مؤتمر في بروكسل يناقش أوضاع مسيحيي العراق في مرحلة «ما بعد داعش»

مؤتمر في بروكسل يناقش أوضاع مسيحيي العراق في مرحلة «ما بعد داعش»
TT

مؤتمر في بروكسل يناقش أوضاع مسيحيي العراق في مرحلة «ما بعد داعش»

مؤتمر في بروكسل يناقش أوضاع مسيحيي العراق في مرحلة «ما بعد داعش»

تعقد مجموعة من الشخصيات والقوى والأحزاب المسيحية العراقية مؤتمراً في العاصمة البلجيكية بروكسل برعاية من الاتحاد الأوروبي لمناقشة أوضاع المسيحيين في سهل نينوى بعد مرحلة القضاء على «داعش». ويبدأ المؤتمر غداً 28 يونيو (حزيران) ويستمر ليومين.
وقالت أطراف مسيحية إن شريحة واسعة من القوى المسيحية العراقية ستكون ممثلة في المؤتمر، وسط معارضة شديدة من «الحركة الآشورية الديمقراطية» بزعامة النائب والوزير السابق يونادم كنا. وأشارت أيضاً إلى عدم موافقة بطريرك الكلدان الكاثوليك في العراق لويس روفائيل الأول ساكو على المؤتمر.
ولا يثير التجمع المسيحي في بروكسل - باستثناء حساسيات داخل المكوّن المسيحي نفسه - الحساسيات ذاتها التي تثيرها مؤتمرات أطراف المكوّن السني العراقي. وعارضت جهات شيعية عدة مؤتمراً عقدته قوى سنية في بروكسل في مايو (أيار) الماضي، فيما لم يصدر عن الجهات ذاتها ما يشير إلى اعتراضها على مؤتمر القوى المسيحية الحالي.
وقال رئيس «كتلة الوركاء» النيابية جوزيف صليوة لـ«الشرق الأوسط» إن المؤتمر سينعقد برعاية الاتحاد الأوروبي وسيناقش أوضاع المسيحيين في عموم العراق، لكنه «يعطي الأولوية للمسيحيين في سهل نينوى». ولفت إلى أن غالبية الجهات المسيحية العراقية ستشارك فيه، إلى جانب أعضاء في الاتحاد الأوروبي والكونغرس الأميركي وبعض منظمات المجتمع المدني. وأوضح أن «النقطة المركزية في المؤتمر ستتناول موضوع خيارات سهل نينوى بعد مرحلة (داعش)، وهل ستكون (المنطقة) محافظة أم إدارة ذاتية؟ وفي الحالتين، ستتم مناقشة ارتباطها بالحكم المركزي في بغداد أم بإقليم كردستان». وأكد أن «الغالبية (المسيحية) مع الحكم الذاتي التابع للحكومة المركزية في بغداد».
وفي شأن القرار الذي صوّت عليه مجلس النواب في 4 أبريل (نيسان) الماضي ويحظر حضور أو مشاركة السياسيين أو المسؤولين في المؤتمرات داخل العراق وخارج العراق دون موافقة السلطات العراقية، لفت النائب صليوة إلى أن «المؤتمر وجّه دعوات حضور إلى مجلس النواب والحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستان، لذلك لا خوف من ضجة مماثلة لما حدث مع مؤتمر القوى السنية. هناك استجابة من إقليم كردستان، لكن الموقف في بغداد ما زال غامضاً».
وأشار صليوة إلى أن موقف البطريرك لويس ساكو المعارض لاجتماع بروكسل لا يؤثر كثيراً باعتبار أن «المسيحيين العراقيين لديهم مرجعيات بطريركية مختلفة، منها الكلدانية والآشورية والسريانية».
وذكر صليوة أن المؤتمر سيناقش «هموم المكوّن المسيحي في عموم العراق نتيجة الظلم الذي لحق به بعد عمليات الاستيلاء على عقارات المسيحيين في البلد كله، والقوانين غير المنصفة التي شُرّعت ضدهم، لكن الاهتمام سيتركّز على سهل نينوى لأن أعداد مسيحييه في تناقص بسبب الهجرة» التي تزايدت عقب استيلاء «داعش» عليه في العام 2014. ورأى أن «إنشاء منطقة آمنة للمسيحيين في سهل نينوى سيساعد أبناء هذا المكوّن على البقاء في العراق». وتوقّع نجاح المؤتمر في حال «صفت النيات وابتعدت عن المصالح الشخصية».
وانتقدت أطراف مسيحية يُفترض أن تشارك في مؤتمر بروكسل موقف الحركة الآشورية المعارض لإقامته، معتبرة أن «الحركة تمارس نوعاً من الديكتاتورية، وتسعى إلى احتكار قرار المكوّن المسيحي باعتبار تصدّرها لمشهده السياسي منذ عقود». واعتبرت مصادر معارضة للحركة الآشورية فضّلت عدم كشف هويتها لـ«الشرق الأوسط» أن الحركة تنطلق في رفضها للمؤتمر من دوافع «غير مرتبطة بمصالح المكوّن المسيحي».
في المقابل، انتقدت قيادات في الحركة الآشورية هي الأخرى المشاركين والداعين إلى مؤتمر بروكسل حول مستقبل مسيحيي العراق، ورأت أن هؤلاء «لم يحترموا الإرادة الحرّة لشعبنا الكلداني السرياني الآشوري، وتم توظيفه (المؤتمر) لأهداف حزبية وطائفية أكثر من هدف أن يكون في مصلحة أبناء سهل نينوى».
ونقل موقع «زوعا» التابع لـ«الحركة الآشورية الديمقراطية» عن القيادي فيها كلدو اوغنا قوله: «لم نتفق على أسلوب تعاملهم مع أحزاب شعبنا، ومنذ البداية كان هناك بعض التسويف لقضية مستقبل المسيحيين من خلال السعي إلى حشر وإشراك بعض العناوين التي ليس لها حضور على الساحة القومية، واختُلقت مؤخراً لزرع الفتنة المذهبية وضرب وحدتنا القومية». واعتبر أن «أوراق المؤتمر لا تتفق ومطالب أحزاب شعبنا في ورقة المطالب القومية المشتركة والموقعة من قبل عشرة أحزاب في مارس (آذار) الماضي والتي كان من أهمها تفعيل قرار استحداث محافظة سهل نينوى».
وكان زعيم «الحركة الآشورية الديمقراطية» يونادم كنا حضر مطلع يونيو الجاري، مؤتمراً في بروكسل لمناقشة أوضاع نينوى ما بعد «داعش» برعاية من التحالف الاشتراكي الديمقراطي الأوروبي وحزب الشعب الأوروبي وبمشاركة ممثل للأمين العام للأمم المتحدة وممثلة بعثة «يونامي» في العراق ليز غراند (منسقة الشؤون الإنسانية).



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».