام القليلة الماضية كان وزير الدفاع الأميركي الجنرال جيمس ماتيس يتحدث أمام الكونغرس، ووسط ذهول الأعضاء تحدث عن إلغاء إدارة الرئيس السابق باراك أوباما عملية عسكرية أميركية طويلة الأمد لمساعدة القوات الفلبينية على احتواء خطر المتشددين قبل ثلاث سنوات. وفيما بدا تغيراً في توجه واشنطن إزاء انتشار «داعش» في آسيا، أضاف ماتيس: «يجب أن نعمل معاً لمنع هذا التهديد من النمو».
ولكن، في تقرير أخير صادر عن الاستخبارات الكندية، ثمة خلاصة غاية في الأهمية مؤداها أن «داعش» بأنماطه الجديدة لا ينمو إلا داخل بيئات تمزقها الخلافات العرقية والدينية، ما يسمح باستغلال الظروف الأمنية المتردية والمتعلقة بانتشار الميليشيات في البيئات المنقسمة على ذاتها «هوياتياً»، إن جاز التعبير. ولهذا، سيشكل الإرهابيون والمتشددون الدواعش تهديداً أمنياً لسنوات كثيرة قادمة.
من هنا يفهم الزحف الداعشي على مناطق فلبينية موبوءة بمثل تلك الثقافات العرقية والدينية المتعادية. ومن ثم، حتى إذا نجحت القوى الآسيوية الكبرى المحيطة بالفلبين في التعاطي عسكرياً مع إرهاب «داعش» فإن الإشكالية الداعشية لن تتبخر وتتلاشى. وهو ما يعزز الحاجة إلى تأطير فكري يجابه انتشار أفكارها عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتكنولوجيا الاتصالات الحديثة.



لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)
جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)
TT

لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)
جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)

يواجه لبنان جملة من التحديات السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية، خصوصاً في مرحلة التحوّلات الكبرى التي تشهدها المنطقة وترخي بثقلها على واقعه الصعب والمعقّد. ولا شك أن أهم هذه التحوّلات سقوط نظام بشّار الأسد في سوريا، وتراجع النفوذ الإيراني الذي كان له الأثر المباشر في الأزمات التي عاشها لبنان خلال السنوات الأخيرة، وهذا فضلاً عن تداعيات الحرب الإسرائيلية وآثارها التدميرية الناشئة عن «جبهة إسناد» لم تخفف من مأساة غزّة والشعب الفلسطيني من جهة، ولم تجنّب لبنان ويلات الخراب من جهة ثانية.

إذا كانت الحرب الإسرائيلية على لبنان قد انتهت إلى اتفاق لوقف إطلاق النار برعاية دولية، وإشراف أميركي ـ فرنسي على تطبيق القرار 1701، فإن مشهد ما بعد رحيل الأسد وحلول سلطة بديلة لم يتكوّن بعد.

وربما سيحتاج الأمر إلى بضعة أشهر لتلمُّس التحدّيات الكبرى، التي تبدأ بالتحدّيات السياسية والتي من المفترض أن تشكّل أولوية لدى أي سلطة جديدة في لبنان. وهنا يرى النائب السابق فارس سُعَيد، رئيس «لقاء سيّدة الجبل»، أنه «مع انهيار الوضعية الإيرانية في لبنان وتراجع وظيفة (حزب الله) الإقليمية والسقوط المدوّي لحكم البعث في دمشق، وهذا إضافة إلى الشغور في رئاسة الجمهورية، يبقى التحدّي الأول في لبنان هو ملء ثغرات الدولة من أجل استقامة المؤسسات الدستورية».

وأردف سُعَيد، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنه «بعكس الحال في سوريا، يوجد في لبنان نصّ مرجعي اسمه الدستور اللبناني ووثيقة الوفاق الوطني، وهذا الدستور يجب أن يحترم بما يؤمّن بناء الدولة والانتقال من مرحلة إلى أخرى».

الدستور أولاً

الواقع أنه لا يمكن لمعطيات علاقة متداخلة بين لبنان وسوريا طالت لأكثر من 5 عقود، و«وصاية دمشق» على بيروت ما بين عامَي 1976 و2005 - وصفها بعض معارضي سوريا بـ«الاحتلال» - أن تتبدّل بين ليلة وضحايا على غرار التبدّل المفاجئ والصادم في دمشق. ثم إن حلفاء نظام دمشق الراحل في لبنان ما زالوا يملكون أوراق قوّة، بينها تعطيل الانتخابات الرئاسية منذ 26 شهراً وتقويض كل محاولات بناء الدولة وفتح ورشة الإصلاح.

غير أن المتغيّرات في سوريا، وفي المنطقة، لا بدّ أن تؤسس لواقع لبناني جديد. ووفق النائب السابق سُعَيد: «إذا كان شعارنا في عام 2005 لبنان أولاً، يجب أن يكون العنوان في عام 2024 هو الدستور أولاً»، لافتاً إلى أن «الفارق بين سوريا ولبنان هو أن سوريا لا تملك دستوراً وهي خاضعة فقط للقرار الدولي 2254. في حين بالتجربة اللبنانية يبقى الدستور اللبناني ووثيقة الوفاق الوطني المرجعَين الصالحَين لبناء الدولة، وهذا هو التحدي الأكبر في لبنان».

وشدّد، من ثم، على ضرورة «استكمال بناء المؤسسات الدستورية، خصوصاً في المرحلة الانتقالية التي تمرّ بها سوريا»، وتابع: «وفي حال دخلت سوريا، لا سمح الله، في مرحلة من الفوضى... فنحن لا نريد أن تنتقل هذه الفوضى إلى لبنان».

العودة للحضن العربي

من جهة ثانية، يحتاج لبنان في المرحلة المقبلة إلى مقاربة جديدة عمّا كان الوضع عليه في العقود السابقة. ولا يُخفي السياسي اللبناني الدكتور خلدون الشريف، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن لبنان «سيتأثّر بالتحوّلات الكبرى التي تشهدها المنطقة، وحتميّة انعكاس ما حصل في سوريا على لبنان». ويلفت إلى أن «ما حصل في سوريا أدّى إلى تغيير حقيقي في جيوبوليتيك المنطقة، وسيكون له انعكاسات حتمية، ليس على لبنان فحسب، بل على المشرق العربي والشرق الأوسط برمته أيضاً».

الاستحقاق الرئاسي

في سياق موازٍ، قبل 3 أسابيع من موعد جلسة انتخاب الرئيس التي دعا إليها رئيس مجلس النواب نبيه برّي في التاسع من يناير (كانون الثاني) المقبل، لم تتفق الكتل النيابية حتى الآن على اسم مرشّح واحد يحظى بأكثرية توصله إلى قصر بعبدا.

وهنا، يرى الشريف أنه بقدر أهمية عودة لبنان إلى موقعه الطبيعي في العالم العربي، ثمّة حاجة ماسّة لعودة العرب إلى لبنان، قائلاً: «إعادة لبنان إلى العرب مسألة مهمّة للغاية، شرط ألّا يعادي أي دولة إقليمية عربية... فلدى لبنان والعرب عدوّ واحد هو إسرائيل التي تعتدي على البشر والحجر». وبغض النظر عن حتميّة بناء علاقات سياسية صحيحة ومتكافئة مع سوريا الجديدة، يلفت الشريف إلى أهمية «الدفع للتعاطي معها بإيجابية وانفتاح وفتح حوار مباشر حول موضوع النازحين والشراكة الاقتصادية وتفعيل المصالح المشتركة... ويمكن للبلدين، إذا ما حَسُنت النيّات، أن يشكلّا نموذجاً مميزاً للتعاون والتنافس تحت سقف الشراكة».

يحتاج لبنان في المرحلة المقبلة إلى مقاربة جديدة

النهوض الاقتصادي

وحقاً، يمثّل الملفّ الاقتصادي عنواناً رئيساً للبنان الجديد؛ إذ إن بناء الاقتصاد القوي يبقى المعيار الأساس لبناء الدولة واستقرارها، وعودتها إلى دورها الطبيعي. وفي لقاء مع «الشرق الأوسط»، قال الوزير السابق محمد شقير، رئيس الهيئات الاقتصادية في لبنان، إن «النهوض الاقتصادي يتطلّب إقرار مجموعة من القوانين والتشريعات التي تستجلب الاستثمارات وتشجّع على استقطاب رؤوس الأموال، على أن يتصدّر الورشة التشريعية قانون الجمارك وقانون ضرائب عصري وقانون الضمان الاجتماعي».

شقير يشدّد على أهمية «إعادة هيكلة القطاع المصرفي؛ إذ لا اقتصاد من دون قطاع مصرفي». ويشير إلى أهمية «ضبط التهريب على كل طول الحدود البحرية والبرّية، علماً بأن هذا الأمر بات أسهل مع سقوط النظام السوري، الذي طالما شكّل عائقاً رئيساً أمام كل محاولات إغلاق المعابر غير الشرعية ووقف التهريب، الذي تسبب بخسائر هائلة في ميزانية الدولة، بالإضافة إلى وضع حدّ للمؤسسات غير الشرعية التي تنافس المؤسسات الشرعية وتؤثر عليها».

نقطة جمارك المصنع اللبنانية على الحدود مع سوريا (آ ف ب)

لبنان ودول الخليج

يُذكر أن الفوضى في الأسواق اللبنانية أدت إلى تراجع قدرات الدولة، ما كان سبباً في الانهيار الاقتصادي والمالي، ولذا يجدد شقير دعوته إلى «وضع حدّ للقطاع الاقتصادي السوري الذي ينشط في لبنان بخلاف الأنظمة والقوانين، والذي أثّر سلباً على النمو، ولا مانع من قوننة ليعمل بطريقة شرعية ووفق القوانين اللبنانية المرعية الإجراء». لكنه يعبّر عن تفاؤله بمستقبل لبنان السياسي والاقتصادي، قائلاً: «لا يمكن للبنان أن ينهض من دون علاقات طيّبة وسليمة مع العالم العربي، خصوصاً دول الخليج... ويجب أن تكون المهمّة الأولى للحكومة الجديدة ترسيخ العلاقات الجيّدة مع دول الخليج العربي، ولا سيما المملكة العربية السعودية التي طالما أمّنت للبنان الدعم السياسي والاقتصادي والمالي».

ضبط السلاح

على صعيد آخر، تشكّل الملفات الأمنية والعسكرية سمة المرحلة المقبلة، بخاصةٍ بعد التزام لبنان فرض سلطة الدولة على كامل أراضيها تطبيقاً للدستور والقرارات الدولية. ويعتبر الخبير العسكري والأمني العميد الركن فادي داوود، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «تنفيذ القرار 1701 ومراقبة تعاطيها مع مكوّنات المجتمع اللبناني التي تحمل السلاح، هو التحدّي الأكبر أمام المؤسسات العسكرية والأمنية». ويوضح أن «ضبط الحدود والمعابر البرية مع سوريا وإسرائيل مسألة بالغة الدقة، سيما في ظل المستجدات التي تشهدها سوريا، وعدم معرفة القوة التي ستمسك بالأمن على الجانب السوري».

مكافحة المخدِّرات

وبأهمية ضبط الحدود ومنع الاختراق الأمني عبرها، يظل الوضع الداخلي تحت المجهر في ظلّ انتشار السلاح لدى معظم الأحزاب والفئات والمناطق اللبنانية، وهنا يوضح داوود أن «تفلّت السلاح في الداخل يتطلّب خطة أمنية ينفّذها الجيش والأجهزة الأمنية كافة». ويشرح أن «وضع المخيمات الفلسطينية يجب أن يبقى تحت رقابة الدولة ومنع تسرّب السلاح خارجها، إلى حين الحلّ النهائي والدائم لانتشار السلاح والمسلحين في جميع المخيمات»، منبهاً إلى «معضلة أمنية أساسية تتمثّل بمكافحة المخدرات تصنيعاً وترويجاً وتصديراً، سيما وأن هناك مناطق معروفة كانت أشبه بمحميات أمنية لعصابات المخدرات».

حقائق

علاقات لبنان مع سوريا... نصف قرن من الهيمنة

شهدت العلاقات اللبنانية - السورية العديد من المحطات والاستحقاقات، صبّت بمعظمها في مصلحة النظام السوري ومكّنته من إحكام قبضته على كلّ شاردة وواردة. وإذا كان نفوذ دمشق تصاعد منذ دخول جيشها لبنان في عام 1976، فإن جريمة اغتيال الرئيس اللبناني المنتخب رينيه معوض في 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 1989 - أي يوم عيد الاستقلال - شكّلت رسالة. واستهدفت الجريمة ليس فقط الرئيس الذي أطلق مرحلة الشروع في تطبيق «اتفاق الطائف»، وبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها وحلّ كل الميليشيات المسلّحة وتسليم سلاحها للدولة، بل أيضاً كلّ من كان يحلم ببناء دولة ذات سيادة متحررة من الوصاية. ولكنْ ما إن وُضع «اتفاق الطائف» موضع التنفيذ، بدءاً بوحدانية قرار الدولة، أصرّ حافظ الأسد على استثناء سلاح «حزب الله» والتنظيمات الفلسطينية الموالية لدمشق، بوصفه «سلاح المقاومة لتحرير الأراضي اللبنانية المحتلّة» ولإبقائه عامل توتر يستخدمه عند الضرورة. ثم نسف الأسد «الأب» قرار مجلس الوزراء لعام 1996 القاضي بنشر الجيش اللبناني على الحدود مع إسرائيل، بذريعة رفضه «تحويل الجيش حارساً للحدود الإسرائيلية».بعدها استثمر نظام دمشق انسحاب الجيش الإسرائيلي من المناطق التي كان يحتلها في جنوب لبنان خلال مايو (أيار) 2000، و«جيّرها» لنفسه ليعزّز هيمنته على لبنان. غير أنه فوجئ ببيان مدوٍّ للمطارنة الموارنة برئاسة البطريرك الراحل نصر الله بطرس صفير في سبتمبر (أيلول) 2000، طالب فيه الجيش السوري بالانسحاب من لبنان؛ لأن «دوره انتفى مع جيش الاحتلال الإسرائيلي من جنوب لبنان».مع هذا، قبل شهر من انتهاء ولاية الرئيس إميل لحود، أعلن نظام بشار الأسد رغبته بالتمديد للحود ثلاث سنوات (نصف ولاية جديدة)، ورغم المعارضة النيابية الشديدة التي قادها رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري، مُدِّد للحود بالقوة على وقع تهديد الأسد «الابن» للحريري ووليد جنبلاط «بتحطيم لبنان فوق رأسيهما». وهذه المرة، صُدِم الأسد «الابن» بصدور القرار 1559 عن مجلس الأمن الدولي، الذي يقضي بانتخاب رئيس جديد للبنان، وانسحاب الجيش السوري فوراً، وحلّ كل الميليشيات وتسليم سلاحها للدولة اللبنانية. ولذا، عمل لإقصاء الحريري وقوى المعارضة اللبنانية عن السلطة، وتوِّج هذا الإقصاء بمحاولة اغتيال الوزير مروان حمادة في أكتوبر (تشرين الأول) 2004، ثمّ باغتيال رفيق الحريري يوم 14 فبراير (شباط) 2005، ما فجّر «ثورة الأرز» التي أدت إلى انسحاب الجيش السوري من لبنان يوم 26 أبريل (نيسان)، وتبع ذلك انتخابات نيابية خسرها حلفاء النظام السوري فريق «14 آذار» المناوئ لدمشق.تراجع نفوذ دمشق في لبنان استمر بعد انسحاب جيشها بضغط أميركي مباشر. وتجلّى ذلك في «الحوار الوطني اللبناني»، الذي أفضى إلى اتخاذ قرارات بينها «ترسيم الحدود» اللبنانية السورية، وبناء علاقات دبلوماسية مع سوريا وتبادل السفراء، الأمر الذي قبله بشار الأسد على مضض. وأكمل المسار بقرار إنشاء محكمة دولية لمحاكمة قتلة الحريري وتنظيم السلاح الفلسطيني خارج المخيمات - وطال أساساً التنظيمات المتحالفة مع دمشق وعلى رأسها «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة» - وتحرير المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية. حرب 6002مع هذا، بعد الحرب الإسرائيلية على لبنان في يوليو (تموز) 2006، التي أعلن «حزب الله» بعدها «الانتصار على إسرائيل»، استعاد النظام السوري بعض نفوذه. وتعزز ذلك بسلسلة اغتيالات طالت خصومه في لبنان من ساسة ومفكّرين وإعلاميين وأمنيين - جميعهم من فريق «14 آذار» - وتوّج بالانقلاب العسكري الذي نفذه «حزب الله» يوم 7 مايو 2008 محتلاً بيروت ومهاجماً الجبل. وأدى هذا التطور إلى «اتفاق الدوحة» الذي منح الحزب وحلفاء دمشق «الثلث المعطِّل» في الحكومة اللبنانية، فمكّنهم من الإمساك بالسلطة.يوم 25 مايو 2008 انتخب قائد الجيش اللبناني ميشال سليمان رئيساً للجمهورية، وفي 13 أغسطس (آب) من العام نفسه عُقدت قمة لبنانية ـ سورية في دمشق، وصدر عنها بيان مشترك، تضمّن بنوداً عدّة أهمها: «بحث مصير المفقودين اللبنانيين في سوريا، وترسيم الحدود، ومراجعة الاتفاقات وإنشاء علاقات دبلوماسية، وتبنّي المبادرة العربية للسلام». ولكن لم يتحقق من مضمون البيان، ومن «الحوار الوطني اللبناني» سوى إقامة سفارات وتبادل السفراء فقط.ختاماً، لم يقتنع النظام السوري في يوم من الأيام بالتعامل مع لبنان كدولة مستقلّة. وحتى في ذروة الحرب السورية، لم يكف عن تعقّب المعارضين السوريين الذي فرّوا إلى لبنان، فجنّد عصابات عملت على خطف العشرات منهم ونقلهم إلى سوريا. كذلك سخّر القضاء اللبناني (خصوصاً المحكمة العسكرية) للتشدد في محاكمة السوريين الذين كانوا في عداد «الجيش السوري الحرّ» والتعامل معهم كإرهابيين.أيضاً، كان للنظام السوري - عبر حلفائه اللبنانيين - الدور البارز في تعطيل الاستحقاقات الدستورية، لا سيما الانتخابات الرئاسية والنيابية وتشكيل الحكومات، بمجرد اكتشاف أن النتائج لن تكون لصالحهم. وعليه، قد يكون انتخاب الرئيس اللبناني في 9 يناير (كانون الثاني) المقبل، الاستحقاق الأول الذي يشهده لبنان من خارج تأثير نظام آل الأسد منذ نصف قرن.