انتهاء مغامرة «داعش» في الموصل

استعادة جامع النوري... والتحالف يتوقع تطهير المدينة بالكامل خلال أيام

صورة جوية تظهر مدى الدمار الذي لحق بمسجد النوري والأحياء المحيطة في مدينة الموصل القديمة (أ.ب)
صورة جوية تظهر مدى الدمار الذي لحق بمسجد النوري والأحياء المحيطة في مدينة الموصل القديمة (أ.ب)
TT

انتهاء مغامرة «داعش» في الموصل

صورة جوية تظهر مدى الدمار الذي لحق بمسجد النوري والأحياء المحيطة في مدينة الموصل القديمة (أ.ب)
صورة جوية تظهر مدى الدمار الذي لحق بمسجد النوري والأحياء المحيطة في مدينة الموصل القديمة (أ.ب)

بعد معارك استمرت لأكثر من ثمانية أشهر في غرب الموصل، التقت أمس القوات العراقية المتقدمة من المحاور المختلفة في وسط المدينة القديمة، وأعلنت سيطرتها على موقع جامع النوري الذي أعلن منه زعيم «داعش» أبو بكر البغدادي قبل ثلاث سنوات «خلافته» المزعومة؛ ما يضع حداً لمغامرة «داعش» في المدينة التي كانت بمثابة «عاصمته» في العراق.
وأعلنت السلطات، أن الموصل «باتت تحت السيطرة من الناحية العسكرية»، معتبرة من تبقوا من مسلحي التنظيم المحاصرين في المربع الأخير من الموصل القديمة «منتهيين»، وأن اليومين المقبلين سيشهدان إعلان «تحرير» المدينة رسمياً.
واستعادت قوات جهاز مكافحة الإرهاب السيطرة على موقع جامع النوري ومنارته الحدباء اللذين فجرهما «داعش» في 21 يونيو (حزيران) الحالي. وتمكنت القوات من الوصول إلى الجامع بعد معارك شرسة استمرت نحو أسبوع بينها وبين مسلحي التنظيم المتحصنين بين المدنيين في أزقة الموصل القديمة. وفرض حظر على دخول أرض المسجد بسبب الشكوك في أن المسلحين ربما زرعوا شراكاً خداعية.
وتمثل السيطرة على جامع النوري انتصاراً للقوات العراقية في معركة الموصل؛ إذ يحتل مكانة كبيرة لدى غالبية الموصليين. وكانت منارة الحدباء تعتبر رمزاً للمدينة؛ إذ طبعت على العملة الورقية العراقية من فئة عشرة آلاف دينار، ويصفها البعض ببرج بيزا العراقي، نسبة إلى البرج الإيطالي المائل. وظهرت أيضاً في علامات تجارية محلية وإعلانات عدة، وأعطت اسمها لعدد لا يحصى من المطاعم والشركات والنوادي الرياضية.
وقال قائد عمليات «قادمون يا نينوى»، الفريق الركن قوات خاصة عبد الأمير رشيد يار الله، في بيان، أمس: إن «قوات جهاز مكافحة الإرهاب استعادت السيطرة على جامع النوري ومنارته الحدباء وحي السرجخانة في المدينة القديمة». وأضاف أن «القوات تواصل التقدم لتحرير ما تبقى من مناطق الموصل القديمة والقضاء على مسلحي التنظيم».
واعتبر رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، أمس، أن «تفجير الدواعش لجامع النوري ومنارة الحدباء وإعادته اليوم إلى حضن الوطن، إعلان بانتهاء دويلة الباطل الداعشية».
وتوقع الناطق باسم التحالف الدولي الكولونيل الأميركي راين ديلون إتمام السيطرة الكاملة على المدينة «خلال أيام». وقال: إن الإعلان الرسمي عن استعادة الموصل «ستقوم به الحكومة العراقية. أنا لا أستطيع تحديد الموعد مكانها، إلا أنني أرى ذلك خلال أيام، وليس أسابيع».
وقال نائب رئيس لجنة الأمن والدفاع في مجلس محافظة نينوى، هاشم بريفكاني، لـ«الشرق الأوسط»: إن قوات مكافحة الإرهاب والشرطة الاتحادية التقت أمس في شارع المكاوي الذي يربط بين منطقتي الفاروق والسرجخانة في المدينة القديمة: «وهذا يعتبر تطوراً كبيراً في سير العمليات واقترابها من الحسم».
ودعا بريفكاني إلى إطلاق «عملية موسعة للقضاء على الخلايا النائمة» للتنظيم في المحافظة. وأوضح: «ستنتهي العمليات العسكرية في المحافظة قريباً، ويجب أن تبدأ بعدها فوراً المعركة الاستخباراتية ضد (داعش) لاقتلاع خلايا التنظيم من الجذور، وإلا فإن التنظيم سيعيد تنظيم نفسه، وسيظهرون بأسماء وأشكال وأهداف أخرى لضرب الأمن والاستقرار في المحافظة مجدداً».
وما زال أكثر من 300 مسلح من «داعش» يتحصنون بين المدنيين في مساحة من الأرض تبلغ نحو نصف كيلومتر مربع في المدينة القديمة المكتظة بالسكان، بعدما حولوا المدنيين المحيطين بهم إلى دروع بشرية؛ ما يجعل القوات تواصل التقدم بحذر للقضاء على المسلحين وتجنب الإصابات بين المدنيين.
واستعادت قوات الشرطة الاتحادية، أمس، السيطرة على كنيسة الساعة وجامع عمر الأسود في حي باب جديد في غرب الموصل. وقال الضابط في فرقة الرد السريع علي الجبوري لـ«الشرق الأوسط»: «تمكنت قطعاتنا من تحرير مستشفى البتول والمجمع الطبي في حي الشفاء، وحررت أكثر من 20 طفلاً، وقتلنا أكثر من 50 مسلحاً من (داعش)، غالبيتهم من الأجانب».
وذكر بيان للشرطة الاتحادية، أمس، أن «قطعات فرقة الرد السريع التابعة للشرطة الاتحادية كشفت شبكة أنفاق داخل المجمع الطبي في حي الشفاء، ودمرت ست عجلات مفخخة». ولفت إلى أن «الشرطة الاتحادية تمكنت من التقدم نحو 150 متراً مربعاً في حيي باب جديد وباب لكش في المدينة القديمة، وقتلت نحو ثمانية مسلحين من (داعش)، ودمرت ست دراجات نارية وسبع عجلات تابعة للتنظيم».
وتزامناً مع اقتراب العمليات العسكرية في الموصل من نهايتها، تستعد الدوائر الخدمية في المدينة لإعادة الخدمات الرئيسية التي دمرها «داعش»، ورفع الأنقاض من الشوارع استعداداً لعودة الحياة إليها وعودة المواطنين النازحين الذين اجتازت أعدادهم، بحسب إحصاءات رسمية، 800 ألف، غالبيتهم من النساء والأطفال.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.